المرأة في قطاع غزة- ضحية جرائم الشرف والممارسات المؤسساتية
عانت سميرة، التي تعيش في مخيم الشاطئ غرب غزة، من تعذيب نفسي وجسدي على يد زوجها طوال تسع سنوات قبل أن تحكم لها المحكمة بالطلاق. وتقول في حديث مع دويتشه فيله، إنها لم تلجأ إلى مؤسسات حقوق الإنسان وشؤون المرأة خشية العادات الاجتماعية، وتضيف:" اضطررت أنا وأهلي إلى رفع دعوى طلاق بسبب تعذيبي على يد زوجي وضربه وشتمه لي بشكل شبه يومي". وتذكر سميرة أسباب تصرف زوجها وتقول:" جوزي قاعد ما بشتغلش وعندنا سبع أبناء وتحملت العذاب، بس في الآخر سببلي عاهة مستديمة في عيني".
وتروي (ن.ا)، إحدى المُعنفات التي لا تريد البوح باسمها، لـ دويتشه فيله تجربتها المريرة طوال خمس سنوات، كانت تسكن خلالها في غرفة في بيت أهل زوجها:" تعرضت للضرب والشتائم من حماتي وشقيقات زوجي غير المتزوجات وخلوني زى خدامتهم". لكن هذه المعاناة انتهت كما تقول (ن.ا) بعد تمكنها وزوجها من الانتقال للسكن في شقة بعيده عن أهله.
تذرع بالشرف لقتل المرأة
يشكل ما يوصف بصون شرف العائلة أحد أسباب العنف الجسدي الذي تتعرض له نساء غزة ويصل إلى حد القتل. وكما تقول الخبيرة الاجتماعية آمال عبد المعطي في حديث مع دويتشه فيله:" إذا شك ذوو النساء أو الفتيات في سلوكهن، أو راجت إشاعات تتهمهن بإقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج، أو إذا ظهر على الفتاة أعراض مثل الحمل، أو غياب البكارة فإنهن يتعرضن للقتل". وتؤكد عبد الهادي وجود حالات قتل على خلفية الشرف، أشاع أهل القتيلة أنها توفيت نتيجة مرض أو حادث أو انتحار، دون أن تقوم الأجهزة الأمنية بالتحري من صحة رواياتهم، وعادة يُسجن القاتل فترة تتراوح بين ستة أشهر وسنتين، إلا أنه سرعان ما يطلق سراحه بعد بضعة أيام دُون محاكمة.
"معظم المقتولات لم يفقدن عذريتهن"
وكشفت ماجدة شحادة، منسقة وحدة المرأة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان "أن التشريح أظهر أن معظم الفتيات اللواتي قتلن تحت ذريعة الشرف لم يفقدن عذريتهن". وتضيف شحادة أن سبب قتل الفتاة يكمن في معظم هذه الحالات في الكراهية، ويكون أحيانا ذا خلفية تتعلق بالميراث". وحول رأي الدين في قتل النساء بدافع صون "شرف العائلة" يؤكد الدكتور حسن الجوجو، رئيس محكمة الاستئناف الشرعية، رفض الدين الإسلامي لحالات القتل هذه، "لما فيها من عدم إثبات وتجن على الضحية، ولأخذ القانون باليد"، ويشير الجوجو في حديثه أيضا إلى " ضرورة توفر الإثبات بالكامل في أي قضية، وإلى أن جهات الاختصاص هي التي توقع العقوبة وليس الأهل.
تمييز في العمل
ترى غالبية النساء العاملات في قطاع غزة أن عملهن في المؤسسات يقتصر على أعمال إدارية متدنية، غير قادرة على إحداث تغيير حقيقي، وأن نفوذهن وتأثيرهن مُهمش. وعن ذلك تقول الموظفة (ش.غ) في حديث مع دويتشه فيله، إن الكثير من الفتيات والنساء العاملات يتمتعن بكفاءات عالية جدا في الابتكار، لكن" المؤسسات تمارس الابتزاز والتمييز والاستغلال ضدنا، ويتم استغلالنا بأجور متدنية تحت ذريعة التطوع". وتشير(ش.غ) إلى أن زميلة لها تركت العمل" بسبب تعنيف وتهكم مستمر من قبل مديرها". ويؤكد الموظف أحمد أن رئيسه دائم التوبيخ لزميلاته في العمل، ولا ينفك يقول لهن:" أنا عارف ليش ما بتقعدوش في بيوتكم تربوا الأولاد بدل ما بتغلبونا؟!".
قياسات العنف
وتشير الإحصائيات الأخيرة لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني أن حوالي 37% من النساء اللواتي سبق لهن الزواج تعرضن لأحد أشكال العنف من قبل أزواجهن، 29.9% في الضفة الغربية، مقابل 51.1% في قطاع غزة). كما بلغت نسبة اللواتي تعرضن لعنف نفسي، لمرة واحده على الأقل، 58.6%، فيما تعرضت 55.1% منهن لعنف اقتصادي، و 54.8% لعنف اجتماعي، و 23.5% لعنف جسدي و11.8% لعنف جنسي.
ولجأ30.2 % من الزوجات اللواتي طالهن العنف الممارس من قبل أزواجهن إلى بيت الوالدين أو أحد الأخوة والأخوات، وفضل 65.3% منهن السكوت إزاء العنف الذي تعرضن له من قبل أزواجهن. في حين لم تزد نسبة النساء اللواتي تعرضن للعنف وتوجهن إلى مؤسسة أو مركز نسوي لطلب استشارة عن 0.7%.
التوعية لمكافحة العنف ضد المرأة
تويجاً لفعاليات الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة، شهد قطاع غزة مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2011على مدى ستة عشر يوما تنظيم مهرجانات وورش لمؤسسات وجمعيات خاصة بالمرأة، شارك فيها المئات من النساء والرجال. وتم خلال ذلك استعراض أشكال العنف الذي تتعرض له المرأة، وبحث أسبابه ودوافعه وسبل القضاء عليه.
وأوصى المشاركون بتكثيف الجهود لمكافحة العنف، وتوفير الحماية للنساء عن طريق رفع الوعي، وتعديل القوانين، وتحسين وضع المرأة الاقتصادي، وتحديد سن الزواج لمنع الزواج المبكر، وإجراء تعديل في بعض المناهج المدرسية. وعن ذلك قالت إحدى المشاركات لـ دويتشه فيله :" شيء جيد هذه الفعاليات، و ياريت دايما نسلط الضوء على التوعية على مواجهة العنف اللي بنواجه في البيت والعمل والشارع".
شوقي الفرا – غزة
مراجعة: منى صالح
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011