حوار إلكتروني مع الأهل

تمكن لاجئون في قرية ألمانية من إنشاء مقهى إنترنت يوفر لهم أخيرا إمكانية الاتصال الرخيص بالوطن. تقرير كاترينا كوفارك من الدويتشه فيلله

المكالمات الهاتفية مع الخارج مرتفعة السعر، خاصة عندما يتم الاتصال هاتفيا من ألمانيا مع دول مثل الكاميرون وأنغولا وفيتنام وأفغانستان، لا سيما وأن المبلغ الذي يناله اللاجئ في ألمانيا قليل للغاية، ولا يكفي لتحمل تكاليف الاتصال مع الأهل والأصدقاء في الوطن. وقد قام في أحد دور اللاجئين في ولاية براندنبورغ أشخاص يسعون للحصول على صفة اللاجئين السياسيين، بمبادرة تهدف إلى توفير أجهزة الكومبيوتر وما يتبعها من أدوات التجهيز الإلكتروني وترتيب حلقات دراسية بهذا الشأن. كللت تلك المبادرة بالنجاح.

هاتف في الدار

يقف وراء المبادرة شخص يدعى إبين تشو وهو على قناعة بأن الاتصالات الإلكترونية تشكل حقا من حقوق الإنسان. إنه يقول ذلك على الرغم من أنه لم يكن يعرف حتى قبل فترة ضئيلة جدا كيفية مجرد تشغيل الكومبيوتر. تعرض إبين تشو في موطنه الكاميرون للاضطهاد السياسي فهرب وهو يعيش في دار سكنى للاجئين في ولاية براندنبورغ منذ خمس سنوات.
يروي اللاجئ: "قالت لي عائلتي، المكالمات الهاتفية غالية يا إبين، أعطني أفضل عنوانك الإلكتروني!" ويضيف "لكني لم أكن أملك مثل هذا العنوان، الأمر الذي لم تستطع عائلتي تصديقه" . لم تستطع العائلة أن تتصور حالة مثل هذه الدار للاجئين التي يسكن فيها إبين والواقعة في قرية ألمانية. يسكن هناك أكثر من 300 لاجئ، ولا يتوفر لهم سوى جهاز هاتف غالي التكلفة وكثيرا ما تعرض للخلل وانقطع عن العمل. هنا رأى تشو وبعض رفاقه في سكن اللاجئين بأن هذا الوضع ينبغي أن يتغير.

صدى كبير

يقول تشو حول انطلاق مبادرته: "تساءلنا عما ينبغي القيام به. إمكانياتنا كلاجئين محدودة، لكننا كنا في بلادنا ناشطين سياسيين مما جعلنا نعرف كيفية القيام بالاتصالات. وجه هؤلاء اللاجئون الذين أطلقوا على أنفسهم تسمية "تحرير اللاجئين" نداءات للتبرع في الجريدة المحلية ووزعوا منشورات واتصلوا بالمنظمات الإنسانية والطلابية.
كان الصدى كبيرا إذ حصلوا على عدد من أجهزة الكومبيوتر زاد عن احتياجاتهم وطاقات دار السكنى. حيث وضع مسكن اللاجئين الكائن في مدينة بوتسدام قاعة تحت تصرفهم كما أبدت منظمة إنسانية في برلين استعدادها لتحمل نفقات المكالمات الهاتفية للنصف الأول من العام.

حوار إلكتروني باللغات الوطنية

مواطنون من بلدان مختلفة يتزاحمون في دخول القاعة الصغيرة لمسكن اللاجئين. يصف تشو ذلك بقوله " الكل كان هناك، من فيتنامي وأفغاني إلى أفريقي وأمريكي لاتيني. إنهم يتخاطبون بلغاتهم ويتراسلون إلكترونيا ويتحاورون عبر الإنترنت. هذا الأمر شيق للغاية بالنسبة لمعظم اللاجئين". أفريقي كبير في السن يركز كل اهتمامه على شاشة الكومبيوتر. لقد غيّر الإنترنت مجرى حياته: "نحن سعداء بكل هذه التجهيزات. في السابق كنا نتوجه إلى مقهى إنترنت بالقرب من محطة القطارات.وكان ذلك يكلفنا مبلغ يورو واحد، لكن هذا المبلغ الضئيل نفسه لم يكن في حوزتنا أحيانا."
لا شك أن الاتصالات الإلكترونية هامة. يقول الرجل المسن القادم من الكاميرون :"بوسعي عبر الإنترنت أن أتصل بعائلتي في الكاميرون وبأصدقائي في كل أنحاء العالم. وعندما نجلس أمام الكومبيوتر ونتصل بعائلاتنا فإن ذلك يخفف ولو قليلا من وطأة التوتر الذي نعاني منه".

طلاب جامعيون يجرون دورات مجانية لتعليم الكومبيوتر

ليس بوسع جميع اللاجئين استيعاب هذا القطاع الجديد بأنفسهم. لهذا ستقدّم لهم في المستقبل حلقات دراسية مجانية. ونظرا لقلة الإمكانيات المالية المتوفرة للاجئين فإن مهمة التنظيم والترتيب تقع على عاتقهم. وقد شارك بعضهم بدورة دراسية لتعلم الكومبيوتر استغرقت ثلاثة أشهر نظمها مجانا طلاب يدرسون في جامعة الهندسة في برلين.
يعود المشاركون بالحلقة إلى دار سكناهم حيث يعلّمون رفاقهم كيفية تشغيل الكومبيوتر والبحث عن معلومات في الإنترنت وإنشاء عنوان إليكتروني لأي منهم.
لكن أغلب اللاجئين في ألمانيا ما زالوا لا يملكون إمكانية الاستفادة من الإنترنت بسعر مناسب أو مجانا. لهذا فإن تشو يحدوه الأمل بأن تتوفر الاتصالات الإلكترونية في كل مساكن اللاجئين قريبا.وقد بدأ تشو وبعض رفاقه يعملون دؤوبا على إنشاء صفحة إنترنت (ويب سايت) مقدمة من اللاجئين وإليهم. ومن المقرر استكمال هذه الصفحة ابتداء من شهر ديسمبر/كانون الأول 2003 تحت العنوان التالي:
www.refugeesemancipation.net

كاترينا كوفاليك، دويتشه فيلله 2003
ترجمة حسن الشريف