المال والغرائبية والجماليات
تكاد تكون السينما الشرقية شبه غائبة في السوق الألمانية والأوروبية. لودفيغ أمّان، موزّع الأفلام المتخصص في قضايا الشرق، يشرح أسباب هذا الغياب ويبيّن أن بقاء تلك الأفلام في الظلّ لا يعود - في خلاف ما يعتقد الكثيرون - إلى الأحكام المسبقة بقدر ما هو عائد إلى أسباب تجارية.
تروي روائع السينما قصصاً تغزو العالم وتستأسر القلوب. ولكن قصة من تحكي تلك الأفلام التي تهز مشاعر الناس من ساوباولو إلى جاكارتا؟ ومن هم صانعوها؟ أهي أوروبا (التي ترتعد خوفاً من زحف الحرفيّين البولونيين ومبرمجي الكمبيوتر الهنود)؟ في العام الماضي أنتجت تلك القارة الصغيرة ما لا يقل عن 750 فيلماً – أكثر مما تم إنتاجه في الولايات المتحدة الأمريكية – وذلك بفضل الدعم المادي الهائل للفيلم الأوروبي بهدف حماية " القيم والثقافة" المحلية.
إلا أن معظم تلك الأفلام التي تم تمويلها لم يرها سوى القليلون، حتى في بلد المنشأ. ففي دول الاتحاد الأوروبي فضّل 70% من أصل مليار مشاهد الأفلام الأمريكية؛ وشاهد 20% أفلاماً من إنتاج بلدهم، بينما تفرج 10 % فقط على أفلام من صنع بلد أوروبي آخر؛ فما بالك بالأفلام الواردة من بلدان أخرى. والحال كذلك لا غرو أنه يجب البحث بالمكبر عن الأفلام العربية، أما الأفلام الإفريقية فيجب التنقيب عنها بالمجهر.
موزع الأفلام ودوره
لماذا؟ هل استولى الأمريكيون بأفلامهم على العالم وقضت هوليوود على ثقافة السينما المحلية؟ وهل وقعت أحلامنا الملوّنة التي اعتدنا رؤيتها على شاشات السينما الأوروبية فريسة إمبريالية الثقافة الأمريكية؟
فيما مضى، ما كنت لأتردد في تصديق الشعارات المدوّنة في دفتر أشعار مناهضي العولمة المعادين لأمريكا، إلى أن أصبحت ذات يوم بمحض الصدفة السعيدة، موزع أفلام. وهو ذلك الشخص الذي لا غنى عنه لتشق الأفلام طريقها إلى دور السينما.
منذ ذلك الوقت وأنا أحاول الترويج للأفلام العربية وسائر الأفلام غير الأوروبية ليستسيغها الجمهور الألماني فأُمنّ بالهزائم وأتلقى الضربات، الضربة تلو الضربة. ولقد أدركت الآن أن هوليوود نفسها تخضع لتقلبات مزاج الجمهور، شأنها في ذلك شأن سائر العاملين بالسينما.
فالجمهور وليس صانعو الأحلام، كما يخال للكثيرين، هو صاحب السلطة والنفوذ الذي يرضخ له كبار المنتجين وعمالقة هوليوود نفسهم. فإذا ما آثر الأوروبيون ذات يوم أفلام بوليوود، ستقوم هوليوود في لمح البصر بتقليدها.
وهذا ما حصل مؤخراً حين سارعت هوليوود إلى الاستثمار والمشاركة في إنتاج أفلام ذات "لغة سينمائية محلية " تعد بدرّ الأرباح، كفيلم " ماتيلد" الداعي إلى نبذ الحروب، للمخرج الفرنسي جان- بيير جونيه. ولكن دعوني بادئ ذي بدء أسرّ إليكم بما حدا بي إلى عالم السينما.
المال هو المهم
على أي حال: ذات يوم تجرأنا ميشائيل إيزله، الذي لم تعد تستهويه الأعمال المصرفية، وأنا وأسسنا جمعية " كول " لتوزيع الأفلام (Kool Filmdistribution). وكان شعارنا: " توزيع أفلام غير عادية؛ هادفة وجمالية ". فأخذنا على عاتقنا مهمة توزيع فيلم " المصير " ذي الرسالة التنويرية، وهو يصور ازدهار الحضارة العربية في الأندلس ويندّد بالتعصب الديني.
صفحات الثقافة في المجلات والجرائد الألمانية انبرت بالمديح وتهافت الصحافيون لإجراء مقابلة مع يوسف شاهين. أما ميشائيل وأنا، فلقد تألقنا بمجد المخرج واعتبرنا توزيع ثلاث نسخ وحضور 15 ألف مشاهد للفيلم نجاحاً باهراًً.
نجاحاً باهراً؟ أي نجاح؟! فالنسبة المئوية التي يحصل عليها الموزّع من إيرادات بيع التذاكر والتي تبلغ عادة 40 % غطت بالكاد نفقاتنا ولكنها لم تكف طبعاً لدفع أجر عملنا طوال أسابيع!
الدرس الأول: هناك أفلام تنال إعجاب الصحف وهناك أفلام تنال إعجاب الجمهور. أما أن ينال فيلم إعجاب الإثنين معاً فهذا نادر جداً وضربة حظ قلّما تحدث. ممّا لا شك فيه أن خمسة عشر ألف مشاهد عدد ضئيل لا يكفي لتأمين معيشتك. إلا إذا حصلت على دعم مادي. غير أننا لم نحصل على هذا الدعم، فهيئة التحكيم المعنية لم تسمع قط باسم أشهر مخرج عربي ورفضت بكل صلافة طلبنا للحصول على أي مساعدة!
كان ذلك عام 1999. في بداية الألفية الجديدة وضعنا لشركتنا خطة هادفة وطموحة للغاية: 1) توزيع فيلم تسجيلي عن عملية جمع وإعادة استعمال عبوات الزجاجات الفارغة في مدينة بازل.
2) توزيع فيلم قصير صامت، أبيض وأسود، وحائز على عدة جوائز، عن أطفال الشوارع في مكناس لفوزي بنسعيدي.
3) توزيع فيلم "الآخَر" ليوسف شاهين، وهو ميلودراما صاخبة، يجدّد المخرج فيها تصفية حساباته مع بلده. هيئة التحكيم كانت هذه المرة تعرف اسم المخرج ووافقت على دعمنا.
إلا أن فيلم " الآخر" (مجرد العنوان كارثة) لم ينل رضى الصحافة، ولا رضى الجمهور الذي أخذ على الفيلم جمالياته المصرية الخالصة وافتقد عنصر الغرابة المثير في الطبقة الغنية التي ينتمي إليها أبطال الفيلم والمتأثرة بالغرب إلى أبعد حد؛ ذلك أن المشاهد الذي يجوب العالم وهو قابع في مقعده يريد عند مشاهدته لفيلم أن يشارك الطبقات البائسة تفاصيل حياتها اليومية أو أن يتمتع بمناظر طبيعية جميلة.
جمهور متقلّب المزاج
الدرس الثاني: ثمة أفلام لا تستسيغها لا الجماهير ولا الصحافة. وهي في الواقع غالبية الأفلام – وهذه الأفلام من شأنها أن تقصم ظهرك! ففي صناعة السينما ثمة قاعدة أساسية. ألا وهي: صناعة الأفلام تكلف مبالغ باهظة– قد تبلغ تكلفة فيلم من أفلام هوليوود الناجحة 175 مليون دولار أمريكي! – يجب تسديدها من إيرادات بيع التذاكر والدي. في. دي (DVD) ومن رسوم تمرير الأشرطة على شاشات التلفزيون في سائر أنحاء العالم؛ ولا بد من أن تغطي تلك العائدات نفقات الأفلام الفاشلة أيضاً، بحيث يتم تدارك الخسائر الناجمة عنها والتي يصعب تجنبها كلياً.
وإلا لن يلبث كل من المنتج والموزّع وصاحب صالة العرض أن يعلن إفلاسه عاجلاًً أم آجلاً. عند عرض فيلم جديد يتضح خلال أربعة أيام.
فيُمدّد عرض الفيلم الناجح أما الفيلم الفاشل فيشطّب عليه. التنافس بين الأفلام شديد، فهنالك كل أسبوع أكثر من عشرة أفلام جديدة تنتظر فرصة عرضها. وأصحاب السينمات الذين ليست لديهم سوى شاشة أو شاشتا عرض مضطرون من أول الأمر لرفض معظم هذه الأفلام.
الأتراك، العرب والإيرانيون
الدرس الثالث: توجد سلع للتجمّعات السينمائية الكبيرة بصالاتها المتعددة وسلع لدور السينما التي تعرض الأفلام ذات المستوى الفني العالي. والفرق ما بين السلعتين ليس مجرد فارق جمالي: فعدد الأصفار في المبلغ المفروض تسديده سلفاً كحد أدنى للكفالة هو الفارق الحاسم (هناك فرق شاسع ما بين 50.000 و 500.000 ألف يورو مثلاً)! فلا داعي إذاً لأن نتطلع على الأفلام التي تستقطب ملايين المشاهدين، إذ أن ميزانية شركة توزيعنا المتواضعة لا تسمح لنا بشرائها.
أما فيلم "المصير" فلقد حصلنا عليه مجاناً من مؤسسة التوزيع العالمية في باريس، على أن يتم فيما بعد خصم التكاليف واقتسام الأرباح. ويبدو أن بائع الفيلم كان يعلم مسبقاً أن الشريط لن يحقق نجاحاً مادياً يُذكر– ولسوء حظنا كان محقاً في تقديره!
ولكن بما أنه معجب بيوسف شاهين وبالحضارة المصرية فهو منذ ذلك التاريخ يدعونا في كل صيف إلى تناول الفطور معه في مدينة لوكارنو. فهل من المحتم على أفلام العالم الإسلامي ألا تعرض سوى في بلاد إنتاجها؟
طبعاً لا! إذ أن ثمة أفلام شرقية تعرض وبنجاح في دور السينما الألمانية، حتى في التجمّعات السينمائية الضخمة، مثل صالات عرض السينيماكس (Cinemaxx)، ويتعلق هذا النجاح بأسلوب إخراج الفيلم والبلد المنتج له.
نحن لا نتحدث هنا عن الأفلام العربية ذات المستوى الفني العالي التي لا تجد في البلاد العربية نفسها جمهوراً لها لعدم وجود طبقة وسطى عربية مغرمة بالسينما. إنما نعني الأفلام التركية الناجحة التي تلاقي إقبالاً مذهلاً في المدن الألمانية الكبيرة، حيث يعيش عدد كبير من المهاجرين.
الدرس الرابع: الاكتفاء بالأساسيات والاقتصاد المفرط ينعكس سلباً على إيرادات بيع التذاكر. والترويج الإعلامي لمثل تلك الأفلام في غاية الأهمية مع أنه والحقيقة تقال لن يجديها نفعاً لأن الجماهير لا تستسيغها.
مع ذلك ثمة أفلام من الشرق الأدنى ذات مستوى فني عال تحظى بإعجاب الجمهور في مهرجانات السينما الأوروبية ومن ثم خلال عرضها في دور السينما. ومن الملفت أن معظم تلك الأفلام من إنتاج إيران. فما هو سبب نجاح الأفلام الإيرانية؟
عام 2001 قمنا بتوزيع فيلمين متميّزين فازا بعدة جوائز أوروبية: فيلم مصري وفيلم إيراني، فيلم "المدينة" ليسري نصرالله وفيلم " وقت لسكر الخيول " لبهمان قبادي. ولكن الاهتمام الذي حظي به الفيلمان اختلف كل الاختلاف!
فبينما تخاطفت الأيدي بهمان قبادي وتزاحم الصحافيون لإجراء مقابلة معه، بالرغم من أنه لا يجيد اللغة الألمانية أو الإنكليزية، لم يسع إلى لقاء يسري نصرالله سوى عشّاق السينما المخضرمون مع أنه يتكلم اللغة الألمانية والإنكليزية والفرنسية بطلاقة.
خلال العروض الأولى لفيلم "المدينة" ظلت صالات العرض شبه فارغة بالرغم من حضور المخرج شخصياًً؛ مما دعاه إلى التساؤل بقلق عما إذا كنا سنتمكن من تسديد نفقاتنا. وللأسف الشديد شكوكه كانت في محلها!
أما فيلم " وقت لسكر الخيول "، الذي تدور أحداثه في قرية جبلية نائية ويصوّر صراع أطفال يتامى من أجل الحياة فلقد شهد إقبالاً منقطع النظير، أكثر من 50.000 مشاهد؛ يا ليته كان لدينا عدد أكبر من النسخ! فما هو الفرق بين الفيلمين؟
وصفات نجاح
أولاً: الأفلام الإيرانية ليست جيدة وحسب – هناك أفلام جيدة كثيرة - حيث أن جمالياتها تعدّت الأسلوب الفردي لتصبح علامة فارقة تميز الأفلام الإيرانية عامةً. فباتت ماركة "صنع في إيران" ترمز إلى سينما متقشفة، أقرب إلى السينما التسجيلية، لكنها لا تخلو من الصور واللقطات الأخاذة التي تترك انطباعاً عميقاً وتدعو إلى التأمل – مثلما ترمز ماركة "صنع في هوليوود" إلى أفلام القتل والضرب والمطاردة، " الإكشن "، التي تراهن على نجومية كبار السينما.
والنقاد السينمائيون والمشاهدون المولعون بهذي أو تلك الأفلام في ترقب دائم للمزيد منها. وهذا متيسّر بالنسبة للأفلام الإيرانية لأن الإيرانيين نفسهم يهوون السينما ولأن صناعة السينما في إيران تمكنت في السنين التي أعقبت الثورة الإسلامية من الازدهار مجدداً بفضل دعم الدولة لها. وهذا ما لم يتحقق بعد للسينما المصرية، مفخرة المصريين فيما مضى، وما أفلام يسري نصر الله، الذي يتعمّد انتهاج أسلوب طليعي فرداني، إلا استثناءات فريدة.
ثانياً: ليس من السهل على الأفلام الناطقة بلغة محلية غزو سوق الأفلام العالمية وتبوء مكان فيها. الدانماركيون نجحوا في ذلك بفضل نوعية أفلامهم المتميزة وحملتهم الدعائية البارعة لأفلام الدوغما التي تتخلى عن سائر الحيل السينمائية، أما الإيرانيون فبفضل النوعية المتميزة والأطفال.
إلا أن عيون الأطفال الواسعة وحدها لا تكفي لضمان النجاح. فالفيلم الأوسترالي " حاجز مانع للأرانب " الذي عرض هنا بعنوان " طريق العودة الطويل" والذي يصور قصة فتاتين من سكان أوستراليا الأصليين حقق في ألمانيا نجاحاً كاسحاً، أما فيلم " علي زاوا " لنبيل عيوش الذي يتحدث عن أطفال الشوارع في المغرب والذي لاقى في بلد إنتاجه إقبالاً منقطع النظير ( 500.000 مشاهد ) فلقد باء للأسف الشديد بالفشل.
ثالثاً: ديموغرافية المهاجرين تحدد مدى نجاح أو فشل فيلم. فالطبقة المثقفة التي ينتمي إليها الإيرانيون الهاربون من الثورة في إيران تقبل في ألمانيا أيضاً على مشاهدة الأفلام الإيرانية ذات المستوى الفني العالي.
أما غالبية الجمهور العربي المقيم في المنفى فهي ليست على درجة عالية من الثقافة وتفضّل رؤية الأفلام الفولكلورية. وكثيراً ما ينهال المشاهدون العرب بالنقد على مخرجيهم الذين قدموا خصيصاً لحضور العروض الأولى في أوروبا، فيعيبون على أفلامهم كثرة مشاهد الحب الإباحية أو يستهجنوا استخدام الموسيقى الغربية فيها وهلم جرا؛ فمعظم هؤلاء المشاهدين ناس بسطاء يحلمون بوطنهم دون أن يدركوا أنه قد تغير ولم يعد كما كان.
الغرائبية
ولكن ماذا عن الجمهور الألماني الشغوف بالأفلام ذات المستوى الفني العالي؟ لا بد من القول إن ثمة رواد سينما ألمان يرغبون في مشاهدة أفلام شرقية غرائبية. وعلى المخرج الذي يطمح إلى النجاح خارج بلده ألا يخيب كافة آمالهم.
فمن الممكن إشباع تلك الرغبة بحذاقة بحيث لا يؤثر تأثيراً مشيناً على الفيلم. الإيرانيون مثلاً يرضون الجمهور الألماني بالمناظر الطبيعية الخلابة. أما ونغ كار- واي فيقوم بسرد قصص تستحضر الماضي، وتدور أحداثها أمام كوليس نوستالجية في هونكونغ الستينات خلال المرحلة الأخيرة من عهد الاستعمار – إلا أن أفلامه تعدّ من الناحية الجمالية من طليعة أفلام الألفية الثالثة.
وهناك أفلام عربية إلا أنها هشة وسطحية، ولا تتعدى كونها عبارة عن " لقطات فنية لنماذج من السكن الجميل في المغرب"؛ كفيلم " كيد النساء " الذي يطمع في أن يكون شريطاً أنثوياً. وإنه لمن المؤسف حقاً أن يحظى هذا الفيلم بالذات، الذي ليس سوى حكاية مبتذلة عن شرق وهمي، بإعجاب الجمهور في ألمانيا أكثر من الأفلام التي تصور واقع الحياة في الدار البيضاء أو في القاهرة.
إلا أن الجمهور هو صاحب القرار، ومن يتشبث بمبادئه ويمانع في تقبل شروط اللعبة يخسر الرهان ولا يتبقى لديه ما يكفي من النقود ليواصل عمله كموزع أفلام.
ومما لا شك فيه أن الظروف كانت مؤاتية للسينمائيين الإيرانيين. فالسينما الإيرانية تعكس تأملات مجتمع ديناميكي في المرحلة التي أعقبت الثورة الإسلامية والجمهور في الخارج يولي الاهتمام بما يدور هناك.
فالعالم يريد أن يعرف كيف يعيش الناس في ذلك البلد بعد فرض الحجاب. ومن المؤسف طبعاً ألا تلقى الأفلام الشرقية، سواء كانت إيرانية أو تركية أو مغربية أو فلسطينية، النجاح إلا حين تتناول مجتمعاتها بالنقد وتدلل على النواحي السلبية فيها مقدّمةً الأجوبة على أسئلة لا يكف الغرب عن طرحها على العالم الإسلامي – كأنه لا يجدر الاهتمام بهذه المجتمعات والحديث عنها إلا في الأخبار والندوات.
فمن الحري بنا الاهتمام بمعاناة مثقف يعيش في حاضرة تركية، كبطل فيلم "أوزاك" مثلاً، من حيث كونه فرد من أفراد هذا العالم وليس لأنه يقدم لنا إثباتاً حياً لأوجه الحداثة في تركيا المرشحة للانضمام إلى دول الاتحاد الأوروبي.
ولكن للأسف الشديد الجماهير لها وجهة نظر مغايرة. فالأوروبيون يحبون مشاهدة قصة حب تقوم جوليا روبرتس بابتسامتها الثمينة بدور البطولة فيها، أما قصص الحب في القاهرة فيفضلون أن يلتحف أبطالها بالملابس الشرقية التقليدية.
وعلى الأرجح أنه لا بد من بعض الغرائبية في الأفلام الشرقية لتحظى بشيء من الاهتمام في تلك السوق السينمائية التي تغص بالمنتجات المتشابهة إلى درجة أنه يسهل استبدال أي فيلم بآخر. ولكن الطلب يحدد الإنتاج وإذا ما أخذت معطيات السوق بعين الاعتبار فتمّ الترويج للفيلم بشكل ماهر وقام صحافي حذق بإبراز العناصر المثيرة فيه، ضمن المنتج اهتمام الجمهور.
فهل من المحتم علينا إذاً البحث إلى أجل غير مسمى بالمكبر عن الأفلام العربية؟ حتماً لا، فالوضع قد يختلف بين سنة وأخرى؛ بالإضافة إلى أنه يوجد فرق واضح بين فرنسا وألمانيا. فالسينما العربية قد بلغت فرنسا منذ أمد بعيد، كونها أهمّ سوق أوروبية لعرض الأفلام الدولية ذات المستوى الفني العالي، عدا عن أنه يعيش فيها أكبر عدد من المهاجرين العرب.
مما جعل المنتجين العرب الطامحين إلى تصدير منتجاتهم يأخذون منذ البداية متطلبات تلك السوق في حسبانهم، فيشتركون مع فرنسا في إنتاج أفلامهم التي يدور جزء هام من أحداثها في فرنسا. مثلما فعل يسري نصر الله في فيلم "المدينة":
حيث يسافر البطل المصري إلى باريس ليحقق هناك حلمه في العمل بالمسرح؛ فيدور ثلث أحداث القصة التي قامت كلير دينيس بكتابتها في باريس ويشارك في التمثيل نجوم عرب معروفون في فرنسا من خلال سينما المهاجرين العرب (Cinema Beur)، كالممثل رشدي زيم. فكانت النتيجة أن الفيلم لاقى في فرنسا إقبالاً كبيراً!
ولكن ما هو المقصود " بالأفلام العربية "؟ أهي سائر الأفلام التي تعالج مواضيع عربية بصرف النظر عن بلد إنتاجها؟ في هذه الحال نكون إزاء تحوّل كبير: ففي أوائل شهر أيار /مايو 2005 بدأ عرض فيلم " مملكة السماء " وهو عن الحروب الصليبية والمسلمين العرب والمسيحيين الأوروبيين في القدس.
الفيلم إنتاج مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا. فالمخرج والممثلون من بريطانيا بينما تمّ تصوير الفيلم في المغرب وإسبانيا. احتل الفيلم المرتبة الأولى في قائمة أنجح الأفلام في مئة بلد، كما لاقى خارج أمريكا نجاحاً فاق نجاحه فيها! إنها عولمة السينما.
ولكن في اليوم الذي سيقدّر فيه للسينمائيين العرب كسب معيشتهم عن طريق أفلام صنعوها بنفسهم ولم يتم إنتاجها للتلفزيون فقط، ويعود آلاف المشاهدين إلى ارتياد دور السينما في مختلف البلاد العربية لرؤية أفلام متميزة فعلاً، حينئذ سيحكي لنا العالم العربي ثانيةً قصصه بنفسه.
لودفيغ أمان
ترجمة ماجدة بركات
صدر المقال الكامل في مجلة فكر وفن
حقوق الطبع فكر وفن 2006
لودفيغ أمّان باحث في العلوم الإسلامية وموزع أفلام مقيم في مدينة فرايبورغ. للمزيد من المعلومات عن شركة توزيع أمّان.
قنطرة
الجنس والدين والشباب
يقدم أحمد خالد في شريطه الكثير مما يفضل المجتمع المصري أن يظل طي الكتمان. للأسف لن يعرف الفيلم طريقه إلى الشاشات، لأنه لم يقدم إلى أي لجنة مراقبة لذلك لم يتم عرضه إلا في عدد قليل من المهرجانات. صونيا زكري تعرفنا بالفيلم وبالمخرج
توق الى حياة نقية
الحب هو ما يجعل التعايش الإنساني بين الثقافات أمرًا ممكنًا، هذه هي رسالة فيلم "صباح" الجلية، الشريط الذي تتتالى أحداثه بكثير من الدعابة والمرح من إخراج المخرجة السورية-الكندية ربى ندى. فهيمة فارساي تقدم الفيلم.
السينما الإيرانية
تحصد الأفلام الإيرانية منذ سنوات في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية جوائز متميزة. قنطرة تتناول في الملف التالي سر هذا النجاح وتطرح السؤال عن جودة السينما الإيرانية
www
(باللغة الألمانية)koolfilm.de