أتمنى المزيد من تبادل الثقة بين المسلمين في ألمانيا
السيد فرومّ، يشارك جنود من الجيش الاتحادي الألماني في الحرب ضدّ الإرهاب في أماكن مختلفة من العالم. دائرتكم تقود هذه الحرب في ألمانيا. فهل تستطيعون أن ترسموا لنا صورة تقريبية لهذا العدو؟
هاينتس فرومّ: إنَّ الذين يصدر عنهم خطر الإرهاب في أوروبا الغربية - وبذلك في ألمانيا أيضًا - هم أشخاص يستخدمون الإسلام لأهدافهم السياسية. هذا يعني أنَّهم يخوضون حربًا عالمية - أي الجهاد الدولي.
يوجد من بينهم مَنْ يحاول فعل هذا في ألمانيا. وهنا تلعب مشاركة ألمانيا في الحرب الدولية ضدّ الإرهاب وكذلك النزاعات في العراق وأفغانستان وفي مناطق أخرى دورًا مهمًا في هذه المماحكة.
إن ما ذكرتموه عبارة عن بعض من السمات العالمية، لكن هل توجد أسباب ودوافع أخرى تحثّ وتحفِّز هؤلاء الأشخاص؟
فرومّ: نحن نعنى بالسؤال عنما يدفع الأشخاص الذين يعيشون هنا أو الذين يأتون إلى هنا إلى تبني مثل هذه الأفكار - ما الذي يجعلهم متطرِّفين؟ كيف يتمّ تجنيدهم وكيف يتمّ استدراجهم إلى القيام باعتداءات محتملة؟ ولا نرى صورة موحَّدة تمامًا، أي أنَّه عندما يتعلَّق الأمر بمثل هذا السلوك لا يوجد اتجاه أو سبب واضح. توجد ظواهر مختلفة جدًا.
على سبيل المثال يوجد لدينا من ناحية أشخاص يأتون إلى هنا من أجل الدراسة، ومن المحتمل أن يكونوا قد جاءوا من بلدانهم الأصلية حاملين معهم آراءً متطرِّفة وأصولية، تزيد شدَّتها فيما بعد هنا في الغربة. يتجلى مثال ذلك في الجماعة التي كانت تابعة لمحمد عطا والتي سافرت في فترة لاحقة إلى أفغانستان، حيث كُلِّفت هناك بمهمَّتها وقامت بعد فترة بالإعتداءات في أمريكا.
لكن كان هناك كذلك الشخصان اللذان وضعا في الصيف الماضي الحقائب المفخَّخة في قطارات وكان بإمكانهما أن يتسبَّبا بوقوع حادث مشؤوم. كان هذان من الذين أتوا إلى ألمانيا منذ فترة قصيرة فقط وقد قاما بعملهما هذا بناءً على آرائهما المتطرِّفة.
ومن ناحية أخرى يوجد إسلامويون مستعدّون لاستخدام العنف يعيشون هنا منذ فترة طويلة - وحتَّى من أبناء الجيل الثاني أو الثالث. إنَّ هذا يسبِّب لنا متاعب كبيرة، وذلك لأنَّهم يبدون في الظاهر مندمجين ولا تمكن معرفة نواياهم إلاَّ بصعوبة شاقة. فهم يعرفون البلاد هنا ويجدون سبلهم المناسبة. وهم يستطيعون اتِّخاذ التحضيرات من دون أن يشعر بهم أحد.
لقد شاهدنا شيئًا مشابهًا في بريطانيا في صيف عام 2005، وذلك عندما قام هناك أشخاص كان يبدو أنَّهم مندمجون بهذه الاعتداءات على حافلات وقطارات أنفاق.
لكن في بريطانيا تعيش جالية باكستانية كبيرة جدًا، غير موجود ما يقابلها في ألمانيا. ولكن الأقلية التركية التي تقيم هنا في ألمانيا لها خصوصيات ودوافع مختلة كلّ الاختلاف. فهل تمكن حقًا مقارنتهما مع بعضهما؟
فرومّ: لا، بالتأكيد وبصورة عامة لا. لكن يكفي قليل من الأشخاص من أجل القيام باعتداء عنيف. إنَّ الحقائب المفخَّخة التي وضعت في الصيف الماضي تظهر ذلك بوضوح. إذن لا يتعلَّق الأمر بتركيبة الأقليات من حيث بلادهم الأصلية. بالطبع أنت على حق في أنَّ الاحتمال في بريطانيا كما يبدو أكبر بكثير مما هو عليه عندنا.
تكمن بعض الدوافع والأسباب أيضًا في عدم وجود ونقص الاندماج أو في الشعور بوجود نقص في الاندماج في ألمانيا وكذلك في الظلم وعدم المساواة من خلال مجتمع الأغلبية. بماذا تساهمون من أجل إيجاد مواقف وعلاقات واضحة، في سبيل عدم المساواة ما بين "الفكر الإسلاموي" و"الإسلام" وفي سبيل عدم ترك هذه الأمور تضيع دائمًا؟
فرومّ: نحن نفعل كلَّ شيء بقدر ما تُتاح لنا الفرصة، لكي نوضِّح أنَّ الأمر لا يتعلَّق هنا بالدين أو بممارسة الدين، بل بنشاطات سياسية ترمي إلى تحقيق أهداف معيَّنة، تسيء استخدام الدين - والمقصود في هذه الحالة هو الإسلام - من أجل أهداف متطرِّفة.
نحن نحاول أن نوضِّح ذلك في منشوراتنا - في تقاريرنا الموجودة أيضًا في الانترنت. نحاول فعل ذلك أيضًا في فعاليات عمومية. بيد أنَّ هذه الجهود التي تبذل بغية التنوير ليست بالسهلة، كذلك لا يزال الاستعداد للعناية بهذه المسائل التي تكون أحيانًا معقدة شيئًا ما غير منتشر انتشارًا واسعًا.
ما مدى تعاون الجانب المسلم الذي يبدو هنا بمظهر متعدِّد جدًا، ولا يبدو بصورة المنظَّمة الموحَّدة؟
فرومّ: أتمنَّى أن يكون هناك المزيد من الثقة لدى طائفة المسلمين في ألمانيا. هذه الطائفة غير متجانسة؛ إذ يوجد بين المسلمين الكثير من الجماعات الدينية المختلفة، التي تتصرَّف بشكل مختلف تماما. إنَّ هذا بطبيعة الحال ليس انتقادا.
لكن بصورة عامة يمكن القول إنَّ الاستعداد لتقديم إرشادات للأجهزة الأمنية أو للشرطة أو حتَّى للهيئة الاتحادية لحماية الدستور لا يزال غير منتشر انتشارًا واسعًا.
نحن نبذل جهدنا - بالتعاون مع الشرطة - لكي نخلق هنا المزيد من الثقة. لقد بدأنا نتحادث مع جمعيتين إسلاميتين، مع الاتحاد الإسلامي التركي DITIB والمجلس الأعلى للمسلمين، ومن الممكن أيضًا أن توضع بعض الاقتراحات في حيِّز التنفيذ.
هذا يعني أنَّ هناك محاولة لإيجاد شبكة للاتصال في كلِّ أنحاء ألمانيا من أشخاص موثوق بهم في الجمعيات المسلمة من جهة وأفراد من الأجهزة الأمنية من جهة أخرى، وذلك من أجل التمكِّن من إزالة التحفُّظات المتبادلة التي تعترض سبيل التفاهم ومن أجل تحسين التفاهم والتواصل.
أجرى الحوار بيتر فيليب
ترجمة رائد الباش
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2007