نموذج التعايش والتسامح في مرمى نيران التشدد
شهدت بداية العام 2010 الكثير من العنف الموجّه نحو الأقليات الدينية الإندونيسية. ففي الثالث من كانون الثاني/يناير قامت مجموعة تدعي "منبر التواصل الشعبي" بإحراق كنيسة فيلادلفيا، وهي بيت عبادة للبروتستانت الباتاك في بيكاسا غرب جاوا. وفي حادث منفصل أغلقت مجموعات متطرفة مثل "جبهة الدفاع الإسلامية" و"كتائب الطالبان" مسجد الأحمدية ومركزه الاجتماعي.
ويعمل هذا النوع من العدوانية، والذي يظهر بوضوح في ضواحي جاكرتا، حيث تجبر جبهة المدافعين عن الإسلام المسؤولين، من خلال التهديد بهجمات أو التسبب بأعمال مخلة بالأمن، على تطبيق تفسير محافظ للشريعة الإسلامية، يعمل على إفشال التسامح الطبيعي الذي تواجد في أوساط المجتمعات الدينية الإندونيسية حتى عقود قريبة خلت.
أسباب العنف
ويعتقد جيري سومامباو، منسّق لجنة الناخبين الإندونيسيين، وهي جماعة تشعّبت من الحزب الإندونيسي المسيحي عام 1970 أن هناك ثلاثة مشاكل أساسية تتسبب بهذه الزيادة في العنف الديني والطائفي:
أولاً، يرتبط العنف الديني أحياناً بعوامل سياسية. تقوم مجموعات معينة بمفاقمة الخلافات الدينية والعرقية للحصول على الدعم في الانتخابات المحلية، مما يؤثر على الناخبين للتصويت عبر خطوط دينية أو عرقية.
ثانياً، ساهم انتقال السكان من القرى إلى المدن بالمزيد من البطالة في المناطق الحضرية. يعاني المهاجرون من المناطق الريفية عادة من نسبة متدنّية في التعليم بشكل عام، ولهذا فإنهم يواجهون صعوبات أكبر في الحصول على فرص عمل. عملت الفجوة الاقتصادية الناتجة عن ذلك، والحسد الموجّه نحو الأغنياء على تحويل الشعور العام نحو مجموعات دينية معينة تعطي للفقراء وعوداً بالمكاسب الاقتصادية.
التبادل الضمني هنا بالطبع يكمن في أنه يتم تشجيع هؤلاء الذين حصلوا على المساعدة على تبني أجندة من ساعدهم، التي بالتالي تقوم أحياناً بتهميش الديانات الأخرى. وهكذا تواجه جهود بناء شعور قوي بمجتمع متعدد الديانات تحديات ليست عقائدية فحسب وإنما اجتماعية اقتصادية.
وأخيراً، يتّخذ البعض منظوراً شمولياً تجاه الدين، مدّعين أن معتقداتهم هي أفضل وأرقى منزلة من معتقدات الآخرين. يمكن لمواقف كهذه أن تؤدي إلى عنف بين الجماعات يقوم من خلاله أتباع معينون بمهاجمة آخرين لأنه يُنظَر إليهم على أنهم ينحرفون عن الإسلام "الحقيقي".
ورغم أن بعض المجموعات المحلية تعمل بجد للتعامل مع مصادر التوتر بين الديانات ومنع العنف الديني، إلا أنه يتوجب على الإندونيسيين عمل المزيد.
مبادرات إيجابية
يقوم معهد "وحيد"، وهو منظمة تتبع منظوراً معتدلاً متسامحاً تجاه الإسلام، وتعمل على تحقيق الازدهار الاجتماعي لكافة الإندونيسيين، وبالتعاون مع مركز السكان المهمّشين، بإعطاء صوت للجماعات الدينية من الأقليات والاشتراك معها في حوارات وطنية وحملات مضادة للتمييز. وتسمح هذه الحملات لجماعات الأقليات بالمشاركة بوجهات نظرها "كضحايا محتملة" بين السكان الأكثر عدداً. وفي الوقت نفسه يساعد معهد وحيد ومركز السكان المهمّشين على التعامل مع قضايا العنف الديني في الدولة من خلال احتضان المجموعات المهمّشين لمنعها من أن تصبح متطرفة.
التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المذكورة أعلاه، يؤمن أحمد سويدي، المدير التنفيذي لمعهد "وحيد" أن التغيير الاجتماعي يحصل في المجتمع الإندونيسي ويمكن أن يستمر. إلا أنه يناقش أن "المجتمعات تحتاج لنظام جديد أو آلية جديدة لوضع مخططات المشاكل الاجتماعية التي تقع في مجتمعنا". فهناك حاجة لتشجيع مستمر ومثابر للسلام والتسامح بين الجماعات الدينية وفي الإعلام، يضم إبراز المبادرات المبدعة التي تحوّل المواقف نحو الاحترام المتبادل بين أتباع الديانات بغض النظر عن معتقداتهم.
دور الحكومة
لدى الحكومة الإندونيسية كذلك دورة تلعبه، إذ سيشجّع إنشاء لجنة وطنية تمثل التركيبة الدينية الإندونيسية المتنوعة، تتقبل تطلعات المجتمع الإندونيسي المتعدد الديانات، على تطوير دراسات معمّقة حول عوامل تؤثر على النزاع والتعددية. كما ستسمح نتائج هذه الدراسات للجنة باتخاذ توصيات سياسية واعية وفاعلة للحكومة تشجع التمكين السياسي والاجتماعي للأقليات الدينية والعرقية. ويمكن لتوصيات اللجنة كذلك أن تطبّق على المستوى الإقليمي الداخلي.
سيستمر العنف ضد الأقليات الدينية، في غياب خطوات مقصودة نحو إيجاد مجتمع تعددي شمولي بشكل متبادل، في تمزيق التعددية التي شكّلت إندونيسيا وأغنتها. يتوجب على المنظمات الدينية والإعلام العمل معاً لجعل السلام والتسامح أولوية في إندونيسيا.
لوثر كيمبارين
حقوق النشر: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية 2010
لوثر كيمبارين صحفي في "جورنال ناشيونال" اليومية ومشارك في الدورة التدريبية في كانون الثاني/يناير 2010 حول نقل الخبر عبر الثقافات، التي نظمها اتحاد الحضارات التابع للأمم المتحدة ومنظمة البحث عن أرضية مشتركة في جاكرتا.
قنطرة
المسلمون والمسيحيون في اندونيسيا:
حوار الأديان في زحمة ثقافة العنف
على الرغم من أن حرية الأديان تشكل أحد ثوابت الدستور الاندونيسي، إلا أن الأزمة الاقتصادية والسياسية وغياب الفهم الصحيح للإسلام زاد من حدة الصدامات بين المسلمين والمسيحيين. آريان فاريبورز يرصد بعض مظاهر عمل المنظمات الإسلامية الليبرالية و الكنائس المسيحية في تشجيع الحوار والتصدي للتطرف.
جماعة دار الإسلام في أندونيسيا:
حكم الشريعة واعادة نظام الخلافة
ِعلينا في حياتنا اليومية الاعتراف بتعددية لا تتناغم مع المفهوم المتشدد للإسلام، يكتب نور الهدى اسماعيل في تقريره "دارالإسلام" حركة تهدف إلى إقامة دولة الشريعة الإسلامية في أندونسيا. شاركت الحركة في تمردات إسلامية داخلية عدة مثلما قامت بالعديد من العمليات الإرهابية. الصحافي نور الهدى اسماعيل الذي كان على صلة بالحركة ثم ابتعد عنها يكشف هنا كيفية قيام هذه الحركة باستغلال المدارس الدينية في تجنيد أعضائها.
المنظمة النسائية الأندونيسية "رحيمة":
نشر الديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة عن طريق الإسلام
تنادي منظمة رحيمة بالمساواة بين الجنسين وبضرورة دعم تعليم البنات. يقع مكتب منظمة "رحيمة" في حي سكني جنوب العاصمة الأندونيسية، ونرى إعلانات ملصقة على الجدران ضد العنف واضطهاد الأطفال والنساء، وبين الإعلان والآخر آيات من القرآن الكريم تذكر بحقوق النساء. تقرير كريستينا شوت من جاكرتا.