لاجئون من إفريقيا في طريقهم إلى أوربا

الوضع على حدود مدينتي سبتة ومليلة استقر على ما يبدو من جديد، بعد محاولات المئات من اللاجئين الأفارقة عبور الحدود في اواخر السنة الماضية. ولكن لا يزال الكثير من الأَفارقة يختبئون في المنطقة الحدودية المتاخمة لهاتين المدينتين. تقرير شتيفن لايديل

ذكرت مصادر حكومية إسبانية أَنَّ الوضع على حدود مدينتي سبتة ومليلة استقر من جديد، بعد محاولات المئات من اللاجئين الأفارقة عبور الحدود إلى أوربا في اواخر السنة الماضية. ولكن لا يزال الكثير من الأَفارقة يختبئون في المنطقة الحدودية المتاخمة لهاتين المدينتين. تقرير شتيفن لايديل

​​نادرًا ما كان يوجد مثل هذا القدر الكبير من الصراحة. فحتى فترة قصيرة كان من المستحيل أَنْ نُعاين المنشآت الحدودية في مليلة مع الـ"غوارديا سيفيل"، أَي برفقة الشرطة العسكرية الإسبانية. ناهيك عن أَنَّ الشرطة كانت لا تجيب على أَسئلة الصحفيين - لأَسباب أَمنية، مثلما كان يُقال.

لكن الآن تسعى الشرطة الإسبانية من أَجل الظهور بمظهر لطيف؛ إذ أَنَّها تريد من جديد تحسين صورتها المشوَّهة، لذلك فهي تدعوا لإجراء جولات تفقدية في منطقة الشريط الحدودي البالغ طوله إثنتا عشر كيلومترًا. تبدأ هذه الجولات انطلاقًا من مركز المراقبة والتفتيش.

يوجد أَكثر من مائة كاميرا منصوبة على الحدود، ترسل الصور التي تلتقطها إلى مركز الشرطة العسكرية. يقول الموظَّف خوان أَنطونيو ريفيرا، إنَّ الوضع حاليًا هادئ جدًا:

"عندما يقترب شخص ما من سياج الأَسلاك الشائكة، فإنَّ الكاميرا تتّجه نحوه، وعندها نرسل إلى هناك دورية من حرس الحدود. كذلك يوجد في الأَرض أَجهزة لرصد الحركة؛ وهي ترسل لنا إلى المركز إشارات ضوئية".

إجراءات أوربية

تم في الأَشهر الماضية رفع سياج الأَسلاك الشائكة المزدوج تقريبًا في كلّ المناطق على امتداد الحدود من ثلاثة إلى ستة أَمتار - وبتمويل من الاتحاد الأوروبي. وعدا ذلك هناك تخطيط لوضع سياج حماية آخر من الحبال المعدنية، على حدّ قول خوان أَنطونيو ريفيرا.

"نحن معنيون في هذا الصدد، بالحيلولة التامة دون وصول المهاجرين إلى سياج الأَسلاك الشائكة وبأَنْ لا ندعهم يجرحون أَنفسهم على الأَسلاك الشائكة. وفي النية تركيب سياج متشابك من الحبال المعدنية، يُفترض أَنْ يؤدي وظيفته كنسيج العنكبوت".

هناك على الطرف الآخر من السياج ثمَّة مجموعات من الخيام المنصوبة، تبعد كل منها مائة مترًا عن الآخرى: لقد تمركز الجيش المغربي في تلك المناطق. وحتى أَنَّه تم في بعض المواضع قطع أَشجار الأَحراش، وذلك لكي لا يستطيع أَيّ شخص الاقتراب من السياج من دون أَنْ يُلاحظ.

تُشاهد فوق هضبة صغيرة كمية من جذوع الأَشجار الجافة المكدَّسة فوق بعضها البعض. لقد صنع المهاجرون منها سلالم، لكي يجتازوا السياج. يقول أَحد رجال الشرطة متذكِّرًا:

"في هذا المكان وقعت المعركة الكبرى ما بين الأَفارقة وعناصر الجيش المغربي. لقد أَسفرت تلك الحادثة عن قتلى وجرحى. هل شاهدت فيلم "القلب الشجاع" ؟ لم يتقدَّموا هنا مندفعين كما في الفيلم على صهوات الخيول والسيوف بأَيديهم، بل اقتحموا السياج بسلالم خشبية. هل تريد التقاط صورة؟".

استقرار زائف

بيد أَنَّ اهتمام عناصر الشرطة بالتعامل بلطف ودماثة لا يعني بالضرورة المزيد من الصراحة. فهم لا يتطرَّقون للحديث عن الظروف التي لاقى فيها بعض المهاجرين مصرعهم. كان عدد الموتى حسب المعلومات الرسمية إحدى عشر شخصًا. لكن هناك منظَّمات غير حكومية مثل بروداين Prodein تنفي صحة هذه المعلومات. لقد قام رئيس بروداين، خوسيه بالازون، بنفسه بالبحث والتقصّي على الجانب المغربي، كما تحدَّث مع العديد من المهاجرين:

"لقد أَحصينا 22 قتيلاً. وتحدَّثنا مع مجموعات مختلفة من الأَفارقة السود الموجودين في الغابات، التقينا معهم في أَوقات وأَماكن مختلفة. كما صوَّرنا بأَنفسنا شخصًا ميّتًا في الغابة. ورغم أَنَّه لدينا صور، لكن السطات غير مهتمّة بالكشف عن ظروف موت المهاجرين".

يقول خوسيه بالازون، إنَّ الاستقرار الذي يبدو على حدود مليلة هو استقرار زائف. إذ أَنَّ وضع المهاجرين الموجودين على الطرف الآخر من الحدود سيّئ.

"تم تحويل موضوع الهجرة بالنسبة لإسبانيا والمغرب إلى صفقة. إذ حصلت المغرب على أَموال كثيرة من الاتحاد الأوروبي بهدف الاهتمام بشؤون المهاجرين، لكّنها لا تهتم بهم. وبدلاً عن ذلك فإنَّ الجيش المغربي يمارس على المهاجرين ضغوطات شديدة" على حدّ قول خوسيه بالازون.

وخوسيه بالازون على اتّصال بالكثيرين من الأَفارقة السود، الموجودين على التراب المغربي في الغابات المحيطة بمدينة مليلة. وهم لا يتحرَّكون إلاَّ ليلاً وبمجموعات صغير فقط، وذلك بسبب خوفهم من الجيش. وأَحيانًا يسافر خوسيه بالازون إلى الجبال ويُحضر إلى بعض المهاجريم موادًا تموينية.

ظروف صعبة

لقد التقينا بثلاثة شبّان من الكاميرون. لم يريدوا ذكر أَسمائهم الحقيقية. قال أَحدهم إنَّ اسمه روبرت:
"أَصعب شيء حاليًا هو العثور على الطعام. أَحيانًا يقدِّم لنا بعض الناس خبز. في السابق كنّا نأكل من القمامة، لكنَّهم نقلوها إلى أَماكن أخرى. يذهب الكثيرون إلى مناطق بعيدة جدًا من أَجل العثور على ما تبقّى من القمامة".

منعت سلطات الأَمن المغربية المواطنين المغاربة من تقديم الطعام أو الشراب للمهاجرين. كما أَنَّ الخوف الذي يسيطر على هؤلاء المهاجرين الثلاثة كبير جدًا. يعيش روبرت منذ ثلاثة أَعوام في الجبال. وحتى الآن حاول الوصول إلى مليلة اثنا عشرة مرَّة. وهو حاليًا يريد الانتظار؛ فربما سوف يُعيد المحاولة في يوم ما.

بقلم شتيفن لايديل
ترجمة رائد الباش
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2006

قنطرة

سياسة أوروبا المتعلقة بالهجرة
على الرغم من أن دول أوروبا اعتبرت السياسة المتعلقة بالهجرة حتى الآن من المجالات الواقعة ضمن سيادتها الوطنية وتقاعست في بداية الأمر حيال التعاون فيما بينها، فقد بدأت تظهر بوادر خطوط مشتركة بينها. تقرير بيرنهارد شميد.

لاجئون أفارقة في اليمن
عشرات الآلاف من اللاجئين، لا سيما من الصومال، يتوافدون سنويا إلى اليمن عن طريق البحر. وعلى الرغم من استقبالهم وإيوائهم هناك، إلا أن غالبيتهم تريد السفر إلى أوروبا.

"يجب معاملة اللاجئين كبشر"
كثيرا ما يقع اللاجئون الذين يحاولون التسلل إلى أوربا عبر سبتة ومليلة ضحية لعنف الشرطة المغربية والإسبانية، وهذا ما يثبته تقرير منظمة "أطباء بلا حدود" التي تقدم رعاية طبية للاجئين.