معرض عن الفيلسوف ابن ميمون
حياة وأعمال ابن ميمون، المثقف المعترف به في الأوساط الإسلامية والمسيحية واليهودية، هما موضوع معرض ينظمه المتحف اليهودي في فرانكفورت بمناسبة الذكرى الثمانمائة لوفاة الفيلسوف وكمساهمة في معرض الكتاب لهذا العام، الذي استضاف العالم العربي
ولد ابن ميمون في قرطبة قرابة عام 1135 م وتوفي في القاهرة في العام 1204 م، كتب بالعبرية نصوصاً للتشريع الديني وله بالعربية كتابات فلسفية – لاهوتية عدة. وكان لاجئاً سياسياً وطبيباً في بلاط صلاح الدين. عرض هذا العالِم اليهودي الفلسفة الافلاطونية والارسطوطالية بمفاهيم عربية، وكان متأثراً بالفلسفة الإسلامية في القرون الوسطى.
ومن خلال تأويلاته أحرز التشريع اليهودي بدوره على صلاحيته القانونية. اسمه العبري كان موشيه بن ميمون، وفي العالم اليهودي كان لقبه المُختَصَر رامْبَام (الحاخام موشيه بن ميمون)، اسمه بالعربية أبو عمران موسى بن ميمون القرطبي، والعلماء سموه باختصار الحاخام مويسيس، وفي الغرب عُرِفَ باسمه اللاتيني موسى مايمونيديس.
رئيس اليهود
تعتبر سيرته الذاتية نموذجا للخطر الدائم الذي يهدد الحياة اليهودية وللتعددية الثقافية في القرون الوسطى على حد سواء: فعلى الرغم من اضطراره للهرب مراراً، إلا أن هذا اليهودي الورع، كان في الواقع أيضاً شخصية تكاملية مرموقة في أوساط المثقفين المسلمين والمسيحين، تماما كما في أوساط الطائفة اليهودية.
في عام 1176 م نُصبَ ابن ميمون رئيسا لليهود، و كان بهذا مفسراً بارعاً للتشريع اليهودي، وقاضياً مَطلوباً – وكان لأحكامه القضائية تأثيراً بالغاً، تماماً كرسائله الوافرة حول موضوعات الهلاخا، وحول الموضوعات السياسية والثقافية. ولكن ابن ميمون كان يُعرّف نفسه كفيلسوف، حتى عندما كان ينشط بوضوح كقائد ديني.
أهم مؤلفاته اللاهوتية – الفلسفية "دلالة الحائرين"، الذي كتبه بالعربية قرابة عام 1190 م، وتُرجِمَ إلى العبرية واللاتينية؛ حيث طبع السياق اللاهوتي، والاستدلال الفلسفي بطابعه، وذلك برفعه الرسالة إلى شكل أدبي، وربطه الفكر الافلاطوني بالفكر اليهودي لانتظار المنقذ، وتطويره للنزوع الأرسطوطالي الطبيعي إلى نهج رئيسي للتأويل.
محطات حياته
حياة وأعمال ابن ميمون هما موضوع معرض صغير، ولكن غزير المعلومات، ينظمه المتحف اليهودي في فرانكفورت بمناسبة الذكرى الثمانمائة لوفاة الفيلسوف، وكمساهمة في معرض الكتاب لهذا العام، الذي استضاف العالم العربي.
يقدم المعرض صورا والواحا تبين المحطات الجغرافية لحياته: من قرطبة الأندلسية، المكان الذي نشأ فيه والذي اضطر إلى تركه هربا من غزو الموحدين؛ إلى فاس المغربية، حيث درس الطب والفلسفة؛ ومن ثم إلى عكا، المدينة التي هرب منها خوفا من التعصب المسيحي للصليبيين؛ ومنها إلى فسطاط المصرية والقاهرة، حيث أصبح طبيب بلاط السلطان، والأب الروحي والموجه الديني للطائفة اليهودية.
من أعمال ابن ميمون التي من الممكن معاينتها في المعرض: الطبعة العبرية لكتابه المؤلف بالعربية "مفاهيم المنطق"، نشر في عام 1761 م، وعلّق عليه موزيس مندلزون Moses Mendelssohn؛ وتعليقاً على الميشنا [وهي الشريعة المكررة أو الثابتة، والغاية من وضعها إيضاح البنود المُبهمة من الشريعة الموسوية وكشف الغموض الذي يكتنفه] نشر من عام 1386 م، وبإمكان المرء مشاهدة تلك الصفحات من التعليق التي عالج فيها ابن ميمون بناء هيكل سليمان، وطبعة من مدينة بازل لكتاب "دلالة الحائرين" بالترجمة اللاتينية "الحديثة" ليوهانيس بوكستورف Johannes Buxtorf من عام 1629 م.
بالإضافة إلى ذلك يتم عرض العديد من نماذج للأجهزة فلكية وطبية التي تعود للحقبة التي عاش فيها ابن ميمون، التي تعطينا فكرة عن ثقافته في العلوم الطبيعية وعن عمله كطبيب. إلا أن أبرز ما في المعرض هو بقايا لمخطوطة من التعليق على الميشنا، وقد كُتِبَت بيّد ابن ميمون نفسه، وعُثِر عليها في كنيس الكنيزة بالقاهرة في نهاية القرن التاسع عشر. بقايا هذه المخطوطة المكتوبة بالعربية لها أهمية خاصة لفقه اللغة، وذلك لأنها تختلف عن النسخة المتناقلة.
شتيفانا زابين، صدر المقال في صحيفة نيوه تسورشر تسايتونغ
ترجمة يوسف حجازي