تاريخ عريق

تعد تركيا واحدة من الدول القليلة التي عاش فيها اليهود في الماضي في أمان. بهاء غونغور رئيس تحرير القسم التركي في إذاعة دويتشه فيلله عن الأقلية اليهودية في تركيا.

قتل وأصيب العديد في اعتداء تعرض له معبدان يهوديان في مدينة اسطنبول في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني. يقول حقي كسكين رئيس الجالية التركية في ألمانيا، إن الإرهابيين أرادوا على ما يبدو ربط هذا العمل بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن اليهود الأتراك "ليست لهم علاقة بهذه الأحداث". وتعد تركيا على حد قوله واحدة من الدول القليلة، التي عاش فيها اليهود في الماضي في أمان، ودون أن يتعرضوا للاضطهاد والمطاردة والتمييز العنصري. التفاصيل التالية حول الأقلية اليهودية في تركيا بقلم Baha Güngör.

يعيش في تركيا نحو 20.000 يهودي معظمهم في اسطنبول. كما توجد تجمعات يهودية صغيرة في العاصمة أنقرة وإزمير والمناطق الساحلية على بحر إيجه، وأقاليم Hatay ، و Gaziantep، على الحدود الأناضولية مع سوريا، ولا يُعرف عددهم على وجه الدقة، حيث يُسجل اليهود كمواطنين أتراك عند إجراء الإحصاءات السكانية الرسمية.

كان بمقدور اليهود الاعتماد حتى الآن على انفتاح الأتراك منذ تأسيس الجمهورية التركية قبل 80 عاماً، وعلى احترام الإمبراطورية العثمانية للأديان الأخرى. وترجع أسباب انخفاض عدد اليهود في تركيا من نحو 80.000 في بداية العشرينات بهذا الشكل إلى التطورات التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الثانية. وهاجر عشرات الآلاف من اليهود إلى أوربا وأمريكا بسبب الضائقة الاقتصادية التي صاحبت معارك التحرير التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك ضد قوى الاحتلال.

موجات هجرة عديدة

وشهدت الأربعينات والخمسينات موجات هجرة أخرى نظراً لضريبة الثروات التي فرضت على أعضاء الطوائف غير المسلمة، فأوجعت اليهود أيضاً بصورة حساسة. كانت معاهدات لوزان المبرمة عام 1924 قد اعترفت باليهود، وهم من الأرمن واليونانيين، كأقلية-على عكس الأكراد مثلاً- مما مكنهم من الحفاظ على لغتهم وثقافتهم وسمح لهم بالحق في نشر الصحف والمطبوعات بلغتهم.
كما بدأت موجة هجرة أخرى بعد تأسيس إسرائيل. وقبل هذا فر يهود كثيرون من نظام الاشتراكية القومية النازية إلى تركيا، ثم هاجروا مرة أخرى بعد الحرب العالمية الثانية.

تعود بداية هجرة اليهود إلى تركيا بحدودها المعروفة اليوم إلى عام 1492، حيث انهار الحكم العربي في شبة جزيرة ايبريا فتعرض اليهود للاضطهاد ومحاكم التفتيش المسيحية. ومنحهم السلطان بيازيد الثاني، سلطان الإمبراطورية العثمانية، حق اللجوء ومنحهم حق الحرية الدينية، التي منحها السلطان الفاتح محمد الثاني الأقليات المسيحية بعد فتح القسطنطينية عام 1453.

اسطنبول مركز الحياة اليهودية

يوجد نحو 40 معبد يهودي في تركيا اليوم، نصفهم تقريبا في اسطنبول الواقعة على البوسفور. وهناك فضلاً عن ذلك 19 مؤسسة وخمس مدارس يهودية مسجلة رسمياً.
اكتمل بناء المعبد اليهودي نبي السلام عام 1951 وفتح للصلاة. وقد تعرض هذا المعبد لاعتداء يوم 6 سبتمبر/أيلول 1986، وكان يوم سبت أيضاً، قتل فيه 21 من المشاركين في صلاة السبت.
كبير أحبار المعبد هو اليهودي التركي Rav Ishak Haleva، تولى هذا المنصب بعد انتخابه منذ عام مضى، خلفاً لـ Rav David Asseo الذي شغله منذ عام 1961 وحتى وفاته في يوليو/ تموز 2002.

بعاء غونغور، دوتشه فيلله 2003
ترجمة حسن الشريف