وضع المرأة الأفغانية بعد إعلان الدستورالجديد

في بحر التطورات السياسية في أفغانستان والمصادقة على الدستور الجديد للبلاد الذي ينص على صون حقوق المرأة، توجهت عدسات الصحفيين من كل مكان لرصد ردود الفعل لدى العامة على ذلك. تقرير منى صالح

من المشاهد المعبرة التي عرضتها عدسات التلفزيون هي أن أحد الرجال الأفغان يبدو من جواده أنه ذو شأن ومقام لوّح عندما سئل عن ذلك بسوطه وقال : إذا كانت المرأة تستحق أي شيء فهو هذا السوط. كان مشهداً معبراًً من عدة نواحٍ وأهمها هي أن نظرة السيطرة الرجالية في العديد من المجتمعات والأوساط لايمكن تغيرها بتلك السهولة ومهما تم من تشريع قوانين جديدة. لكن لايمكن لمثل هذه الأوضاع كبح جماح إرادة النساء على التغير ولا جماح التطورات الإيجابية في هذا الميدان.

طبيبة الأطفال مسعودة جلال ترشح نفسها لرئاسة أفغانستان

طبيبة الأطفال مسعودة جلال عزمت على ترشيح نفسها كمنافسة للرئيس الحالي حامد كارزاي في الانتخابات الرئاسية القادمة في البلاد، لأنها كما قالت لن تعتمد في تطبيق حقوق النساء على البرلمانيين من الرجال، إنما ستسعى هي أيضاً الى تحقيق هذا الهدف من خلال استلامها مسؤولية حكومية. وقد عبرت عن عدم رضاها التام عن نصوص الدستور المتعلقة بحقوق المرأة والإنسان واصفة إياها بأنها ذات صيغة عامة لا بل ذهبت الى أبعد من ذلك لتقول إن ظلم المرأة في أفغانستان لم يقتصر على عهد طالبان.

كيف بدأت مسعودة جلال بخوض معترك السياسة

طبيبة الأطفال مسعودة جلال كانت قد خلعت رداء الطب الأبيض بعد سقوط حكم طالبان ودخلت معترك السياسة. وهذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها على خطوة جريئة من هذا النوع، ففي حزيران/ يونيو من عام 2002 عندما أكدت اللويا جيرغا الحكومة الانتقالية برئاسة حامد كارزاي، أعلنت مسعودة عن ترشيحها نفسها للرئاسة وعندما تشرح الدافع لذلك تقول:

"أردت القيام بشيء من أجل النساء وفتح باب في هذا الاتجاه، أردت ترشيح نفسي بشكل رسمي كي تحذو حذوي فيما بعد نساء أخريات".

وتشير مسعودة الى توفر الإمكانية القانونية لذلك، فالبند الأول من الفقرة الثانية للدستور الجديد ينص على منع كل تفضيل وكل تمييز بين المواطنين الأفغان وعلى أن المواطنين يتمتعون بنفس الحقوق، لكن مسعودة جلال تعتقد أن الدستور لن يتمكن من تحسين الحياة القاسية للنساء بين عشية وضحاها وتقول:

"كان لدينا قبلاً دستور ينص على المساواة بين الرجال والنساء والأطفال ومع ذلك تعرضت النساء الأفغانيات الى العنف والتمييز. وإذا سألتموني عن رأيي أقول بكل صراحة إنه كان من المفروض أن يعرّف الدستور حقوق النساء بكل وضوح."

التجربة الحاسمة الأولى لاستلام مهام حكومية

طبيبة الأطفال الأفغانية مسعودة جلال هي أم لثلاثة أطفال وهي ماتزال تتذكر ذلك اليوم من حزيران يونيو من عام ألفين وأثنين عندما رشحت نفسها منافسة لحامد كارزاي، عندئذ حاول أعضاء من الحكومة المرحلية من الأسياد أيام حرب التحرير ضد الاتحاد السوفياتي سابقاً ومن أمراء الحرب أيام الحرب الأهلية ومن أساتذة الدين المحافظين، هؤلاء حاولوا حملها علىالتراجع عن الترشيح. حتى زوجها الأستاذ في جامعة كابول تعرض الى تهديد شديد. ومع ذلك بقيت مسعودة على تصميمها وحصلت في النهاية على أحد عشر بالمائة من أصوات الوفود. وقد أكسبها ذلك مزيداً من الثقة والجرأة على الإدلاء بدلوها في عالم السياسة. وفي مسعاها الجديد تمتلك مسعودة ميزة إزاء كارزاي ونصف أعضاء حكومته فكما تقول:

"أنا بقيت طيلة حياتي حتى الآن في أفغانستان ولم أهرب الى الخارج، لقد عايشت كل ماعاشه الشعب الأفغاني. لقد عانيت، ومثلما هو الحال بالنسبة الى كل أبناء أفغانستان لم يحالفني الحظ طيلة تاريخنا الدموي."

مسعودة جلال تعتقد أنه لن يكون بالإمكان التقيد بموعد الانتخابات المقرر في الصيف القادم وحول ذلك تقول:

"في أفغانستان لايمكن إجراء انتخابات طالما لم يستتب السلام وطالما تواجدت الأسلحة الفتاكة بيد أناس عديمي المسؤولية. لهذا لا بد من تجريد الناس من السلاح في أسرع وقت ممكن، فقط بعد تحقيق هذا الأمر يصبح بإمكان المواطنين انتخاب من يريدون فعلاً دون خوف."

عندما تقرأ مسعودة جلال البند الثالث من الفقرة الثالثة للدستور والقائل بأنه لا يجوز في أفغانستان أن يشرع أي قانون يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي وقيمه تقول:

"الأمر هنا ليس واضحاً على الإطلاق، ونحن لا نعلم ماذا يكمن فعلاً خلف نظام سياسي ما. الفقرة المذكورة لا توضح ما إذا كنا سنصبح دولة ليبيرالية أم لا."

ومسعودة خبرت بنفسها وكنساء وطنها أن طالبان لم يكونوا الوحيدين الذين مارسوا باسم الدين التعسف والاضطهاد
.
منى صالح، دويتشه فيلله 2004