"القاعدة" في بون؟
"القاعدة" في بون؟
قبل انتقال الحكومة من بون الى برلين كان المرء يجد يافطات على الصيدليات وبعض المتاجر كتب عليها"نتحدث العربية". ولم يكن من النادر مصادفة نساء عربيات محجبات في الشارع او في المتاجر يلفتن الأنظار اكثر من النساء التركيات اللواتي اندمجن بغالبيتهن في المجتمع. ومن اجل غير المندمجين، وقبل كل شيء اولاد عدد كبير من الدبلوماسيين العرب الذين كانوا يتركزون بصورة اساسية في بون أنشئ في عام 1995 في الجزء الجنوبي من المدينة جامع فخم مع مدرسة ابتدائية وثانوية سميت باسم "اكاديمية الملك فهد"، وهي تماثل مثيلات لها منتشرة في عدد من العواصم الدولية.
الإغلاق هو الحل!
واذا عاد الأمر لرئيس بلدية كولونيا يورغن روترز لتوجب على الأكاديمية اغلاق ابوابها قريبا. هذا ما كتبته على الأقل مجلة "دير شبيغل"، اذ انه منذ اسبوعين انساب الى العلن ما كانت قوى أمن الدولة والسلطات تراقبه، ويتلخص في ان الأكاديمية اصبحت ملتقى للقوى الإسلامية المتطرفة التي اخذت تنتقل الى منطقة بون في الفترة الأخيرة من اجل ارسال ابنائها الى المدرسة. ويتلقى التلامذة دروسا لرعاية الأفكار المتطرفة ونشرها.
وجاء في برنامج "بانوراما" في القناة الألمانية الأولى ان التلاميذ ال 500 في الأكاديمية يدرسون القرآن بين ثماني واثني عشر ساعة اسبوعيا مقابل ساعة الى ساعتين لغة المانية. وانتقد باحث الماني في الإسلام الأمر معتبرا ان ذلك لا يشجع على الإندماج. ولكن المنهج الدراسي لم يهدف يوما ما إلى الإندماج. فالمنهج سعودي واُعتمد في ألمانيا لتدريس أطفال الدبلوماسيين العرب. وبالطبع بإمكان المرء التشكيك بصحة اعتماد المنهج السعودي الذي ينشر المذهب الوهابي. المذهب عينه الذي تتبعه مدارس القرآن الباكستانية التي انطلقت منها حركة طالبان الأفغانية.
الدعوة إلى الجهاد في الخطبة
واكاديمية الملك فهد مسجلة رسميا ك "مدرسة للتحصيل الإضافي" ومعترف بها من جانب ولاية شمال رينانيا ووستفاليا. لكن مثل هذه المدارس يسمح لها بتدريس تلاميذ متواجدين مؤقتا في المانيا مثل اولاد الدبلوماسيين. وفي مكتب التعليم العالي في كولونيا يعرف المرء ان هذا الشرط لم يعد متوفرا الآن، وان 42 في المئة من التلاميذ فيها حاليا يملكون الجنسية الألمانية. وفي ما يخص الباقي هناك شكوك ايضا بأنهم تلاميذ يتواجدون لفترة طويلة في المانيا. والنظام التعليمي الإلزامي يفرض على الجميع الإلتحاق بمدارس رسمية او خاصة معترف بها. وهذا لا ينطبق على "اكاديمية الملك فهد".
ولكن لا احد قادر على فعل شيء ضد الأكاديمية لمجرد اتهامها بأنها قريبة من التنظيم الإرهابي "القاعدة". صحيح ان مجلة "بانوراما" اذاعت فقرة من خطبة خطيب في الجامع يدعو فيها الى الجهاد، وهذا الخطيب الذي كان يدرّس في المدرسة اقيل من عمله الآن. اضافة الى ذلك فان تعبير "الجهاد" متعدد المعاني. في بعض الأحيان يترجم كمرادف ل "الحرب المقدسة"، وفي احيان اخرى يترجم ك "جهد" يبذل للعيش وللعمل حسب تعاليم الإسلام. وحتى قوة الجذب التي تمارسها الأكاديمية على المحافظين والمتطرفين ليست سببا كافيا لإغلاقها حتى ولو وجد في دائرتها او بين آباء تلاميذها اشخاص مشبوهين. فقط في حال ان المدرسة او الموظفين فيها ينتهكون القانون بامكان المرء محاسبتهم.
والأكاديمية مؤسسة تابعة للعائلة المالكة، ولا توجد لبرلين مصلحة ولا اي سبب ضاغط لجعل العلاقات، التي تشهد اصلا برودة بعض الشيء، اكثر سوءا. وعلى ما يبدو لا يوجد سبب كاف حتى الآن، ووزارة الخارجية الألمانية لا ترى حاليا حاجة لكي تتحرك.
بيتر فيليب، دويتشه فيلله 2003
ترجمة اسكندر الديك