"مؤتمر العلماء العالمي نحو حظر انتهاك جسد المرأة "

لأول مرة قام مفتي الجمهورية المصرية برعاية مؤتمر دولي عن ختان الإناث. وحضرت المؤتمر شخصيات دينية تتمتع بنفوذ كبير، وخرج المشاركون بالعديد من التوصيات ولكنهم لم يتفقوا إصدار فتوى تحرم الختان. تقرير نيللي يوسف

تجمع عدد كبير من علماء الدين الإسلامي والأطباء ورجال القانون وأعضاء بعض مؤسسات المجتمع المدني في قاعة المؤتمرات بجامعة الأزهر يومي 22 و23 / تشرين الثاني للحوار حول قضية ختان الإناث نظمته منظمة ترجت الألمانية الخيرية.

حمل المؤتمر عنوان "مؤتمر العلماء العالمي نحو حظر انتهاك جسد المرأة " وجاء تحت رعاية دار الإفتاء المصرية وفضيلة المفتي د. علي جمعة، وركز على رفض ختان الإناث من خلال وجهتي النظر الإسلامية والطبية.

وتوصل المشاركون إلى الإجماع بضرورة وقف عادة الختان لمخاطرها النفسية والجسدية والاقتصادية على المرأة. وأن ختان الإناث عادة قديمة مارسها بعض المسلمين في عدة أقطار تقليدا لهذه العادة دون استناد إلى نص قرآني أو حديث صحيح يحتج به.

نشر الوعي والتثقيف

كما ناشد المؤتمر المسلمين بأن يكفوا عن هذه العادة تماشيا مع تعاليم الإسلام التي تحرم إلحاق الأذى بالإنسان، وطالب الهيئات الإقليمية والدولية ببذل الجهد لتثقيف الناس وتعليمهم الأسس الصحية التي يجب أن يلتزموا بها إزاء المرأة حتى يقلعوا عن هذه العادة السيئة.

ومن التوصيات الأخرى التي خرج بها المؤتمر مطالبته من الهيئات التشريعية سن قانون يحرم ويجرم من يمارس عادة الختان الضارة فاعلا كان أو متسببا فيه.

الشيخ يوسف القرضاوي الذي أعلن في كلمته أنه كان يفضل أن تكون المؤتمرات التي تناقش أمرا اجتماعيا للمسلمين من تمويل إسلامي خالص منعا للشبهات، قال أنه لا يوجد في القرآن دليل واحد على الختان، إلا أن الأدلة الفقهية والطبية أجمعت على حتمية ختان الذكور فقط، بينما اختلف الفقهاء في ختان الإناث، ولم يجمعوا على استحبابه ولكنهم اختلفوا بين كونه واجبا أو مستحبا أو مكرمة.

وتطرقت أيضا كلمة الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف إلى أنه لم يرد نص ديني صريح يحتم إجراء عملية ختان الإناث، كما لم يثبت علميا أية فائدة منها.

وأفاد الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر إنه من الناحية الإسلامية وبعد قراءة وبحث لم يجد ما يطمئن إليه من وجوب ختان الإناث دينيا، ومن ثم فقد أرجع الدكتور طنطاوى المرجعية في مثل هذه الأمور إلى الأطباء، فإذا احتاجت فتاة ما إجراء عملية لإزالة شيئا زائدا لديها فهذا يرجع إلى رأى الأطباء.

ورغم اتفاق العلماء على نظرة الإسلام للختان، إلا أنهم لم يصدروا فتوى تحرم هذه الممارسة، والتي كانت ستساهم بشكل فعال في مكافحة ختان الإناث.

قرار بمنع الختان في المستشفيات الحكومية

ووجه محمد فريد مدير مشروع دعم الخدمات الإنجابية بوزارة الصحة المصرية الأنظار إلى الدراسات الحديثة تشير إلى أن 50% من تلميذات المدارس المصرية في الفترة العمرية ما بين 10 إلى 18 سنة تم ختانهن، وأن هذه النسبة موزعة بين الريف والحضر.

وتحدث عن أن وزارة الصحة أصدرت قرارا بمنع الختان في مستشفيات وزارة الصحة وأنها تعاقب أي طبيب يجرى الختان بمستشفياتها برغم أنه لا يوجد في مصر قانون يقف ضد هذه العادة إلا أنه يمكن تجريمه تحت قوانين أخرى تتعلق بالاعتداء على الجسد وإلحاق الضرر به.

وحدد عدة أسباب جعلت 75% من الأطباء يمارسون هذه العملية مثل وجود قناعة كاملة لدى كثير منهم بأن ختان الإناث هو الدين سواء كان الإسلامي أو المسيحي وجهل العديد من الأطباء بالأضرار الجسدية والجنسية والصحية التي تصيب الفتاة التي يتم ختانها.

وقالت د.آمنة نصير أستاذة الفلسفة الإسلامية أنها تعارض الختان منذ 25 عاما و تواجه معارضة شديدة حتى من أهلها. وعن ما إذا كان يجب قبول مساعدة بعض هذه المنظمات الغربية مثل منظمة ترجت التي تمول المؤتمر أكدت د.آمنة أنه لا مانع من أي مساندة تأتي في محاربة موروث ثقافي ضار جاء لنا قبل الإسلام وتم ربطه خطأ بالشريعة الإسلامية.

إلا أن بعض الحاضرين انتقدها لذلك معبرين عن أن هذه المنظمات لا تهدف للمساعدة فقط ولكنها تحمل أجندة سياسية تحاول بها اختراق الشريعة الإسلامية والطعن فيها".

تعاون مع المنظمات الإسلامية وليس ضدها

كما تحدث د. هيربرت كنتنش رئيس الأطباء في عيادة أمراض النساء التابعة لعيادات الصليب الأحمر الألماني في برلين وعضو بالفريق الطبي التابع لمنظمة ترجيت عن أسباب انضمامه للمنظمة حيث أنه رأى معاناة النساء اللاتي تعرضن لإجراء عملية الختان ومعظمهن من دول أفريقية مثل آلامهن في الحمل والولادة، فأراد أن يشارك في مكافحة هذه العادة.

وقال أن منظمة ترجيت لا تتبنى أجندة مغايرة للشريعة الإسلامية والدليل هذا المؤتمر الذي يوضح رغبة المنظمة في العمل مع المؤسسة الدينية الإسلامية في مصر لتوضيح أن الختان ليس من الإسلام.

وأشار إلى أنه يوجد في ألمانيا حوالي 20 ألف سيدة من الأجانب المختنات ولذلك كان لابد أن نعرف ما هو الختان حتى نستطيع تقديم يد المساعدة لهم فيما يجدونه من الآم جسدية مثل النزيف الحاد واحتباس البول ومشكلات أثناء المعاشرة الزوجية والحمل، بالإضافة للآثار النفسية مثل القلق وفقدان الثقة والمشكلات الاقتصادية حيث يؤدى الختان لإقامة أطول بالمستشفيات للعلاج عند الولادة.

انتشار الختان في مالي

وتعرض الشيخ ديالو للآثار السلبية والخطيرة التي تتعرض لها النساء المختنات في مالي وصنف العلماء هناك لفئتين الأولي ترى في الختان أنه من صميم الدين الإسلامي والثانية فئة من العلماء والشباب المستنيرين الذين يدافعون عن وجهة نظرهم مع مراعاة المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، وقد تعرض هؤلاء الشباب للشتم والسب ومحاولة الاعتداء الجسدي عليهم.

كما دعا الشيخ لضرورة مكافحة عادة ختان الإناث في مالي لأنها عادة إفريقية قديمة مضرة ليس لها علاقة بالإسلام، ودعا كذلك إلى تكوين فرق من الدعاة الواعين المؤهلين لنشر دعوة مكافحة ختان الإناث والعمل على عقد المؤتمرات والندوات التي يحضرها علماء الإسلام لتوعية الناس، كما طالب بإرسال القوافل الطبية لتوعية هذه المناطق في مالي.
وحسب الشيخ ديالو فإن ممارسة عادة ختان الإناث تصل في مالي إلى نحو 91%.

وقد عبرت أنيتا ربير نائب رئيس منظمة ترجيت الألمانية في حوار لقنطرة عن سعادتها لعقد المؤتمر لأنها لم تكن تتوقع أن يعقد مثل المؤتمر الحساس على أرض مصر وبرعاية دار الإفتاء حيث أنها كانت تتوقع معارضة شديدة من المؤسسة الدينية في مصر لعقد مثل هذا المؤتمر.

وأكدت أن المؤتمر كان ناجحا حيث حقق الغرض منه وهو إثبات أن تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى فيما يعرف بالختان هو عادة وليس له علاقة بالدين الإسلامي.

وصرحت بأن هذا المؤتمر وضع قانونا على كل مسلم بعدما قال علماء الإسلام الكبار أن الختان ليس شيئا إسلاميا، فهم بذلك يضعون قانونا دينيا أهم تأثيرا من مجرد القانون القضائي وخاصة أن المؤتمر عقد داخل جامعة الأزهر التي تعد أكبر مركز ديني وأحكامها التشريعية تعتبر المرشدة لجميع المسلمين عالميا.

وأكدت ربير أنهم قاموا بالفعل بعمل التمويل المالي الكامل للمؤتمر إلا أن دار الإفتاء ساعدتهم في تسهيل الأمور وتوفير القاعة داخل جامعة الأزهر.

نيللي يوسف
حقوق الطبع قنطرة 2006

قنطرة

ضغوط اجتماعية وأراء خاطئة
تشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن ممارسة ختان الفتيات في مصر تراجع خلال السنوات الماضية، ولكن ما زال أكثر من خمسين بالمائة من المصريات يقعن ضحية هذه العادة القديمة. مبادرات مصرية تسعى إلى الحد من هذه الممارسة في القرى بشكل خاص. بقلم نيللي يوسف

www

منظمة ترجيت