تعليم الفتيات في أفغانستان - معركة بأمعاء خاوية ضد الجهل والإرهاب
"عند وصولنا للمدرسة يكون قد انتهى اليوم الدراسي" تعلل نجيبة، ذات الـ15 ربيعاً، توقفها وأخواتها عن الذهاب للمدرسة. نجيبة واحدة من الكثير من الفتيات الأفغانيات، اللواتي أجرت منظمة هيومن رايتس وتش مقابلات معهن في إطار الإعداد لتقرير عن وضع تعليم الفتيات في أفغانستان. وقد صدر التقرير في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2017.
وحسب التقرير، قدمت الحكومة الأفغانية والدول والمنظمات المانحة للمساعدات موضوع تعليم الفتيات للرأي العام كقصة نجاح كبيرة. وصار بإمكان ملايين الفتيات في مرحلة ما بعد طالبان دخول المدرسة؛ إلا أن تحقيق هدف تعليم كل الفتيات لا يزال بعيد المنال. وتشير الإحصاءات الحكومية إلى أن حوالي 3.5 مليون طفل لا يرتادون المدارس، وتشكل الفتيات نسبة 85 بالمائة منهم. وحسب نفس التقرير تبلغ نسبة الفتيات المتعلمات 33 بالمائة، بينما ترتفع النسبة بين الفتيان إلى 66 بالمائة.
التحرش الجنسي
تكمن أحد أهم أسباب تردد الأهل في إرسال بناتهم للمدرسة في عدم توفير الحكومة ما يكفي من المدارس للفتيات كما تفعل بالنسبة للفتيان. ويضاف التحرش الجنسي إلى أسباب إحجام الأهل عن إرسال بناتهم للمدارس المختلطة. تقول إحدى الفتيات، التي أخرجها والدها من المدرسة عند بلوغها سن الثانية عشر لـ هيومن رايتس وتش: "تتعرض الفتيات في المدرسة للتحرش من الفتيان. ويشمل ذلك اللمس في مواضع حساسة وأشياء أخرى...لذلك تركنا المدرسة".
وتقول مليحة، البالغة من العمر 17 عاماً، أن بعض الفتيات تعرضن لرش وجوهن بمادة الأسيد الحارقة: "حدث ذلك في الشارع أمام المدرسة...وفقدت بعض الفتيات على إثر ذلك البصر" وتركن المدرسة.
نقص في البنى التحتية
أصدرت الحكومة الأفغانية قانوناً بإلزامية التعليم حتى سن الرابعة عشرة. غير أن الكثير من الأطفال لا تمكّنهم الظروف من متابعة التعليم حتى ذلك السن، هذا إذا دخلوا المدرسة أصلا. نقص الأبنية المدرسية ووعورة الطرق يدفعان بالآباء للإحجام عن إرسال أولادهم للمدرسة. "لدينا 395 مدرسة في العراء. ويشكل هذا تحدياً كبيراً للفتيات"، حسب ما أفاد به مسؤول محلي للمنظمة الحقوقية.
"لا أملك ثمن قلم رصاص لابني"
بالنسبة للعائلات الفقيرة والمعدمة، فإن إرسال الأطفال للمدرسة أمر شبه مستحيل. وحتى في حال كان بمقدورهم ذلك، فإن تلك العائلات تفضل تعليم الذكور على الإناث. وتمكث الفتيات في المنزل للمساعدة بكسب بعض المال في أعمال كالتطريز والخياطة أو نبش القمامة للعثور على بعض ما يؤكل أو يباع. "يتصارع الأطفال في السوق للفوز بما يؤكل. ويلتقطون القشور من الأرض لأكلها. الأمية متفشية بشكل كبير. هل عليهم الاهتمام بالتعليم أم بما يسد رمقهم؟ لا يمكنك الذهاب للمدرسة والتركيز على التعليم بأمعاء خاوية"، ينقل تقرير هيومن رايتس وتش عن زعيم محلي في العاصمة كابول. كما يقول ناشط اجتماعي مبرراً عدم إرسال ابنته للمدرسة: "لا أملك ثمن قلم رصاص لابني، ناهيك عن ابنتي".
طالبان بالمرصاد
وما يزيد الطين بلة، هو أن حركة طالبان تقف بالمرصاد لجهود الأهل في تعليم أطفالهم وتحرّم تعليم الفتيات في المناطق التي تسيطر عليها. "حركة طالبان ليست بعيدة عن مكان سكننا. إذا ذهبنا للمدرسة ستقتلنا. إذا وفرت الحكومة لنا الأمن عندها سنذهب للمدرسة"، تقول فتاة في الثانية عشر من عمرها تسكن في منطقة قندهار.
وقد لخصت فتاة أخرى، تُدعى قسيمة، الأمر بالقول: "نحن بحاجة للسلام. كما نحتاج... للتعليم المتكافئ لكلا الجنسين ذكوراً وإناثاً؛ إذ أن الذكور لديهم حقوق أكبر في هذا المجال".
بصيص أمل للفتيات
تكافح الكثير من العائلات لتعليم بناتها على الرغم من كل تلك المعوقات والصعوبات، غير أنها تحتاج للدعم، بحسب ما ذهبت إليه المنظمة الحقوقية في تقريرها. وقد تحدثت المنظمة مع عائلات غيّرت مكان سكنها عدة مرات للتمكن من تعليم البنات. كما أرسلت عائلات أخرى أولادها الذكور للعمل في إيران لتمويل تعليم البنات.
وحسب تقرير هيومن رايتس وتش، يعمل الممولون مع الحكومة الأفغانية لتطوير نموذج لتعليم الفتيات في مثل تلك الظروف الغير مؤاتيه. وهذا النموذج يقوم على تعليم الفتيات في المنازل. "إدماج هذا النموذج في نظام التعليم الحكومي مع توفير الدعم المالي المناسب ومراقبة جودته سيكون بمثابة طوق النجاة للكثير من الفتيات"، تقول ليسل غيرنثهولتز من هيومن رايتس وتش.
مهاجر نيوز 2017