مظاهر العنف في أوروبا...تطرف أم خشية من ثقافة الآخر؟ الأغلبية العظمى في أوروبا من أوروبيين ومن أصول مهاجرة بمختلف ثقافاتهم تعيش في سلام واحترام. لكنها لا تخلو أيضا من مظاهر العنف تحت ذرائع مختلفة، ورغم ذلك تبقى مظاهر العنف مرفوضة من الأغلبية. بعد الانتقادات اللاذعة والرفض الشعبي الألماني الواسع للمظاهرات المناهضة للإسلام، أصبحت هذه الاحتجاجات نقتصر على بعض اليمينيين المتطرفين الذين خرجوا للتظاهر ضد قدوم اللاجئين إلى ألمانيا، معللين رفضهم بأن ثقافة هؤلاء تختلف عن ثقافتهم وأنه لا يمكنهم الاندماج في المجتمع الألماني. دقت الاستخبارات الألمانية أجراس الخطر حول ارتفاع عدد السلفيين "المتطرفين" في ولاية هامبورغ خلال عام واحد من 70 إلى 270 عنصر، منهم ستون التحقوا بـ "تنظيمات إرهابية" في سوريا. بعض المتطرفين اليمينيين الألمان أصبحوا يعمدون بدل الاحتجاج إلى إضرام النيران في البنايات والمقرات التي من شأنها أن تأوي اللاجئين. حتى وإن لم تسفر عمليات إحراق المباني عن أي أضرار بشرية، إلا أن تكرارها في عدد من الولايات والمدن الألمانية أثار قلقا وجدلا واسعا في البلاد. مظاهر التطرف والدعوة إلى العنف باسم الدين لم تقتصر على الدول العربية والإسلامية، بل أيضا دول غربية على غرار ألمانيا شهدت بدورها مظاهرات لأقلية سلفية حمل بعض عناصرها الأعلام السوداء ودعا فيها للعنف. الصورة لمظاهرة تعود إلى عام 2012 في مدينة بون الألمانية حيث تظاهر سلفيون ضد يمينيين متطرفين واعتدى أحدهم على رجال شرطة. استخدام الدين كذريعة لارتكاب جرائم، مثلما حدث خلال الاعتداء على مقر صحيفة شارلي إيبدو مطلع عام 2015 وقتل 11 شخصا من طاقمها بدافع الانتقام لصور كاريكاتورية للرسول محمد نشرتها الصحيفة، أثار استهجان الملايين ليس في فرنسا وأوروبا فقط وإنما ايضا في العديد من الدول الإسلامية والعربية. عند 2000 مسجد بألمانيا تجمعت حشود المسلمين بعد صلاة الجمعة بتاريخ 19 / 09 / 2014 تحت شعار "المسلمون يقفون ضد الكراهية والظلم"، منددين بالعنف الممارس باسم الإسلام بالشرق الأوسط ومحتجين على الاعتداء على المساجد والكنُس في ألمانيا. تقول إيمان رايمان (يسار الصورة) رئيسة المجلس التنسيقي للمسلمين في مدينة برلين: "نطالب بالعدالة لإخواننا المسلمين في كل مكان وننتقد العنف والتطرف". المعتدون لم يستهدفوا مقر صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية فقط وإنما أيضا شرطيا مسلما واسمه أحمد وشرطية أخرى كانت تنظم حركة المرور وكذلك أربعة يهود، بينهم يهودي تونسي، كانوا في أحد المتاجر اليهودية بصدد التبضع لإحياء مراسم السبت. الاعتداءات حملت توقيع تنظيم "الدولة الإسلامية". ولكن مساجد المسلمين بدورها تعرضت أيضا للاعتداء بالحرق وتهشيم النوافذ وحتى لهجوم بالمتفجرات. ففي فرنسا مثلا ارتفع عدد الأعمال "المعادية للإسلام" بنسبة 70 بالمائة منذ الاعتداءات التي قام بها جهاديون في باريس في كانون الثاني/ يناير 2015، مقارنة بعام 2014، وفقا لجمعية التصدي لمعاداة الإسلام الفرنسية. مسجد "مولانا" في قلب برلين تعرض لحرق شبه كامل بدوافع رجحت الشرطة أنها عنصرية 2014 حتى المقابر اليهودية لم تسلم من اعتداءات بعض المتطرفين إما بدافع العنصرية أو بدافع معاداة السامية. على أحد القبور اليهودية في مقاطعة الآلزاس الفرنسية كتب باللغة الألمانية "أرحلوا أيها اليهود" إلى جانب الصليب المعقوف، رمز النازيين الذين أبادوا ملايين اليهود في أوروبا. حتى وإن كان هؤلاء لا يمثلون إلا أقلية مطلقة داخل المجتمع الألماني، إلا أن النازيين الجدد، الذين يستلهمون أفكارهم من النازية واليمين المتطرف، يشكلون مصدر قلق في ألمانيا، خاصة وأنهم لا يتوانون عن استخدام العنف ضد الأجانب أو من كان شكله أو مظهره يوحي بأنه ليس ألمانيا. وفي الفترة الأخيرة سجل في عدد من الدول الأوروبية صعود التيارات اليمينية المتطرفة، مستغلة أعمال للإسلامويين المتطرفين. مازال القضاء الألماني ينظر في قضية خلية تسيفيكاو النازية الجديدة، والتي سميت نسبة لمدينة تسيفيكاو الواقعة شرقي ألمانيا، في محاكمة تحظى باهتمام دولي الواسع. هذه الخلية متهمة بقتل عشرة أفراد، تسعة أتراك ويوناني في ألمانيا، ذنبهم الوحيد أن أشكالهم توحي بأصولهم الشرقية. في الصورة العضوة الوحيدة المتبقة من الخلية، بعدما انتحر عنصران منها، والتي ترفض الإدلاء بأي تفصيل يساعد في الكشف عن الحقيقة. اليمينيون المتطرفون استغلوا مخاوف البعض في ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية من عدم معرفتهم للإسلام والمسلمين وخلطهم بالتطرف الإسلامي، خاصة بعد جرائم بشعة التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" في المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا، للدعوة إلى مظاهرات مناهضة للإسلام. الصورة مظاهرة مناهضة للإسلام في مدينة هانوفر، شمالي ألمانيا. حقوق النشر: دويتشه فيله 2015 ، إعداد: ش.ع / قنطرة