"الاتحاد المتوسطي أضحى أسير الشروط المسبقة"
دعت ليبيا الدول العربية إلى عدم الانضمام إلى الاتحاد المتوسطي الذي خططت مشروعه فرنسا؟ فهل يمكن اعتبار هذه التصريحات الليبية إضعافًا لمشروع نيكولا ساركوزي؟
إيزابيله فيرينفيلز: لم يعد هذا المشروع خاصًا بساركوزي وحده، بل أصبح مشروعًا يتبناه كلّ الاتحاد الأوروبي. ولمّا كان مشروعًا خاصًا فقط بساركوزي فقد ردَّت عليه ليبيا بشكل إيجابي جدًا، الأمر الذي فسَّره الكثير من المراقبين بأنَّ مشروع ساركوزي كان يعتبر "مشروع المشاريع" - ولم يكن يفرض أي شروط مُقيِّدة.
ومنذ منتصف شهر آذار/مارس أطلق مشروع الاتحاد المتوسطي هذا لمتابعة عملية برشلونة بمؤسسات جديدة وكذلك بدوافع جديدة. لقد رفضت ليبيا حتى الآن المشاركة الفعلية في عملية برشلونة رفضًا مبدئيًا، إذ لم تشارك في هذه العملية إلاَّ بصفتها مراقبًا. لهذا السبب فإنَّ الرد الليبي هذا لا يشكِّل بالنسبة لي أي مفاجأة.
ما الفوائد التي يقدِّمها الاتحاد المتوسطي إلى دول جنوب وشرق حوض البحر الأبيض المتوسط؟ ولماذا إذن يعتبرها القذافي إهانة؟
فيرينفيلز: يصعب دائمًا إلى حدّ ما تفسير كيف يصل معمر القذافي إلى نتائجه وتفسيراته. أعتقد أنَّ ثمة مشكلة تتعلَّق بتطلعات القذافي السياسية، لاسيما أنَّ إسرائيل ستشارك أيضًا في هذا الاتحاد. ولكنني لا أستطيع أن أستوعب تمامًا لِمَ ينظر إلى ذلك على أنَّه إهانة، إلاَّ إذا كان القذافي يعني - وهو محقّ في هذا - أنَّ هذه العملية كانت تُسيَّر حتى الآن وبالدرجة الأولى من قبل الاتحاد الأوروبي.
ينبغي أن يتعلّق الأمر بمشروع تعاون - وعلى وجه التحديد أيضًا بشكل مرن ومجزّأ. هذا يعني أنَّ الدول المغاربية تستطيع التعاون مع الاتحاد الأوروبي أو كذلك فقط مع بعض الدول، وبهذا لن تشارك إسرائيل تلقائيًا في هذا التعاون، مثلما كان عليه الحال في عملية برشلونة عندما كان يتم التعاون على مستوى المنطقة كاملة.
وبالمناسبة هناك موضوعات تهم دول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط؛ ومن المفترض أن تقام مشاريع تركِّز كثيرًا على الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية - وبطبيعة الحال فإن هذه الموضوعات أضحت الآن في دائرة اهتمام الليبيين .
إنَّه لأمر إيجابي من وجهة نظر دول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط أن يتم الآن تقريبًا تشجيعها على الانخراط في مشاريع لا تشارك فيها كلّ الدول الواقعة على حوض البحر الأبيض المتوسط، أي أنَّ مشاركة إسرائيل فيها لن تكون الآن ضرورية - هذا يعني أنَّه من الممكن الالتفاف قليلاً على أزمة الشرق الأوسط.
لكن بطبيعة الحال من المفهوم أنَّ دول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط محقّة في قولها إنَّ أزمة الشرق الأوسط كانت تشكِّل في الأصل المشكلة الأساسية للتعاون والتي حالت دونه. يجب أن يتم حلّ هذه المشكلة. ولكن إذا انتظرنا حتى يتم حلّ هذه المشكلة من أجل توسيع التعاون بين أوروبا وجيرانها من الدول العربية، فعندها من الممكن بطبيعة الحال أن يستغرق هذا وقتًا طويلاً.
ما المنافع التي ترجوها الدول الأوروبية من الاتحاد المتوسطي؟
فيرينفيلز: لا تختلف الحال في آخر المطاف عما كانت عليه في عملية برشلونة. إذ يأمل المرء الآن أن يكون لديه حافز جديد من أجل التمكّن من متابعة المشاريع بشكل أكثر نجاحًا عما كانت عليه الحال حتى الآن - ومن خلال سبل عديدة منها أنَّه ينبغي أن لا يقتصر التعاون على الأموال العامة، بل يجب أن يمتد كذلك إلى الاستثمارات الخاصة .
والاتحاد الأوروبي يأمل أيضًا أن يتم الآن توسيع التعاون الذي كان حتى الآن ضمن إطار عملية برشلونة مخيِّبًا لآمال الكثير من الدول الأوروبية تمامًا مثلما خيَّب آمال الكثير من دول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط. وذلك على سبيل المثال بتحديد موضوعات من خلال مشاريع - وقبل كلِّ شيء مشاريع غير سياسية. أعتقد أنَّ هذا ضروري أيضًا بالنسبة لدول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط، وذلك لأنَّ هذه المشاريع غير مُقيَّدة بأي شروط. هذا يعني أنَّ الدول ستتعاون في مجالات تقنية وفي آخر المطاف سوف تُترك المسائل السياسية الشائكة خارج نطاق هذا التعاون.
أجرت الحوار: لينا هوفمان
ترجمة: رائد الباش
دويتشه فيله 2008
تعمل إيزابيله فيرينفيلز باحثة في فريق البحث الخاص بالشرق الأوسط وأفريقيا التابع للمعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية (SWP) في برلين.
قنطرة
اتحاد دول حوض البحر المتوسط:
الحلم الجديد بالدور الريادي القديم
اتفقت المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي على أن يحل "الاتحاد المتوسطي" محل التعاون القائم مع دول حوض البحر المتوسط المجاورة للاتحاد الأوروبي. رودولف شيمللي الخبير في شؤون الشرق الأوسط يوضح دلالات هذا الاتفاق في حوار مع عبد الرحمن عثمان.
إسطنبول وما بعد
الحوار الأطلسي- المتوسطي
مشروع "الشرق الأوسط الكبير" كانت إحدى المحاور الرئيسية في قمة حلف شمال الأطلسي الأخيرة في اسطنبول. الباحث توماس بابنروت يستعرض تاريخ الشراكة الأطلسية-المتوسطية ويطرح استراتيجيات العمل المستقبلية
الإتحاد المتوسطي" في خضم الخلافات:
الذاكرة المفقودة
يبدو واضحا الآنً أن المشروع الأورومتوسطي الذي تم الإعلان عنه في العام 1995 قد باء بالفشل، فثمة إشكاليات تواجهها أوروبا ودول جنوب حوض المتوسط في إيجاد إطار منطقي وفعال للحوار. تحلل كاترين كورنيه في هذا المقال العوامل الكامنة وراء ذلك.