قسنطينة حاضرة الشرق الجزائري وعاصمة الثقافة العربية
-
بريق مُتدهور: حتى يومنا هذا نادرًا ما يصل إلى قسنطينة زوَّارٌ مهتمُّون في تراث الماضي الثقافي الغني. في عام 2013 جاء إلى الجزائر أقل من مليون سائح أجنبي - وهذا ليس كثيرًا بالمقارنة مع عشرة ملايين سائح في المغرب وستة ملايين في تونس. فندق غراند سيرتا الموجود في وسط قسنطينة والذي تم بناؤه في عهد الاستعمار، يبدو أنَّه قد شهد أيَّامًا أفضل. -
مدينة نبتت من الصخر: مدينة سيرتا المبنية في القرن الخامس قبل الميلاد على صخرة منحدرة، كانت في العصور القديمة عاصمة نوميديا، قبل أن يتم غزوها من قبل الرومان. وفي عام 313 ميلادي منحها الإمبراطور قسطنطين اسمه. واليوم تعتبر قسنطينة بسكَّانها البالغ عددهم نحو نصف مليون نسمة ثالث أكبر مدينة جزائرية (يعيش في ولاية قسنطينة نحو ثمانمائة ألف نسمة). -
مدينة ذات ماضٍ عريق: بعد الرومان جاء العرب وأخيرًا الأتراك إلى قسنطينة. وبدءًا من عام 1520 خضعت الجزائر رسميًا طيلة ثلاثة قرون لحكم الدولة العثمانية - ولكن فوق صخور قسنطينة كان صاحب الكلمة الأخيرة في الحقيقة هو الـ "بيه" المحلي وحده، وليس السلطان البعيد في إسطنبول. في الصورة: قصر أحمد بيه المبني في بداية القرن التاسع عشر يجمع بين فنِّ العمارة العثمانية والعمارة الشمال أفريقية. -
مدينة الجسور: بما أنَّ قسنطينة قد نمت الآن ومنذ فترة طويلة متجاوزة حدود صخور المدينة القديمة، فقد بات يمتد فوق وادي الرمال الشديد الانحدار عددٌ لا يحصى من الجسور المعلقة. ارتفاعات بعضها شاهقة ومثيرة للدوار - مثلما هي الحال هنا عند جسر سيدي مسيد، حيث يظهر منظر رائع يُطل على جمال الطبيعة في وسط المدينة. تم الانتهاء في عام 2014 من بناء جسر صلاح بيك، الذي بطوله البالغ أكثر من ألف ومائة متر يعتبر أطول جسر معلق في أفريقيا. -
مركز ديني: في مدينة قسنطينة يجد المرء العديد من المرافق التعليمية الإسلامية والمساجد التي تعود إلى العصور الوسطى وكذلك إلى العهد العثماني مثل مسجد سيدي عبد المؤمن، الذي يعود بناؤه إلى القرن السادس عشر. وبالإضافة إلى ذلك فقد كانت توجد حتى الاستقلال أيضًا جالية يهودية كبيرة في قسنطينة. -
في قلب الطرق الصوفية: يمتلك الكناوة مركزًا من مراكزهم في مدينة قسنطينة. والكناوة هم أحفاد العبيد السابقين، الذين تم نقلهم مع قوافل الصحراء إلى الشمال خاصة مما يُعرف اليوم باسم مالي، يعرفهم السياح في المغرب في المقام الأوَّل كفرقة فولكلورية. وفي الجزائر يقدِّمون أغانيهم ورقصاتهم قبل كلِّ شيء ضمن سياق الطقوس الصوفية الخاصة بطريقتهم الصوفية. -
مركز للإصلاح الإسلامي: في عام 1909 فتحت مدرسة قسنطينة أبوابها كمدرسة قرآنية جديدة. وبعد فترة قصيرة تحوَّلت هذه المدينة إلى مركز يستقطب المثقَّفين المسلمين، الذين يسعون إلى التوفيق بين الدين والحداثة. ومن أبناء هذه المدينة المعروفين في جميع أنحاء العالم العربي، كان على سبيل المثال الإمام عبد الحميد بن باديس (1889-1940) أو المفكر الإصلاحي مالك بن نبي (1905-1973). -
منارة للعلم: يوجد اليوم في قسنطينة أربع جامعات، تثير الاعجاب من خلال مبانيها. على سبيل المثال يتعلم طلاب جامعة منتوري في قاعة محاضرات من تصميم المهندس المعماري البرازيلي أوسكار نيماير. وفي المقابل تُذكِّرنا جامعة الأمير عبد القادر أكثر بمبنى البانثيون في باريس أو مبنى الكابيتول في واشنطن. تم إنشاء هذه الجامعة الحكومية، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، في الثمانينيات. -
مدينة الكتب: خرج من مدينة قسنطينة كاتبان من أشهر الكتَّاب في الجزائر، هما كاتب ياسين (1929-1989) ومالك حداد (1927-1978). وفي الخمسينيات نشأ في الحيِّ اليهودي داخل البلدة القديمة المؤرِّخ الفرنسي المشهور بنيامين ستورا. وحتى يومنا هذا يجد المرء في العديد من أزقة المدينة القديمة مكتبات صغيرة فيها كُتُبٌ لهؤلاء الكتَّاب وكتَّاب آخرين باللغتين العربية والفرنسية. -
الكتَّاب العُمُومِيُّون: على الرغم من وجود مثل هذه التقاليد، لا يزال يعيش مثل ذي قبل في عاصمة الثقافة العربية الكثير من الناس، الذين يتحدَّثون فقط الدارجة العامية المحلية ولا يستطيعون القراءة والكتابة - في الجزائر يعتبر أكثر من ربع السكَّان البالغين أُمِيين. وعندما يضطرون إلى تحرير وثائق رسمية باللغة العربية الفصحى أو الفرنسية، فعندئذ يقصدون كاتبًا عُمُوميًا من الكتَّاب العُمُومِيين الكثيرين، الذين تنتشر إعلاناتهم في أماكن كثيرة داخل البلدة القديمة. -
أحياء الفقراء فوق أساسات من العصور القديمة: يعيش الأثرياء الآن خاصة في الأحياء الجديدة خارج وادي الرمال. وفوق صخور قسنطينة لم يبقَ إلاَّ أفقر فقراء المدينة - ولذلك فإنَّ البلدة القديمة تبدو في بعض أجزائها أشبه بالأحياء العشوائية. وهنا تتكدَّس النفايات بين المنازل المتداعية وبقايا المباني الأثرية. -
الحياة في متحف: لا يتعامل المرء دائمًا مع النُصُبِ التذكارية في قسنطينة بصورة دقيقة. كثيرًا ما تكون المباني التاريخية مأهولة بالسكَّان - وبما أنَّ هذه المباني كثيرًا ما لا يتم ترميمها من قبل إدارة البلدية، فإنَّ السكَّان يستخدمون الخرسانة من أجل استبدال الأعمدة المتداعية التي تعود إلى القرون الوسطى بأعمدة جديدة. في هذا الفناء الخاص بقصر من العهد العثماني، علَّقت الأسرة ملابسها لكي تجف. -
العالم العربي ضيفٌ على مدينة قسنطينة: من خلال اختيار قسنطينة عاصمةً للثقافة العربية لعام 2015 عُقدت الآمال أيضًا على زيادة عدد زوَّار المدينة وكذلك على زيادة الاهتمام بالحفاظ على مواقعها التاريخية. أمام قصر الثقافة في قسنطينة تُرفرف هنا أعلام الأعضاء الاثنين وعشرين في منظمة ألكسو، أي المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية. وللعام 2016، منحت منظمة ألكسو اسم "عاصمة الثقافة العربية" لمدينة صفاقس التونسية. إعداد: يعقوب كرايس ، ترجمة: رائد الباش ، حقوق النشر: موقع قنطرة 2015
https://qantara.de/ar/node/7944
نسخ الرابط
كل الصور