رجال الزهور في السعودية - عادات عريقة مشتركة في جبال ممتدة على الحدود اليمنية
-
-
منذ مئات السنين يرتدي الناس في هذه المنطقة أكاليل ملوَّنة مصنوعة من الزهور اليانعة، لا تبدو جميلة المظهر وحسب، بل تفوح أيضًا برائحة زكية رائعة. -
قد يتخيَّل البعض أنَّ السعودية صحراءُ شاسعة، ولكن مع ذلك يمكن العثور في هذه المملكة على أكثر من ألفي نوع من النباتات. تتم صناعة الأكاليل والتيجان كلَّ صباح في أسواق محلية مثل سوق صبيا أو أدير. -
يصل الرجال في الصباح الباكر قبل أن تشتدّ حرارة الجو من أجل شراء التيجان المصنوعة يدويًا. ولكن مع ذلك يختار البعض أعشابهم وزهورهم المفضَّلة ويقومون بإعداد الأكاليل بأنفسهم من أجل الظهور بمظهر فريد. من الأعشاب الأكثر شعبية مثلًا الريحان البري والحلبة وأزهار نبات الأذريون. -
يتم بيع أكاليل الزهور مقابل حفنة من اليوروهات. والأكاليل الأكثر أناقة تتم صناعتها من نوع من الياسمين الأبيض، يعتبر حسَّاسًا للغاية لدرجة أنَّه يضطر البائعين إلى حفظه في صناديق تبريد. -
يمكن العثور على رجال الزهور أيضًا على الجانب الآخر من الحدود السعودية. أثارت الحرب المستمرة بين المملكة العربية السعودية وفصائل يمنية الكثير من الهلع والفزع لدى أبناء هذا المجتمع، الذين يعيشون على طرفي الحدود وينتمون إلى القبيلة نفسها. -
يتم اختيار الزهور بعناية للتوافق مع اللباس التقليدي لهذه القبلية، المعروف باسم الفوطة اليمنية (وهي عبارة عن وشاح طويل يتم لفه حول الوركين بشكل تنورة). كانت الفوطة تُنسج في الماضي في قرية بيت الفقيه اليمنية - ولكنها باتت تُصنع اليوم في الهند. -
داخل البيوت المهجورة القديمة المبنية من الحجر والطين، يستمتع الزوَّار بمشاهدة جدران مزيَّنة بالألوان نفسها مثل أكاليل الزهور. هذا النوع من الفنّ المعروف باسم "القَطّ العسيري"، تقوم بزخرفته النساء وقد تم إدراجه مؤخرًا على قائمة اليونسكو. والنساء يرتدين أيضًا أكاليل الزهور، ولكن التقاط الصور لهن ممنوع منعًا باتًا. -
تعتبر هذه التيجان والأكاليل من إكسسوارات الحياة اليومية، غير أنَّ الناس يميلون إلى الاحتفاظ بأكاليلهم الطبيعية الأكثر ترفًا وأناقة ليُغَطُّوا بها رؤوسهم في الأعياد الإسلامية والأعراس. غالبًا ما يشاهد الأصدقاء في نفس "المظهر". -
يشتهر أبناء هذه القبيلة بمهاراتهم القتالية، على الرغم من حبِّهم للزهور. ولفترة طويلة كانوا يرفضون أن يتم تصويرهم أو حتى مقابلة الأجانب. ولكن الأمور تتغيَّر بسرعة مع تسارع التطوُّرات الاقتصادية في المملكة. -
رجال الزهور حريصون على الاحتفاظ بتقاليدهم في التزيُّن بالزهور، لأنَّهم يستطيعون بهذه الطريقة تمييز أنفسهم سلمياً عن بقية البلاد. قبل عشرين عامًا فقط، كانوا يعيشون منعزلين تمامًا من دون كهرباء. -
بعضهم فخورون جدًا بأكاليل الزهور التي يرتدونها بحيث أنَّهم يشاركونها على موقع إنستغرام. هذه أيضًا فرصة جيِّدة لعرض مظهرهم للفتيات اللواتي يحبُّونهم قبل الزفاف. وعلى الرغم من أنَّ المجتمع لا يزال محافظًا للغاية، فإنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تمكِّن الشبان والنساء من التواصل الخاص مع بعضهم. -
يفخر الأطفال بارتداء أكاليل الزهور مع أبيهم. كما أنَّهم يحملون الخنجر اليمني التقليدي، الذي يعرف باسم "جمبية" وتتم صناعته - للأشخاص الأثرياء - من قرن وحيد القرن. -
لا يزال العديد من رجال الزهور يهتمون ببيوت العائلات أو بأبراج المراقبة القديمة، التي يزيد عمر بعضها عن مائتي عام. يحرص أهالي المنطقة على التأكيد على أنَّ مجتمعهم يعيش هنا في هذه المنطقة منذ أكثر من ألفي عام. -
من تقاليدهم تقديم إكليل زهور لزوَّار عسير. يقدِّم بائعو الزهور هذه الهدايا إلى السيَّاح القليلين، الذين يأتون إلى هذه المنطقة النائية. ولكن قد يتغيَّر ذلك قريبًا، عندما ستحاول المملكة جذب آلاف الزوَّار إلى المملكة العربية السعودية، كجزء من مشروع الحكومة السعودية: رؤية 2030. وربَّما يصبح عن قريب هذا التقليد الجميل شيئًا من الماضي. إعداد: إريك لافورج / ترجمة: رائد الباش / حقوق النشر: موقع قنطرة 2019 ar.Qantara.de
https://qantara.de/ar/node/24571
نسخ الرابط
كل الصور