سحر ليلة وألف ليله...بوابة الشرق إلى الغرب

المشرق العربي على اتساعه وتنوعه الجغرافي والحضاري كان وما زال مقصداً للكثيرين على اختلاف توجهاتهم ورؤاهم لهذا الشرق؛ فالهالة الشرقية والصبغة الروحانية ما فتئت تجذب البعيدين، فتقربهم من هذه الثقافة وتجعلهم أكثر تفهماً لطبيعتها. ربى عنبتاوي التقت أربعة شبان ألمان يشاركون القارئ العربي ذكرياتهم في المشرق.

المشرق العربي على اتساعه وتنوعه الجغرافي والحضاري كان وما زال مقصداً للكثيرين على اختلاف توجهاتهم ورؤاهم لهذا الشرق، وبالرغم من التحولات التاريخية الدراماتيكية والاضطرابات السياسية التي لازمت المحيط العربي على مر العصور، إلا أن الهالة الشرقية والصبغة الروحانية ما فتئت تجذب البعيدين، فتقربهم من هذه الثقافة وتجعلهم أكثر تفهماً لطبيعتها. ربى عنبتاوي التقت بعضا من عشاق المشرق الغربيين.

الشاب العشريني مالته بروفياك من مدينة ماينز الألمانية، يتحدث عن زيارته القصيرة إلى مصر حيث زارها العام الماضي لإتمام بعض الأوراق البحثية الخاصة بتخصصه الصحافي. يضاف لذلك أن الفضول والرغبة في كسر بعض الصور النمطية كانت أيضا وراء هذه الزيارة رغم تحذير بعض الأصدقاء له من الأخطار والأوضاع غير الآمنة هناك حسب اعتقادهم، إلا أنه آمن بأن تجربته الحياتية ستكون طبيعية جداً هناك.
دعوات على موائد الإفطار في رمضان

انطباعات مالته الأولى عن العالم العربي تفيد بأن العرب بشكل عام شعب ودود وطيب ويحب المساعدة، ومن الأمثلة التي يذكرها بهذا الخصوص دعوة الناس له للإفطار سوية عندما كان يسير في شارع خان الخليلي بالقاهرة خلال شهر رمضان. كما أحب أيضاً نمط الحياة الشرقي والإسلامي مع انه ليس مشابهاً لنمط حياته في ألمانيا، لكنه شعر بالأجواء الدافئة المنفتحة على الغرب، وبطبيعة الحال أستمتع بزيارة المواقع الأثرية والدينية في الأردن ومصر.

غير أن مالته تفاجأ من عدد النساء اللواتي يضعن الحجاب في مصر، كما أنزعج مرة أثناء تجواله مع صديقته في مصر، حين لاحظ تتبع عشرات الرجال لهما بنظراتهم الحادة. عندها شعر نوعا ما بانعدام الخصوصية والحياة الخاصة أثناء السير في الأماكن العامة.

أقيم مع عائلة فلسطينية وتجمعنا روابط أسرية

​مونيكا أوبريورسارت القادمة من مدينة دورتموند غربي ألمانيا تعمل منذ ربيع العام الماضي 2007 كأخصائية نفسية في مدينة الخليل الفلسطينية. اختيار الإقامة هناك لم يكن بقرار منها، بل بناءً على خطة عمل في الأراضي الفلسطينية نظمتها مؤسسة ألمانية.

تقيم مونيكا حالياً في منزل عائلة فلسطينية في الخليل، وتصف هذه التجربة بالرائعة، فقد ارتبطت بعلاقة دافئة مع هذه العائلة التي أشعرتها بأنها فرد منها. "بعد زيارتي لفلسطين، ومعايشتي للضغوطات التي يعيشها المواطن الفلسطيني بشكل يومي ومكثف، بدأت أتفهمهم أكثر وأيقنت أنهم شعب مسالم لا يسعى أبداً للعنف، بل يملك من الصبر الكثير"، كما أكدت مونيكا.

وتذكر مونيكا في هذا السياق قصة مؤثرة عايشتها في الخليل وهي مرض رب العائلة الفلسطيني الذي كانت تقيم مع أسرته، وعدم تمكنه من تلقي العلاج الفوري الذي يستلزم سفره إلى الأردن بسبب الأوضاع السياسية و الاغلاقات. لم تستطع مونيكا تفهم رفض سفر مريض لا ذنب له من أجل العلاج، ولم تستوعب فكرة خسارة رجل عزيز عليها بسبب هذا الرفض. وبعد أن ازدادت حالته سوءاً حصل أخيراً على الإذن بالعلاج، ولكن بعد أن كاد يفقد حياته."أصبت بحالة من الغضب، وعشت توتراً شديداً، لم استطع التكهن بردة فعلي في حالة تعرض والدي الفلسطيني للخطر، حمداً لله انه الآن بوضع أفضل" علقت مونيكا على هذه القصة.

ثقافة المطبخ وموائد رمضان أكثر ما يلفت الانتباه

​​تحب مونيكا الطعام الفلسطيني وتقدّر ثقافة المطبخ التي تستوجب من ربة العائلة اهتماماً مميزاً. ومما يستهويها أيضاً سماع الأغاني والأهازيج الفلسطينية وحضور مهرجانات الدبكة الشعبية. لكن مالا تستطيع تفهمه مسألة عدم المساواة بين المرأة والرجل في المجتمع الشرقي، حيث أنه من حق الأخير أن يفعل ما يشاء، بينما تتعرض المرأة للمضايقات إن سارت لوحدها ليلاً أو لم ترتدِ غطاء الرأس أو فكرت بركوب الدراجة مثلاً.

وتضيف في هذا السياق: "في العمل تظهر البيروقراطية وسيطرة الرجل، فمديري العربي لا يتعامل في اجتماعاتنا الأسبوعية على أساس تبادل الآراء والديمقراطية، بل يميل إلى تسيير الأمور وفق رأيه في النهاية، عليّ هنا أن أبقى مؤدبة لأني ضيفة في هذا البلد، ولكنه شعور مؤلم أن أعجز عن مناقشة مديري حين لا أتفق معه في وجهة نظره".
توقعات مسبقة عن الشرق
الصحافي سيباستيان بلوتنر من مدينة برلين، شارك قراء دويتشة فيله تجربته في مصر وفلسطين حين زارهما قبل بضع سنوات، سيباستيان الذي قصد المشرق لإجراء بعض الدراسات الأكاديمية، أكد أنه لم يكن يملك عنه فكرة واضحة وشاملة باستثناء اعتقاده بوجود بعض النقاط السلبية فيما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل، مشيراً إلى أن هذه القضية هي أكثر ما يلفت نظر العالم الغربي الذي يربط بين المساواة وبين تقدم المجتمعات تباعاً.

سيباستيان كان أيضاً على ثقة بان الحياة في المجتمعات العربية ذات صلة وثيقة بالدين، وأن المظاهر الدينية ستكون واضحة على غير ما هو الحال في المجتمع الأوروبي الذي لا يولي الكثير من الاهتمام بالجوانب الدينية، وأن وجد المتدينون فإنهم لا يظهرون تدينهم للملأ.

المرأة العربية تسعى للمساواة مع الرجل

​​ويرى سيباستيان بعد زيارته لمصر وفلسطين تقارباً كبيراً بين توقعاته المسبقة وبين ما شهده شخصياً، ومع أنه لاحظ تبايناً لدى الناس في التعاطي مع الأمور العامة، إلا إنه تعرف على بعض التفاصيل التي ساعدته في بناء جسور تواصل أكثر مع الثقافة العربية. كما استشف أنه على الرغم من الحقوق غير المتساوية بين المرأة والرجل إلا أن الكثير من الشابات التي التقى بهن يملكن الجرأة والقرار ومهتمات جداً في الحفاظ على حقوقهن كنساء.

ويشاطر سيباستيان القراء بتجربة أخرى، قائلاً: " حين حضرت في أحد الأيام احتفالا للموسيقيين البدو في صحراء الفيوم، كانت لحظات لا تنسى فقد اندهشت من جمالية الموسيقى وغرابتها، الموسيقيون أنفسهم كانوا طيبين وبسطاء وقريبين من الجمهور".
أحب سيباستيان في العالم العربي حسن الضيافة والودية تجاه الغرباء، لكن أسترعى انتباهه أن المواطن البسيط لا يكترث للأشياء التي لا تخصه شخصياً كالاهتمام بنظافة البلد أو الرغبة في تطويره.

"الترحيب بما هو غربي من الأمور التي لمستها في العالم العربي"

آنا كريستين بيتر من ولاية سارلاند الألمانية كانت لها تجربة فريدة في العمل لدى محطة الجزيرة للأطفال في قطر، تتحدث عن الحياة في هذا البلد بقولها: " حين يُذكر الشرق كان يتراءى لي جانبان: الساحر والغامض المستمد من عالم ألف ليلة وليلة، والآخر السلبي الذي يسلط الإعلام الضوء عليه مثل: جوانب الإرهاب وعقوبة الإعدام وقمع المرأة. أردت التأكد بنفسي عن قرب فالتقطت أقرب فرصة سنحت لي بذلك".

​الترحيب الحار بكل ما هو غربي، واهتمام الصغار بقضايا السياسة أمور لمستها في العالم العربي، كما لاحظت من خلال تعاملها مع بعض الأشخاص العرب غياب الصراحة فيما يتعلق بالإجابة، فنعم أحيانا تعني لا، وكلمة "أعرف طبعاً" قد تعني في الحقيقة:" أنا لا أعرف ولكني سأساعدك بأية طريقة".

أحبت كريستين أثناء إقامتها في الدول العربية الضيافة العربية والأكل اللبناني والسوق الشرقي القديم، ولكن ما وجدته صعباً عليها كان العدد الهائل للعمال الأسيويين في قطر ومعاملتهم من قبل رؤسائهم بطريقة لم تكن دائماً لطيفة.

"أحب زيارة سوريا كونها تضم مدناًَ عربية نموذجية بروح شرقية خاصة، وعُمان لأنها ذات طبيعة جميلة وفيها سوق لبان مشهور، واليمن لجمال مدينة صنعاء المعماري وعبق التاريخ فيها الذي يعيدك إلى القرون الماضية "، ختمت آنا كريستين.

ربى عنبتاوي
دويتشه فيله 2008

قنطرة

الكاتب الروائي سليم الأفنيش:
قصص للأطفال من ألف ليلة وليلة
يعيش البدوي الفلسطيني سليم الأفنيش منذ عدّة أعوام في مدينة هايدلبيرغ الألمانية وهو يكتب باللغة الألمانية قصصًا وحكايات للأطفال وللكبار، حيث ترجمت أعماله إلى لغات عدة ما عدا العربية. بيتر فيليب يعرِّفنا بهذا الروائي وبخواص أدب الأطفال العربي.

رحلات هانس كريستيان أندرسن في بلاد المشرق:
"ثروة بإمكانها أن تزيّن أي بيت أنيق في أوروبا"
الشاعر الدانماركي الذي ترجمت أعماله إلى أكثر لغات العالم هانس كريستيان أندرسن، والذي يُحتفل في هذه السنة بمرور 200 سنة على ميلاده كان معروفا بولعه المفرط بالأسفار. وقد قاده حنينه إلى المغرب أيضا. كريستيان هاوك يقدم لمحة عن انطباعات الشاعر الرحالة.

الشرق في السينما الغربية
سندباد وعلي بابا واللصوص والدراويش والعفاريت
إلى جانب الأدب والفن الغربيين ساهمت السينما خلال القرن الماضي في تكوين أنماط جاهزة وكليشيهات عن الشرق. أمين فارزانفار يستعرض تاريخ أفلام هوليوود ايتداء من رودولفو فالنتينو.