توليفة شرقية-غربية على شواطئ الرمال الذهبية

في تمازج بين سحر الشرق وعبق الغرب استضافت عدة مدن سورية فعاليان مهرجان الجاز، كان آخرها في مدينة طرطوس، حيث عاش محبو هذه الموسيقى وعشاقها ليلة موسيقية استمتعوا فيها بتنوع هذا اللون الموسيقي وجماله وثرائه. عفراء محمد تعرفنا بهذه الاحتفالية.

​​دمشق وحلب وطرطوس ومدن سورية أخرى شهدت تجربة فريدة مع الموسيقى الغربية مؤخراً، فخلال الفترة من 23 ولغاية 31 أغسطس/ آب أحيا فيها عدد من كبار عازفي موسيقى الجاز العالميين حفلات لا تُنسى تحت شعار "الجاز يحيا في سوريا". حفلة طرطوس التي أقيمت يوم الجمعة 29 أغسطس/ آب 2008 شارك فيها أيضا موسيقيون ألمان ومن دول أوروبية أخرى.

الثنائي الألماني كريستوفر لوير ووينز توماس قدما في الحفلة جازاً جميلاً تميز بالتنوع رغم الإرباك الذي تخلله أحيانا على صعيد تلقي الجمهور له. ولعل ما ميز المقطوعات الموسيقية ذلك النمط الجديد الذي استخدما فيه آلتي البيانو والساكسفون. الألمانيان امتلكا أنامل ذهبية في تقديم تقنية عزف لافتة نتج عنها توليفة فريدة بين آلتين متمايزتين في الأنغام بفضل إتقانهما على تطويعهما لخدمة النوتات الموسيقية.

وهناك ما تنبغي الإشارة له بالنسبة للفرقة الألمانية وهو ما يمكن تسميته "فوضى الجاز"، وهو عزف ثنائي في الظاهر إلا أنه فردي في الواقع. هنا لوحظ خروج كل من العازفين عن نوتة اللحن بما ندعوه موسيقياً بمصطلح "النشاز"، لكن ذلك كان مدروساً رغم الانطباع الذي أعطاه بتقديم فوضى موسيقية على طريقة الجاز إذا صح التعبير.

في هذا السياق يعلق كريستوفر لاور، عازف ساكسفون: "الموسيقيون أحرار في الألحان التي يقدموها، وليس بالضرورة أن يلاقي ما نعزفه إعجاب الجمهور لأن الجاز هو فوضى في النهاية ، فنحن نعتبر أي حركة حتى لو كانت صوت صحن أو ملعقة لحناً أو نوعا من اللحن الموسيقي". أما وينز توماس، مغني وعازف بيانو فيقول في نفس السياق: "النشاز في الجاز هو جمال، والجمال والنشاز يكملان بعضهما بعضا، موسيقانا هي عبارة عن موسيقى تجريبية، واختلافي مع صديقي كريستوف يضفي على ألحاننا تمايزا عن ألحان الفرق الأخرى".

"برونو باولي" ترد على الثنائي الألماني بالفم والجسد

ولم يغب الارتجال عن حفلة طرطوس من خلال عازف الجيتار الهولندي يان أكرمان وفريقه الذي عزف ألحان غربية وعربية صوفية طبعتها توليفة إبداعية. والارتجال في العزف سمة تنطبق كذلك على فرقة ثلاثي "برونو باولي" الفرنسية- السورية من خلال مقطوعات بدا عليها التأثر بالثقافة المتوسطية وغيرها من المصادر الموسيقية الأخرى.

​​"وحياتكم ما بعرف شو عم بعمل، كنت صغير، كانت امي تقلي، أكيد فيك شرش منغولي يا ابني"، بهذه الكلمات بدأت برونو باولي مقطوعتها بصوت خالد عمران، مغني وعازف بيانو باص. ويبدو أن تمايز الثنائي الألماني في هذا المهرجان خلق ردة فعل لدى الفرق الأخرى: " الحركات التي قمت بها بفمي وجسدي كانت كردة فعل على الألمان الذي اعتمدوا الطرطقه في عزفهم، وكنت أقوم بحركات غريبة في البيت، لكنني لم أنقلها إلى الجمهور إلا بعد إن رأيت التجربة الألمانية " كما يقول خالد عمران ويضيف: " الارتجال الموسيقي هو أساس الجاز ولا تفوقه الميجانا والعتابة أهمية". وعن الموسيقى المعزوفة في مقطوعات برونو باولي ذكر عمران بأنها "جاز غربي بألحان شرقية تماشياً مع مدرسة زياد الرحباني التي تحتوي على هذا النوع من المعزوفات".

لميس ويحيى والملعقة في "نيم سوفيان"

على الرغم من تميز الألمان وارتجال السوريين والفرنسيين، إلا إن المسرح الذي أقيم على شاطئ الرمال الذهبية في طرطوس لم يشتعل حماساً حتى قدوم فرقة نيم سوفيان النمساوية التي تضم عازفين من ثقافات متعددة. وهذا ما جعلها قادرة على مخاطبة قلوب المستمعين بالأغاني الأرمينية واليونانية والمكدونية. "ربما جعل تنوع ثقافات العازفين من هذه الفرقة إحدى أشهر الفرق في العالم، فهي تضم فنانين من تركيا والنمسا وفنلندا حيث تمتزج ألحانهم مع بعض لتخاطب الناس من مختلف الثقافات " كما يقول فؤاد شدود من الحضور.

​​وربما كان للميس ويحيى ( أبطال المسلسل التلفزيوني التركي سنوات الضياع) دور كبير في تفاعل الجمهور مع عازف الجيتار والصوت الرئيسي في الفرقة ألب بورا من أنقرة ، فما إن بدأ ألب يغني بصوته المليء بالعواطف الصادقة حتى بدأ الجمهور يتمايل ويغرق المسرح المكشوف بالتصفيق والصراخ: لميس، يحيى وكأنه يريد من الفنان بورا أن يغني أغنية سنوات الضياع الشهيرة. وربما كانت لفتة زكية من ألب اختياره للعازف السوري سيف تركماني كي يشارك في نيم سوفيان خلال الحفلة. "لأن مقطوعاتنا تحاكي الغرب والشرق وإن كانت تختلف قليلاً في بعض النوتات، رغبنا بأن يشارك معنا فنان شرقي كي تكتمل صورة فرقتنا العالمية" على حد تعبير بورا. وجاء عزف دانييل كليمير من فرقة نيم سوفيان على ملعقتين ليزيد من هرج ومرج الجمهور الذي بدا مصدوماً لرؤيته عازفاً بهذه الحنكة والذكاء.

"هيكيات" تمزج أرمينيا بالغرب

​​شارك في حفلة طرطوس كذلك فرقة "هيكيات" التي تضم مايكل شتولز(درامز)، آلكس هندركسن (ساكسوفون)، فرناندو فونتانيلس (غيتار باص)، أوليفر فريدلي (بيانو) وهوري آبارتيان (غناء). وقد اعتُبرت "هيكيات" التجسيد الأمثل لفكرة عالمية مهرجان هذا العام. حيث قامت المطربة السورية من أصل أرمني هوري دورا أبارتيان بضمِّ أربعة من أهم الموهوبين في سويسرا إلى فرقتها التي قدمت أغاني تقليدية أرمنية على أنغام الجاز الغربي التقليدي.

الجدير ذكره أن حفلات الجاز التي شهدتها المدن السورية مؤخرا أقيمت بالتعاون بين مؤسسة "الأمانة السورية للتنمية" ووزارتي الثقافة والسياحة السوريتين، والسفارة السويسرية في دمشق. وساهم في دعمها أيضا عدد من سفارات الدول والمراكز الثقافية الأجنبية كالسفارة النرويجية والسفارة النمساوية والسفارة الهولندية ومعهد غوته الألماني والمركز الثقافي الفرنسي في دمشق.

عفراء محمد
دويتشه فيله 2008

قنطرة

موسيقى العود العربية الحديثة:
المزاوجة بين الموسيقى الشرقية والالكترونية
يجرِّب عازفو العود المعاصرون بآلتهم الموسيقية هذه أساليب عزف حديثة جدًا. ومع ثقتهم بصوت آلتهم الهادئ، لكنَّهم لا يخشون كذلك من استخدام أساليب عزف صاخبة ومضخِّمات صوت إلكترونية. كيرستن كنيبّ يطلعنا على المشهد الموسيقي العربي الحديث لآلة العود.

الطرب" في مهرجان العود بمسقط
الشرق يحتضن الغرب موسيقيا
احتضنت مسقط في أواخر العام 2005 مهرجانا لعازفي العود استمر لثلاثة أيام و تميز بما أقامه من جسور بين الفن الموسيقي العربي والنظام الموسيقي الغربي. تم توثيق هذا المهرجان العربي الشامل للعزف الوتري في ألبوم من أربعة أقراص مدمجة. تقرير كتبه شتيفان فرانتسين.

سمادج فنان عالمي من أصل عربي:
جسر موسيقي بين الشرق والغرب
ينسج الفنان التونسي جان بيار سمادج الأواصر بين موطنه الأول باريس وموطنه الجديد اسطنبول، متنقلا لفترة قصيرة الى اليمن. يعتبر سمادج اليوم أحد أنشط فناني الموسيقى العالمية المنحدرين من أصل عربي. ستيفان فرانتسن تحدث مع الفنان حول آخر مشاريعه.