"نكتب للأطفال لنبني جيل المستقبل"
الشاعر التونسي صلاح الدين الحمادي، تأتي زيارتك هذا العام إلى ألمانيا للمشاركة في مؤتمر للتشجيع على القراءة، بالإضافة إلى عرض كتاب الأطفال المكتوب باللغتين العربية والألمانية. ما أهمية هذه المشاركة خاصة وأن الدول العربية تشارك لأول مرة في مثل هذا المؤتمر؟
صلاح الدين الحمادي: أعتبر هذا المؤتمر طريفا ً من حيث الهدف والاسم. فالكتاب يكاد يكون في عصر التطور التكنلوجي والثورة المعلوماتية ثانويا في مختلف القارات وعند مختلف الشعوب. وتكمن أهمية هذا المؤتمر في محاولة تقريب الناس من الكتاب، وتشجيعهم على القراءة و كذلك تناول الكتاب من الجانب النقدي. وأود أن أشير هنا إلى أن هذا المؤتمر يعقد منذ 15 عاما، وبعد أن كان إقليميا ً تحول إلى مؤتمر دولي منذ ثماني سنوات، ويهمنا في هذا المجال تمثيل العرب لأول مرة فيه من خلال حضوري ممثلا عن تونس وكذلك ماهر فاخوري ممثلا عن فلسطين.
ألفت عدة كتب للأطفال بالعربية، لكن هذه المرة جاء كتاب (آنا وأحمد) باللغتين العربية والألمانية، ما هو الهدف من هذا العمل المشترك؟
الحمادي: الفائدة مزدوجة، فمن ناحية هو تكملة لمخطط الكتابة للأطفال الذي بدأته منذ سنوات، ولكنه يصدر هذه المرة على غير عادته بلغتين، أي أن المضمون بين دفتيه مكتوب باللغتين العربية والألمانية، وهو يتناول قضية حساسة في هذا الزمن بالذات، ألا وهي قضية التقارب بين الحضارات والثقافات وتقوية الحوار بين مختلف الشعوب، واخترت مع الكاتب الألماني يورجن يانكوفسكي موضوعا ً مهما يتعلق بكل جوانب حياة الجالية العربية التي تعيش في أوروبا أو تلك التي تتطلع للعيش فيها. ويدل عنوان الكتاب "آنا وأحمد" على مضمونه. وحاولنا أن نعالج هذه القضايا الاجتماعية بشكل بريء ومنظور طفولي، لأننا نعتقد أن الكلام الذي يغوص في التحليل ويعتمد على كلمات ومعان كبيرة يمكن أن يأوّل بمختلف التأويلات. ونحن نرتئي أن الكتابة للأطفال يمكن أن تعالج قضايا تهم الكبار.
ما هي الاختلافات التي برزت في كتاب "آنا وأحمد"، أو ما هو الشيء الذي يميزه عن غيره من كتب الأطفال؟
الحمادي: يكمن الاختلاف في أن مضمون قصص الأطفال يكون عادة مليئا ً بالخيال القريب إلى القصص الأسطورية. والسرد الأسطوري يهدف عادة إلى شد الطفل وتشويقه لمواصلة القراءة. أما هذه المرة وإن كان المضمون خياليا لكنه قريب جدا من الواقع، حيث يمكن أن يعيشه الطفل في تونس أو ألمانيا أو في أي قطر غربي آخر.
إلى أي مدى يمكن أن يدعم هذا العمل التقارب العربي الألماني بشكل عام، وإلى أي مدى يساهم هذا العمل في حوار الثقافات؟
الحمادي: في غالب الأحيان يكون الكبار قد اتخذوا موقفهم من معظم القضايا وفي اتجاه محدد. ويأتي هذا الكتاب كمحاولة للوصول إلى الأطفال بوصفهم أجيال المستقبل، حيث يمكننا أن نغير ولو بشكل بسيط في نظرة كلا الطرفين إلى الآخر.
لماذا توجهت إلى كتب الأطفال ولم تبدأ بكتب الكبار على هذا الصعيد؟
أعتقد أن التوجه للكبار يكون مهمة الباحثين والمحللين الذين يهتمون بقضايا تشغل الانسان المعاصر، ولكني أؤمن بأن التوجه إلى الأطفال يُؤسس للمستقبل خاصة إذا بنينا الأطفال بناء سليما وصحيحا يخدم قضايا السلم والانسانية عموما.
ما مدى اهتمام العالم العربي بأدب الأطفال؟
الحمادي: أعتقد أن العالم العربي لا زال متأخرا فيما يتعلق بأدب الأطفال، وكذلك في اهتمامه بالكتاب وقضاياه بشكل عام. وفي محاضرة كنت قد ألقيتها قبل خمس سنوات وأثناء بحثي في المجلات المختصة وجدت أن ما ينتجه العالم العربي من كتب سنويا لا يرقى إلى ما تنتجه إسبانيا بمفردها، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار مقارنة اسبانيا بالدول الأخرى، والفارق في ازدياد. والكتاب في تراجع في العالم، لكنه في العالم العربي يكاد يكون معدوما، فالكاتب المعروف يكتفي بطباعة ألف نسخة من كتابه في أحسن الأحوال، ولا توزع بالشكل الكافي، لكن في أوروبا مثلا يطبع الكتاب بعشرات آلاف النسخ، وأحيانا بملايين النسخ.
هذا إلى جانب أن العالم العربي لا زال يخطو خطواته الأولى على مستوى الترجمة والاطلاع على الآداب الأخرى. وإذا نظرنا إلى أوروبا سنجد أن ألمانيا هي الدولة الأولى من حيث ترجمة الكتب من اللغات الأجنبية إلى الألمانية. وإذا قارنا ألمانيا بعدد سكان العالم العربي أو الناطقين بالعربية سنجد أن الهوة كبيرة وشاسعة جدا.
يعتبر الكثيرون أن المجتمع العربي لا يقرأ، وأنه إذا قرأ لا يفهم وإذا فهم لا يفعل شيئا، ما تعليقك على هذه المقولة؟
الحمادي: المشكلة أننا نعرف الداء ولا نضع اصبعنا عليه، ولا نحاول العلاج. وإذا نظرنا إلى العالم العربي ونسبة الإنفاق فيه على الرياضة والموسيقى والترف، مع عدم التقليل من شأن هذه القضايا، نجد أن نسبتها مقارنة بالإنفاق على الأدب والكتاب عالية جدا، والمؤسف أن إنفاق العرب على الغناء الهابط تفوق أضعاف الإنفاق على الكتاب، ولو أُنفق ذلك في مجال التعليم، لكان حالنا أفضل بكثير.
ما هو الحل؟
الحمادي: ليس الحل سهلا ولكننا بحاجة الى تغيير في التفكير العربي، أي تغيير العقلية العربية وذلك باستهداف الناشئة، أي من الطفولة. ولذلك توجهت للكتابة للأطفال، وحل هذه المشكلة هو تراكمي، فنحن بحاجة إلى سنوات وأجيال حتى نغرس هذه المسائل في أذهان الأطفال ليكبروا بها وقد نتوصل بعد أجيال إلى عقلية عربية تفوق ما هو عليه حال الأمة الآن.
أشار تقرير تنمية الثقافة العربية الذي صدر منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني إلى أن نسبة القراءة في الوطن العربي لا تتعدى 4 في المائة، ما هي الأسباب وراء ذلك؟
الحمادي: الأسباب متعددة وأهمها توزيع الكتاب، فلا يعمل على توزيع الكتاب وإيصاله للقارئ العربي أينما كان، إضافة لذلك ارتفاع سعر الكتاب. وينسى كثير من الناشرين في الوطن العربي مهمتهم التي تتمحور في إيصال الفكر للإنسان العربي ليتحولوا إلى تجار وسماسرة مما يرفع سعر الكتاب ويصبح من غير المقدور على المواطن توفير المال لشرائه.
زاهي علاوي
قنطرة 2008
الشاعر صلاح الدين الحمادي، مواليد 1966 في احدى مدن تونس الساحلية، عضو في هيئة اتحاد الكتاب التونسيين منذ عام 2000 ويشغل منذ ثلاثة أعوام السكرتير العام لاتحاد الكتاب التونسيين. وفي عام 2001 أصدر مع مجموعة من الشعراء مجموعة شعرية بعنوان "الملاعين الطيبين". وفي الوقت نفسه عكف على تأليف كتب الأطفال وأصدر مجموعة تحت عنوان "سلسلة الوعي المبكر" وبدأها "بجالب المطر" وليؤلف بعدها "كنز الأحلام" و"الشجرة المتكبرة".
قنطرة
الكاتب الروائي سليم الأفنيش:
قصص للأطفال من ألف ليلة وليلة
يعيش البدوي الفلسطيني سليم الأفنيش منذ عدّة أعوام في مدينة هايدلبيرغ الألمانية وهو يكتب باللغة الألمانية قصصًا وحكايات للأطفال وللكبار، حيث ترجمت أعماله إلى لغات عدة ما عدا العربية. بيتر فيليب يعرِّفنا بهذا الروائي وبخواص أدب الأطفال العربي.
عن الأدب العربي باللغة الألمانية:
تاريخ موجز للأدب العربي من الجاهلية حتى الآن
ليست الباحثة فيبكة فالتر أول من يكتب عرضا شاملا للآداب العربية باللغة الألمانية، لكنها رغم ذلك تسد ثغرة واضحة في هذا المجال. عرض سوزانة إندرفيتس
عباس بيضون:
المطلوب أجوبة صريحة
استضافة الجامعة العربية في معرض فرانكفورت خطوة أخرى في الحوار العربي-الألماني الجاري منذ سنوات بشكل مكثف على مستويات عديدة. تحدث يوسف حجازي مع الكاتب والصحفي اللبناني عباس بيضون عن رؤيته لمجرى الحوار وعن تقييمه لنتائج المشاركة العربية في فرانكفورت