الحل لا يكمن في الأساليب العسكرية!

يرى الصحفي الخبير بشؤون الشرق الأوسط بيتر فيليب أن العراق مقبل على فوضى عارمة على حساب مصالح التيارات السياسية والدينية وأن الشعب العراقي مستاء لأنه كان يتوقع تحقيقَ تقدم كبير من خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة

عبّر رئيسُ الوزراء العراقي السابق إياد علاوي، عن تشاؤمه من الأوضاع الراهنة في العراق، واعتبر أن بلاد الرافدين تخوض حربا أهلية قائلاً إن العراق يقترب من نقطة اللاعودة أمام تفاقم العنف في البلاد، ويقترب، بالتالي، من نهاية دولة الوحدة الوطنية محذرا من انقسام العراق إلى دويلات صغيرة تقوم على الأساس الإثني والديني.

غير أن هذه الرؤية السوداء إلى مستقبل العراق لزعيم "القائمة العراقية" لا تخلو من الحقيقة خصوصا أن البلاد لم تعان من كل هذه المشاكل التي تتخبط فيها مثلما تعاني منها اليوم في الذكرى الثالثة من الهجوم الأمريكي. وأثار أخيرا الاعتداء في فبراير/شباط الماضي على القبة الذهبية في سامراء هجماتٍ انتقاميةً بين الشيعة والسنة علاوة على عمليات فيالق الارهاب الدولية التي تزيد من الوضع تأزماً.

كما أن القوات العراقية التي تضم عناصر شابة تفتقر إلى الحنكة والتجربة، لا تستطيع أن تفرض الأمن والاستقرار في العراق، وهذا ما جعل إياد علاوي ينتقد، مجددا، كونَ الولايات المتحدة الأمريكية عملت على القضاء على قوات النظام السابق بدلا من توظيفها. وهذا الخطأ يحتاج، حتى يتم إداركهُ، إلى وقت كثير، ويستلزم، بالخصوص، مزيدا من التضحيات.

إن العراق يعاني من مشاكل أكثر من أي وقت مضى بعد مرور ثلاث سنوات على التدخل الأمريكي. ويظل مشكل الوضع الأمني العويص واحدا من أهم هذه المشاكل، إذ مايزال العنف مستمرا في العراق مع تواصل التفجيرات وأعمال القتل والخطف. وهذا ما يؤكده الخبير في الإرهاب الدولي في مكتب المستشارية الألمانية، سابقاً، غيدو شتاينبرغ، الذي يقول:ً

" أعتقد أن ما يمكن أن يقولَه المرء هو أن الوضع الأمني في العراق منذ ثلاث سنوات وضعٌ كارثي. وجميع الدلائل تشير إلى أن هذه البلاد ستواجه خلال السنوات المقبلة أيضا وضعا غير مستقر، أمنيا وسياسيا. أما موضوعُ نشوبِ حرب أهلية فإني أرى أن الأمر لا يزال غير واضح إلى هذه اللحظة."

وفيما يتعلق بدور دول الجوار في حل هذه الأزمة الأمنية، والسبيل الممكن للخروج منها، فقال شتاينبرغ:

"لاأعتقد أن دول الجوار مسؤولة عن الوضع الأمني في العراق. إن حركة المقاومة من قبل الجماعات السنية سواء تلك التي يقودها عراقيون قوميون أو أجانب، هي حركةٌ قوية لديها تمويل مالي وأسلحة. وهي في الأصل ليست في حاجة إلى الدعم الخارجي، وبخاصة من إيران أو سوريا. لذلك فإن حل مشكلة الأمن هو شأن داخلي، وأرى أن الحل لا يكمن في الأساليب العسكرية من قبل الولايات المتحدة مثلا، وإنما يكمن في تسوية سياسية باستيعاب الجماعات السنية، وهذه بالطبع عملية تتطلب سنوات عديدة لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار القوةَ التي أضحت تتمتع بها حركة المقاومة في العراق."

هذا، ويطمح العديد من العراقيين عبر الانتخابات التي جرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى تحقيق الأمن. بيد أن البرلمان الجديد لم يجتمع، إلى حد الآن، إلأ مرة واحدة وكان اجتماعا قصيرا ورمزيا فقط علما أن تشكيل حكومةِ وحدة وطنية سيستغرف أسابيعَ أو أشهراً بكاملها. وعليه، فإن الشعب العراقي مستاء لأنه كان يتوقع تحقيقَ تقدم كبير من خلال الانتخابات.

إن العراق مقبل على فوضى عارمة على حساب مصالح التيارات السياسية والدينية، ففي الوقت الذي يسعى فيه الشيعة إلى الاستقلال بجنوب البلاد الغنية بالنفط، يرغب الأكراد، في المقابل، في مزيد من الاستقلالية للشمال، أما السنة فمهددون بالخروج بخفي حنين من تقسيم البلاد كما خرجوا من قبل في تقسيم السلطة.

بيتر فيليب
حقوق الطبع دويتشه فيلله

قنطرة

جمهورية العراق الاتحادية
يطرح فولكر بيرتيس، مدير مؤسسة العلم والسياسة في برلين، سيناريوهات مختلفة لتطور العراق في المستقبل القريب ويرى أنه من الممكن أن تتحول البلاد إلى دولة فيدرالية بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية وبمساعدة الأوروبيين