ماردين في تركيا - حيث الإسلام والمسيحية والتركية والعربية والآرامية والكردية
-
تقع مدينة ماردين على "طور عابدين" أي "جبل العابدين" في جنوب شرق تركيا، على مقربة من الحدود السورية. ومنذ قرون تختلط في هذه المدينة مختلف الثقافات والأديان، إذ يعيش المسلمون بجوار المسيحيين بشكل سلمي. وبجانب التركية يتكلم الناس هنا اللغة العربية والآرامية والكردية. هذا التنوع جعل ماردين مدينة معروفة، حتى خارج تركيا. -
كان للحرب الأهلية في سوريا انعكاسات أيضا على ماردين. العديد من المسيحيين بحثوا عن ملجأ في "كيركلار كيليسيسي" أو "كنيسة الأربعين شهيدا". الطائفة الأرثوذكسية السورية حاولت مساعدتهم بتقديم الغذاء، والسكن والمساعدة الروحية. الأموال المخصصة لذلك جاء جزء كبير منها من جمعيات كنسية أخرى وآشوريين كانوا يعيشون بالخارج، لكنها بقيت قليلة رغم ذلك (2015). -
في أعلى مكان في مدينة ماردين توجد قلعة قديمة يعود تاريخها لآلاف السنين، يطلق عليها"عش النسر". من هنا توالى على الحكم العديد من الملوك والسلاطين: البابليون والفرس والعثمانيون. ومنذ سنوات عديدة كان من المفروض أن يتم ترميم القلعة من أجل جذب المزيد من السياح، لكن أعمال البناء كانت متوقفة عام 2015 حين استخدم الجيش التركي القلعة كبرج مراقبة ضد حزب العمال الكردستاني. -
عندما يكون الطقس جيدا يمكن رؤية سوريا من بلدة ماردين القديمة، فالمدينة تبعد 30 كيلومترا فقط عن الحدود. كثير من السوريين هربوا من الحرب الأهلية و إرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية" (2015). وكثير منهم بحثوا عن ملاذ آمن في تركيا، حتى في ماردين. وهو ما شكل اختبارا آخر للتسامح في مجتمع متعدد الأعراق. -
بلغ عدد سكان ماردين في عام 2015 نحو 90 ألف نسمة، معظمهم من الأكراد. وتعاطف كثير منهم علنا مع حزب العمال الكردستاني، الذي يقاتل ضد الجيش التركي منذ عقود بهدف إقامة دولة مستقلة. وفي يونيو/ حزيران 2015 فشلت محادثات السلام مرة أخرى. ومنذ ذلك الحين سقط قتلي يوميا تقريبا. -
يعمل بايرام صائغا للفضة، حيث يقوم بصناعة أساور وأقراط بنقوش فنية مميزة تسمى "تلكاري". وتعتبر مدينة ماردين مركزا لهذه الصناعة التقليدية. لكن الشاب الكردي البالغ من العمر 30 سنة عام 2015 أعرب عن استيائه من الوضع حينها وقال :"هناك إقبال ضعيف، فمنذ بداية الحرب لا يأتي السياح إلى هنا." ففي صيف ذلك الوقت شهدت ضواحي مدينة ماردين مناوشات بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي. -
في عام 2015 قال: "أريد أن أعيش في سلام، لكنني لست مستعدا للتخلي عن هويتي ككردي، كما تطالب الحكومة"، يقول بايرام، الذي كان يزور عائلته كثيرا قدر الإمكان في قرية مجاورة، كانت تشهد مواجهات بين القوات الحكومية والأكراد. الطريق إلى القرية يستغرق 20 دقيقة ولكن: "أحيانا يتم توقيفي ثلاث مرات من قبل الشرطة كأنني مجرم، وهذا فقط لأنني كردي"، على حد تعبيره في ذلك الحين. -
في عام 2015 قال: "يجب أن يتوقف الأكراد عن إثارة المشاكل"، يقول إمري، الذي يعمل خبازا. إمري لا يدعم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد الذي كان حاكماً في ذلك الوقت في مدينة ماردين، وإنما يؤيد حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ، الذي يرأسه أردوغان. إمري ينتمي إلى الأقلية العربية، الموجودة في تركيا. -
"لن يكون هناك فائز في هذا الصراع"، كما قالت فيبرونيي أكيول، عمدة المدينة في عام 2015 الني كانت بالغة من العمر 27 عاما في ذلك الوقت. فيبروني من الأقلية الآشورية وكانت عام 2015 المسيحية الوحيدة في هذا المنصب في تركيا. سعت أكيول في مهمتها للحفاظ على تماسك العديد من المجموعات العرقية المختلفة في المدينة، وناشدت الجميع: "يجب أن تتوقف الحرب، وإلا سنكون جميعا خاسرين - سواء كنا أتراكا أو أكرادا أو آشوريين أو عربا." -
في أحد أيام عام 2015 قال غبريل أكيوز راعي كنيسة كيركلار آنذاك: "كان عندنا اليوم مرة أخرى 100 شخص، ومعظمهم قادمون من بلدة الحسكة الحدودية ". عندما تكون هناك أموال كان يقوم راعي الكنيسة بتوزيع قسائم للغذاء بقيمة 25 ليرة تركية (حوالي ثمانية يورو في ذلك الوقت). ويقول إن كل لاجئ يحصل على قسيمة واحدة فقط مرة في الشهر وأضاف حينها: "لا يمكننا فعل أكثر من ذلك. المساعدة يجب أن تأتي من الحكومة." إعداد: يوليا هان / كريستيان رومان/ أ.ب - دويتشه فيله 2015
https://qantara.de/ar/node/16682
نسخ الرابط
كل الصور