''لا توجد أي مصيدة قانونية في التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة''
ما هي الخطوات القانونية التي يتوجب على الفلسطينيين تقديمها إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف والحصول على العضوية الكاملة؟
معتز قفيشه: طلب العضوية في الأمم المتحدة لأي دولة في العالم يتطلب وفق المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة التوجه إلى مجلس الأمن والمجلس بدوره يمنح توصيه بإعطاء أو عدم إعطاء العضوية للدولة المتقدمة وبما أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تستخدم حق النقض الفيتو فهذا يعني عدم وجود توصيه وقبول للطلب الفلسطيني. ولكن هناك لبس قانوني في ذلك، فمحكمة العدل الدولية في قرارها الصادر في عام1950م تشترط وجود التوصية من مجلس الأمن ويعتبر ذلك شيئا إلزاميا لقبول طلب الانضمام إلا بوجود توصية من مجلس الأمن، ولكن هناك مخرج قانوني للقضية الفلسطينية يمكن الالتفاف على هذه القاعدة وفق مبدأ جمعية "متحدون من أجل السلام" التابعة لهيئة الأمم التي تقر في حال فشل مجلس الأمن بإعطاء قرار أو توصية عند استخدام حق النقض "الفيتو" يمكن أن يحال الطلب في هذه الحالة إلى الجمعية العامة ويصبح القرار الصادر عن الجمعية ملزما وبقوة قرار مجلس الأمن، والتي تهدف لعدم جعل الجمعية العامة حبيسة لقرارات مجلس الأمن، وبالتالي على الوفد الفلسطيني استخدام هذه النافذة لتقديم طلب الاعتراف.
.
ما هي المداخل القانونية التي يمكن أن يستفيد منها الفلسطينيون لنيل طلبهم بالعضوية ؟
قفيشه: هناك مدخلان لاعتراف بالدولة الفلسطينية: الأول من خلال مجلس الأمن والثاني وفق نظام الانتداب الذي خوله إلى الجمعية العامة، ويمكن لفلسطين الاستفادة من هذا المدخل للحصول على الاعتراف والعضوية الكاملة. وأرى أن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس قد لا يتوجه إلى مجلس الأمن نتيجة الضغوط الأمريكية والأوروبية، ولكن سوف يتوجه إلى الجمعية العامة. وبتقديري يمكن للجمعية العامة أن تمنح العضوية الكاملة لفلسطينيين، التي هي المختصة في الأقاليم التي كانت خاضعة للانتداب وفلسطين كانت منتدبه من قبل بريطانيا وبما أن عصبة الأمم منحت الانتداب وبعد حلها ينتقل إلى جمعية الأمم المتحدة وفي هذه الحالة يمكن أن تمنح الجمعية العامة قرارا بالاعتراف بدولة الفلسطينية.
هل يستطيع الفلسطينيون القفز عن مجلس الأمن لنيل عضويتهم؟
قفيشه: مجلس الأمن ليس الجهة المختصة وهذا يتضح من خلال القرار محكمة بخصوص دولة ناميبيا في عام 1970 التي كانت منتدبة من جنوب أفريقيا وتم منحها العضوية، وأقرت جمعية "متحدون من أجل السلام" أن الجمعية العامة هي المختصة في الأقاليم التي كانت خاضعة للانتداب . وبخصوص الطلب الفلسطيني الجمعية العامة هي المختصة، ومجلس الأمن في هذه الحالة ليس هو الجهة المختصة وهو فقط مهمته إعطاء أي عضوية لأي دولة في العالم وليس مختص في تحديد مصير الدول التي كانت خاضعة للانتداب .
ماذا يعني للفلسطينيين دولة مراقبة؟
قفيشه: في حال عرض الفلسطينيين دولتهم على الجمعية العامة يمكن أن تكون فقط دولة مراقبه مثل الفاتيكان أو سويسرا قبل عام 2002 وهذا يعني عدم قدرة فلسطين على المشاركة في التصويت في الجمعيات التابعة للأمم المتحدة. ولكن يمكن أن يستفيد الفلسطينون من القدرة على الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي ومحاكمة إسرائيل ويمكن لفلسطين بعد أن تحصل على عضو مراقب أن تقدم طلبا في المستقبل وتحصل على الاعتراف والعضوية الكاملة .
هل هناك تخوف وريبه فلسطينية من الحصول على الدولة وإلغاء حق العودة للاجئين وإلغاء منظمة التحرير، كيف ترى ذلك قانونيا ؟
قفيشه: لا توجد أي مصيدة أو تخوف من هذا التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة وفي حال الاعتراف وقبول العضوية سوف يحقق الفلسطينون مكاسب سياسية وقانونيه كبيره. وبخصوص اللاجئين وفق القانون الدولي لا يمكن لها أن تلغي حق اللاجئين وهذا شيء مكفول بالقانون الدولي. ولكن يأتي هذا التخوف من زاويتي بمنح الدولة الفلسطينية مواطنيها الجنسية والهوية الفلسطينية للاجئين في الخارج. هؤلاء الأشخاص لا يمكن أن يصبحوا لاجئين الفقرة "ج" من اتفاقية اللاجئين الفلسطينيين الموقعة في عام 1951.
وفي حال حصول هؤلاء على جنسيات فسوف يتوقف عن اعتبارهم لاجئين، أي من تقديم الخدمات والحماية، إذ ستنتقل المسؤولية إلى الدولة الفلسطينية وهذا لا يلغي حقه في اللجوء والعودة وفق القانون الدولي، وهذا ينطبق على الكثير من الفلسطينيين الحاصلين على جنسيات مختلفة ولكن لن يسقط حق العودة لهم ولا ينتهي حق العودة لأنه حق شخصي وليس حقا سياسيا أو حق دوله. هذا الأمر كفله القانون الدولي وفي حال تنازلت منظمة التحرير جدلا فهذا التنازل غير قانوني، والتخوف الثاني هو أن تحل الدولة محل منظمة التحرير وأصبحت تمثل الفلسطينيين على حدود عام 1967 والتخوف أن يكون هذا بديلا للمنظمة وتصبح تمثل فقط الفلسطينيين المقيمين في حدود عام 1967 وهذا التخوف غير قائم لأن منظمة التحرير تم الاعتراف بها من كل دول العالم ووجود دولة فلسطينية لا يشكل أي خطر على منظمة التحرير أو تمثليها للاجئين .
كيف يستفيد من ذلك اللاجئون في الخارج؟
قفيشه: من خلال منح الدولة الفلسطينية القادمة كافة الفلسطينيين في الخارج الهوية وجوازات السفر ليتمتعوا بحق المشاركة السياسية والانتخابات والحماية الدبلوماسية، وكذلك إمكانية التنقل والعودة إلى الضفة وقطاع غزه مع بقاء حق العودة لهم داخل الأراضي التي هجروا منها داخل إسرائيل قائما.
في حال حصول فلسطين على عضوية ما هي المكاسب السياسية والقانونية لذلك؟
قفيشه: إذا اعتبرنا العضوية في الجمعية العامة ستنتج دوله عضو في الأمم المتحدة ستعتبر فلسطين عندئذ دولة من نواح عدة من خلال الاستفادة من اتفاقية جنيف التي توفر الحماية للمدنيين في حالة الحرب والاحتلال واتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بأسرى الحرب، وباتفاقية جنيف الرابعة التي تحرم نقل المدنيين من دولة الاحتلال إلى الإقليم المحتل وهذا يعني المستوطنات الإسرائيلية وفق الاتفاقية يعتبر ذلك جريمة حرب، وبالتالي بعد الحصول على العضوية يمكن اعتبار المستوطنات عملا من أعمال جرائم الحرب، فيصبح هناك حق للدولة الفلسطينية مقاضاة إسرائيل على ذلك.
وبخصوص الأسرى التي تتعامل معهم إسرائيل بأنهم مجرمون جنائيون ويحاكمون على أساس قانون العقوبات الإسرائيلي بعد إقامة الدولة الفلسطينية سيصبحون أسرى حرب وتنطبق عليهم اتفاقية جنيف التي تنص على إطلاق سراحهم بعد انتهاء حالة الحرب وتوقيع اتفاقية السلام ، وهناك تخوف إسرائيلي من إمكانية ملاحقة الجنود والضباط الإسرائيليين في محكمة الجرائم الدولية في لاهاي لارتكابهم جرائم حرب بحق الفلسطينيين.
وكذلك قضية الملاحة البحرية والجوية الفلسطينية التي سوف تصبح حقا فلسطينيا وفق لاتفاقيات الدولية التي تنظم الملاحة وحق الفلسطينيين بالاستفادة من الثورات البحرية في مياهها الإقليمية، وكذلك إمكانية إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزه باعتباره جريمة منافية للحقوق والمواثيق الدولية. وكذلك حق الفلسطينيين في التجارة الخارجية.
ما مدى صعوبة هذه المعركة القانونية؟
قفيشه: العملية سوف تكون طويلة وبحاجه لتصميم سياسي وخبرة عملية وخبراء قانونيين لكي نستمر في هذه المحاولات في مجلس الأمن. والمحاكم الدولية هي عملية وجزء من النضال السلمي وبالتالي لا تستطيع الولايات المتحدة وإسرائيل معاقبة الفلسطينيين على هذا الحق السلمي القانوني وفي حال تم رفض هذه التوجهات من قبل إسرائيل والولايات المتحدة يجعل مصداقية الشرعية الدولية على المحك وسيقود إلى خلخلة النظام السياسي والقانوني الدولي.
ما مدى تفاؤلك في نجاح هذه القضية في الأمم المتحدة؟
قفيشه: أنا متفائل من خلال اطلاعي وتحليلي للنصوص والبنود القانونية في حق فلسطين بالعضوية الكاملة، ولكن أنا أتخوف أن تكون هذا الحركة مجرد خطوه تكتيكيه فلسطينيه لتحريك المفاوضات وليس عملية استراتجية نعتمد عليها في نيل الحقوق والدولة.
هل الفلسطينيون جاهزون لإقامة الدولة قانونيا؟
قفيشه: الجاهزية موجودة ولكنها ضعيفة بحاجه إلى تطويرها ودعمها، فنحن بحاجه لجاهزيه سياسيه تشريعية وقانونيه واقتصاديه لتحقيق الدولة وهذا يتطلب منا أن نعد العدة للنتائج القانونية التي ترتب على الاعتراف بالدولة.
أجرى الحوار: مهند حامد
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2011