القارة الإفريقية في مرمى سهام التنظيمات الإرهابية
ينتشر الإرهاب باستمرار في منطقة الساحل الإفريقي من جنوب الجزائر حتى جمهورية النيجر، التي تحكمها طغمة عسكرية، مروراً ببوركينا فاسو ومالي وموريتانيا. ولا تتناول وسائل الإعلام الأوروبية هذا الموضوع، إلا عندما يُحتجز الزوار الغربيون إلى المنطقة كرهائن. وكان آخر ضحايا حوادث الاختطاف هذه الفرنسي ميشال جرمانو قبل أسابيع قليلة، ثم قتله خاطفوه. لكن الناس الذين يسكنون هذه المنطقة يعتبرون في المقام الأول رهائن أيضاً، فالكثير منهم يعتاشون من التجارة منذ قرون، في العقود الأخيرة من حركة السياحة. لكن الإرهاب الجديد بات تسلبهم موارد رزقهم.
تحذيرات من السفر إلى المنطقة
يعتبر الطوراق شعب صحراوي عزيز النفس، وبلثامهم الأزرق البراق أو الأبيض يقدمون صورة دعائية جذابة لمنطقة الصحراء الكبرى التي يعيشون بها، لكن هذا الأمر تغير في السنوات القليلة المنصرمة. ففي الوقت الراهن أصابت حركة السياحة في الصحراء الكبرى حالة من الشلل، إذ إن الوضع الأمني السيئ وحوادث اختطاف السياح الغربيين وقتلهم كانت مادة لعناوين الصحف وسبباً في إطلاق تحذيرات من السفر إلى المنطقة.
وهكذا سلبت نتائج انتشار الإرهاب في المنطقة أسباب عيش الكثير من الأشخاص في شمال النيجر ومنطقة أغاديس، كما يقول الطوارقي مانو آغالي. ويضيف قائلاً: "يوجد الكثير من الأشخاص هنا، الذين يعتاشون من السياحة كالبائعين والمرشدين السياحيين في المقام الأول. إن ما يُسمى بانتفاضة 2007 ونتائجها كانت صدمة حقيقية بالنسبة لهم. فليس أمام هؤلاء الأشخاص إلا إمكانيات محدودة للعمل في شيء آخر. وأغلب هؤلاء الأشخاص لم يشترك في الانتفاضة أو في القتال. والآن فهم يعيشون في أغاديس من دون أي عمل يُذكر".
إن ما يسميه مانو آغالي بـ"الانتفاضة الثانية"، بدأ في عام 2007 حين شُنت هجمات دموية على قوات الشرطة ومواقع الجيش، ونشبت مواجهات مسلحة بين المتمردين وقوات الجيش، وسادت حالة من انعدام الأمن في شمال النيجر.
محرك العنف
لكن هذه الانتفاضة، التي وصفتها من الحكومة على أنه تمرد الطوارق، كانت تختلف عن سابقاتها، التي قاتل فيها الطوارق من أجل إجراء تحسينات في منطقتهم ومن أجل المزيد من المشاركة. أما الموجة الجديدة من العنف، التي بدأت في عام 2007، لم تكن مرتبطة إطلاقاً بأي غاية سياسية للطوارق، كما يؤكد آغالي. ويضيف قائلاً: "إن المحركين الحقيقيين للصراع لم يكونوا من الطوارق، وإنما أولئك الأشخاص الذين أرادوا الانتفاع من تجارة المخدرات والسلاح في المنطقة. وجعلوا من قضية الطوارق ستاراً لنشاطاتهم. وكانوا يحتمون دائماً خلف الشعار نفسه: فلنقاتل من أجل قضية الطوارق! فلنقاتل من أجل قضية منطقة أغاديس!".
وبوصفه برلمانياً ينشط آغالي في الدفاع عن هذه القضية بالتحديد وكذلك باعتباره مؤسساً لمنظمة هيدتامات HEDTAMAT غير الحكومية يطمح آغالي أن يفتح أمام الطوارق في بلده فرصاً للتعليم وإلى تطوير المنطقة بأسرها. كما أنه ينشط منذ سنوات من أجل زيادة تمثيل أبناء شعبه في البرلمان والمؤسسات والأحزاب السياسية. وهذا الهدف، المتمثل في الرفع من مستوى منطقة عيش الطوارق وغاياتهم، لم يكن وراء ما حدث عام 2007 مطلقاً، كما يرى آغالي، وهو في منتصف العقد الرابع من العمر. وبالنسبة له كان التصعيد أكبر هزيمة لأبناء شعبه ولبلده عموماً. وفي هذا السياق يضيف آغالي قائلاً: "باتت المنطقة بأسرها منعدمة الأمن، فالمقاتلون السابقون ما يزالون موجودين. إن الوضع في المنطقة مهدداً، وهناك أطراف فاعلة أخرى آخذة بالانتشار".
شبكات إرهابية في مختلف مناطق إفريقيا
ولكن من هي هذه الأطراف الفاعلة الأخرى؟ ينشط في الوقت الراهن في القارة الإفريقية بأسرها الكثير من المتطرفين الإسلامويين من مختلف الأطياف، وفي الأسابيع والأشهر الماضية قامت جملة من هذه المجاميع بأعمال إرهابية. وعلى امتداد منطقة الساحل الإفريقي، من جنوب الجزائر حتى النيجر، نتشر مجاميع صغيرة تابعة لتنظيم القاعدة في المغرب العربي حالة من انعدام الأمن منذ عام 2006. وفي شرق قارة إفريقيا باتت الدولة الصومالية المتعثرة تنتج أعداداً كبيرة من الإرهابيين الإسلامويين، وآخرها الهجمات الدموية في أوغندا، التي باتت مادة للكثير من الصحف. ومنذ خمسة أعوام ينشط مقاتلو جماعة تطلق على نفسها تسمية ـ"طالبان بوكو حرام"، والتي تعني بلغة الهوسا "منع التعليم الغربي". وبين ولاية باوتشي النيجيرية ومنطقة أغاديس في النيجر، والتي تنحدر منها أصول آغالي، تفصل منطقة تمتد على قرابة ألف كيومتر، وتعد أرض حرام يصعب السيطرة عليها.
ومن بين الجماعات الإرهابية في النيجر توجد الكثير، التي لا يتكلم أفرادها أي من اللغات المحلية، لأنهم قدموا من آسيا أو من مناطق أفريقية أخرى، كما يقول آغالي. لكن مقاتلين محليين التحقوا بهذه الجماعات أيضاً ووظفوا بعد عام 2007 مرة أخرى. آنذاك كانت الدعوة تقول "تعالوا نقاتل من أجل قضية الطوارق!"، بينما كان الأمر يتعلق بتجارة السلاح والمخدرات. أما اليوم فتتم دعوة الأشخاص نفسهم في المنطقة نفسها بعبارة "فلنقاتل باسم الإسلام!".
خارج نطاق السيطرة
تعد إفريقيا مكاناً مثالياً لحركة الإرهاب العالمي، لأن القاعدة تلجأ إلى دول مثل الصومال وأفغانستان وباكستان واليمن وتستغل غياب السلطة الناجم عن ضعف الدولة المركزية. وبذلك باتت مناطق واسعة من القارة خارجة عن السيطرة، ومفصولة عن المركز السياسية ومن دون قوات شرطة أو جيش. وهكذا أخذت القارة الإفريقية تصبح مكانا لاحتماء الإرهاب العالمي وقاعدة خلفية له.
ومن الأمور اللافتة للنظر هنا هو أن عدد الأعمال الإرهابية هناك تزاد في المناطق التي ينتشر فيها الفقر والتخلف، كشمال نيجيريا على سبيل المثال. فمن السهل في هذه المناطق كسب أنصار لهذه المجاميع الإرهابية. والآن، بفعل نتائج الإرهاب، باتت الفرص الوحيدة بتطور هذه المنطقة مهددة بالزوال. ومنذ الانقلاب العسكري في النيجر قبل أشهر قليلة تم إيقاف التعاون الإنمائي الرسمي. وحتى عمل منظمة آغالي، منظمة هيدتامات HEDTAMAT غير الحكومية، باتت مهددة. لكن غياب مثل هذه المنظمات سيزيد من حجم الفقر وبالتالي مخاطر التطرف أيضاً.
أوته شيفر
ترجمة: عماد مبارك غانم
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010
قنطرة
"تعرية ابن لادن" للكاتب محمد سيفاوي:
الفكاهة سلاح جديد لمحاربة الفكر القاعدي!
يوظف محمد سيفاوي الإعلامي الجزائري الذي يعد خبيرا بأيدلوجيات الإسلام الراديكالي من خلال كتابه "تعرية ابن لادن" سلاح الدعابة والفكاهة لمحاربة الإرهاب الإسلاموي مستعينا بذلك بالأنماط المعادية للإسلام. يوسف كريترو يعرفنا بهذا الكتاب.
استراتيجية تنظيم القاعدة الإعلامية على الإنترنت:
منبر للدعاية وحلقة للتواصل
على الرغم من الأيدلوجية المتطرفة التي ينتهجها تنظيم القاعدة والتي تقوم على التكفير والإرهاب والقتل، إلا أن التنظيم أحسن استخدام الانترنت في توظيفها للتواصل بين عناصره وتوجيه الإرشادات وجعل منها ساحة للتنظير لأفكاره المتطرفة. تقرير من ألفريد هاكنسبيرغر.
المشهد الإسلاموي في الجزائر:
الجماعات المسلحة بين الاستقلالية والولاء لتنظيم "القاعدة"
إطفائي يحاول إطفاء سيارة مشتعلة بعد الاعتداءات في الجزائر العاصمة في 11 أبريل/نيسان 2007 جاءت الاعتداءات التي وقعت مؤخرا في الجزائر العاصمة بمثابة دليل جديد على وجود تجمع إسلاموي في شمال أفريقيا يشكل مزيجا بين الإرهاب المطعم سياسيا وأشكال الجريمة العادية. مقال بقلم إيريك غوير