في أي إتجاه يتطور المجتمع المدني؟
استغرقت رحلة البرفسور عبد السلام بغدادي إلى عمان قادما من بغداد 25 ساعة في التاكسي، منها انتظار 9 ساعات على الحدود الأردنية. وأدلى مشاركون آخرون في مؤتمر المجتمع المدني العراقي الجديد الأول في عمان بتجارب مماثلة. إنهم قادمون من بلد تعتبر المرحلة الإنتقالية به غير مستقرة، كما عبرت عن ذلك ميسون الدملوشي من إتحاد النساء المستقل في بغداد:
"إن حياتنا اليومية تعج بالفوضى. لكن وبالرغم من ذلك فإن هذا هو الوقت الهام بالنسبة للعراقيين من أجل أن يأخذوا بزمام الأمور بأيديهم ويرتبوا أفكارهم وعلاقاتهم."
ولكن كيف ينبغي وكيف يمكن لهذا المجتمع أن يكون؟ ففي هذا المجال لكل أفكاره الخاصة.
إنهم يتحاورون حول الفراغ السياسي الذي يجب أن يملأ بشكل ديمقراطي على أي حال ويطلقون عبارات في الفراغ من نوع أن الفكر القومي في العراق لا يتناقض مع العالم العربي والإسلامي. إن الأمر يتعلق أيضا بدور الأديان والعشائر في العراق والسؤال المطروح حول المقولة:
هل من الممكن إقامة الديمقراطية في ظل الإحتلال؟
الوصول إلى لب الموضوع
وتختلف أطياف الأفكار المطروحة بإختلاف أطياف المشاركين في هذا المؤتمر: فهناك نشطاء الدفاع عن حقوق الإنسان وناشطات الدفاع عن حقوق المرأة ومفكرون عراقيون وعرب. ويقول أولي فوكتUli Vogt ، ممثل ممؤسسة فريدريش ناومان الألمانية Friedrich-Naumann-Stiftung في عمان، التي قامت بتنظيم هذا اللقاء، جملة هي لب الموضوع، مشيرا إلى أن هناك حاجة كبيرة للمعلومات لدى كافة الأطراف، لذا:
"يجب أولا جمع المعلومات والنظر في ذلك. إن الناس في المنطقة مهتمون جدا ، بما يدور اليوم في العراق، وبشكل خاص المنظمات غير الحكومية والمنظمات الاجتماعية. لكن ليس باستطاعة هذه المنظمات الدخول إلى هناك. أي أن الأمر يتعلق بداية بشبكة المؤسسات والتأهيل. العراقيون بحاجة إلى الخبرة وإلى التكنولوجيا. وهنا فإن للمنظمات العربية خبرة طويلة على هذا الصعيد."
ولذا فمن الصعب على المرء في هذا الوقت بالذات التنبؤ بمنحى تطور المجتمع العراقي فعلا. ويقول فوكت:
"في الحقيقة يأمل الإنسان أو يتمنى قيام عراق ديمقراطي، يكون بمقدوره مد الجسور إلى خارج حدود العرقية الثقافية العشائرية والأثنية، حيث يتم أيضا احترام المشاعر والمجموعات الدينية، دون أن تسود وتطغى على كل شيء. ولكن وبما أن الوضع غير واضح على الإطلاق، فيخشى المرء في الواقع، وهذا ما أراه أنا أيضا، من أن يصبح الأمر على قدر كبير من الصعوبة."
وضع النساء
فعلى سبيل المثال تشرح السيدة ليلى محمد الوضع الحالي الصعب للمرأة في العراق:
"تزداد جرائم الشرف ضد النساء بإستمرار، وهناك عمليات إغتصاب وإختطاف للنساء، خاصة وأنهن يشكلن حاليا أضعف حلقة في المجتمع. علاوة على ذلك فهن يجبرن الآن على الانصياع للقوانين العائلية القديمة التقليدية."
وتقول ليلى محمد بأن هذا يعد خطوة إلى الوراء. لذا فهي تتمنى لبلدها في المستقبل فصلا واضحا بين الدولة والدين. ميسون الدملوشي توافقها الرأي، ولكنها تضيف بأن لديها الإحساس بنفس الوقت أنه ما زال أمام العراقيين طريق طويل:
"إن هذا يعني عمليا أن أمامنا مهمة فتح حوار ونقاش عام من أجل الوصول إلى إيجاد دستور يلبي طموحات ومطالب الشعب بالكامل."
وما تزال المشكلة المتعلقة بسلطة الاحتلال قائمة والسؤال معلقا حول كيفية تسليم زمام السلطة في منتصف العام المقبل بشكل منظم للعراقيين.
وهل توجد فعلا ثقافة عنف في العراق، كما يعتقد البعض، وهل يمكن لذلك أن يؤدي إلى حرب أهلية؟ فعلى هذا السؤال وعلى أسئلة أخرى كثيرة ما زالت تنقص الإجابة.
بقلم كريستيان فوك
الترجمة عن الألمانية مصطفى السليمان