''الاندماج مسألة إرادة وإمكانية وسماح''
ما هي مهامك بصفتك وزيرة لشؤون الاندماج في ولاية بادن فورتمبيرغ؟
بيلكاي أوني: تكمن مهام الوزراء على العموم في الكشف عن الأخطاء والانحرافات في المجتمع ومن ثم تقديم الحلول الممكنة. والسياسة تحدِّد الإطارات العامة لمجالات العمل المختلفة؛ وهذه المجالات بالنسبة لي هي الاندماج وسياسة الاندماج والهجرة. عندما أتيت من برلين إلى ولاية بادن فورتمبيرغ نظرت متسائلة ما هي المشكلات الموجودة هنا في ولاية اتِّحادية غنية ولا تكاد توجد فيها بطالة. ولكن ولاية بادن فورتمبيرغ ولاية توجد فيها أعلى نسبة من المهاجرين في ألمانيا حيث تبلغ نسبتهم هنا أكثر من ستة وعشرين في المئة؛ وفي هذه الولاية نجد أنَّ ربع السكَّان من أصول أجنبية وحتى أنَّ هذه النسبة تصل لدى الناشئين إلى الثلث. وإذا نظرنا إلى نسبة البطالة بين المهاجرين ونسية الذين يعيشون عند خطّ الفقر وعدد المتسرِّبين من المدارس من ذوي الأصول الأجنبية، فسنلاحظ أنَّ هناك حاجة كبيرة للعمل. لقد توليت أيضًا مسؤولية شؤون طالبي اللجوء وتأمين السكن للاجئين، وهذا يشكِّل تحديًا كبيرًا. وفي هذا المجال يذهب الجزء الأكبر من ميزانيّتي. ونتيجة لذلك لدينا في وزارة شؤون الاندماج الكثير من المهام المختلفة.
يعدّ موضوع الاندماج في الولايات الألمانية الأخرى واحدًا من عدة موضوعات داخل الوزارة التي قد تكون مسؤولة أيضًا على سبيل المثال عن الشؤون الاجتماعية والعمل والأسرة أو العدل وكذلك الشؤون الأوروبية. فهل الأجدر أن تهتمي أنت ووزارتكم بموضوع واحد فقط؟
أوني: عادة ما يكون موضوع الاندماج في الولايات الألمانية الأخرى ضمن اختصاص وزارة الشؤون الاجتماعية. وبطبيعة الحال من الأفضل إن يكون لدينا وزارة مستقلة لشؤون الاندماج تضطلع بجميع المهام ولديها الاختصاص المناسب. ولكن في المقابل إذا وضع قسم الاندماج في وزارة أخرى وكانت هناك حاجة لموافقة وزارات أخرى من أجل تنفيذ إجراءات مهمة، فعندئذ سيؤدِّي ذلك إلى إضاعة الكثير من الوقت والطاقة. وعلى سبيل المثال عندما اتَّخذت بعض الإجراءات الخاصة بقانون الجنسية لم أعد مضطرة إلى سؤال زميلي وزير الداخلية، وذلك لأنَّ هذا العمل أضحى من اختصاصي. وهذه ميِّزة كبيرة. وربما كان من الممكن أن يتم تقييم هذه الإجراءات من قبل وزارة الداخلية على نحو مختلف. وأعتقد أنَّنا سنكون مع الوزارة الجديدة والموظَّفين الجدد قادرين في وقت أقصر على تنفيذ الكثير من المشاريع الجديدة التي ربما يتطلب تنفيذها في وزارات أخرى قدرًا أكبر بكثير من الطاقة وفنون الإقناع.
في شهر أيَّار/مايو 2012 سيكون قد مضى عام على وجودك في منصبك؛ فما هي الأهداف التي تمكَّنت من تنفذها؟
أوني: لقد نجحنا في تحقيق بعض التقدّم في موضوع الجنسية؛ حيث قمنا باتِّخاذ عدّة قرارات لتبسيط التجنّس. وعلى سبيل المثال أصبحنا نسمح في ولاية بادن فورتمبرغ بتعدّد الجنسية للأشخاص الذين لا يمكنهم التخلي عن جنسيَّتهم الأصلية. كما أنَّنا أصبحنا نعفي المهاجرين كبار السن من اختبار اللغة الألمانية التحريري، وذلك لأنَّ هذه الفئة لم تتح لها الفرصة لتعلم كتابة اللغة الألمانية في المدرسة. وقدَّمنا علاوة على ذلك مبادرة إلى البرلمان الاتِّحادي من أجل إلغاء واجب الاختيار في قانون الجنسية، وضمن هذا السياق نحن نعمل من أجل تمكين جميع الذين يحصلون على الجنسية المزدوجة عند ولادتهم من الاحتفاظ بجنسيَّتهم الأصلية والجنسية الألمانية أيضًا بعد بلوغهم سنّ الرشد.
وبالإضافة إلى ذلك لقد أقمنا على سبيل المثال "حلقة نقاش حول الإسلام" تركِّز تحديدًا على مشكلات المسلمين وقضاياهم التي تختلف جزئيًا عن مشكلات المهاجرين المسيحيين. ومن هذه القضايا الحجاب الذي يخص المسلمين وحدهم، وكذلك نحر الحيوانات أو طقوس الدفن الإسلامية ومادة التربية الدينية الخاصة بالمسلمين. وكذلك أطلقنا أيضًا استطلاعًا للرأي لكي نعرف ما هو رأي مجتمع الأغلبية في الاندماج وما هي طموحات الأغلبية من وزارة الاندماج.
إذا نظرت إلى سياسة الاندماج عامة في ألمانيا، فما الذي يسير بصورة حسنة؟
أوني: أتمنى التمكّن من الإجابة على هذا السؤال مباشرة وبالكثير من الجوانب الإيجابية؛ ولكن على العموم إنَّ النقاش الدائر حول الاندماج غالبًا ما يسير بصعوبة. وكثيرًا ما نتحدَّث واحدنا في الشرق والآخر في الغرب ولا نتفاهم؛ وبالتالي لا يعرف المهاجرون ماذا يريد مجتمع الأغلبية وما هو رأيه بالاندماج، والعكس بالعكس. ولذلك أعتقد أنَّه يجب علينا أن نوضِّح أكثر ماذا نريد - ويجب على المهاجرين أيضًا فعل ذلك. توجد اتِّهامات من ناحية ثم تقابلها تفسيرات من الناحية الأخرى. وعلى نحو ما نحن لا نستطيع التفاهم، وأنا لدي انطباع بأنَّ الجبهات متصلبة للغاية. وإذا استطعنا كسر ذلك فسيكون هذا جيدًا. ولكن هذا ممكن فقط إذا خضنا نقاشًا صادقًا وتناولنا أيضًا القضايا التي يعتبر بعضها مزعجًا أو ينظر إليها على أنَّها حرجة. ومن الجيد والمناسب ممارسة المزيد من النقد الذاتي من جهة المهاجرين وكذلك أيضًا من جهة مجتمع الأغلبية.
ماذا تحتاج سياسة الاندماج الألمانية؟
أوني: يجب علينا زيادة الدوافع عامة إلى الاندماج. وأعتقد أنَّ هذا الأمر صعب، إذ كثيرًا ما يشتكي المرء من وجود مهاجرين كثيرين يرفضون الاندماج. ولكن هل هذا صحيح في الواقع؟ أنا من جهتي لا أعرف إن كان هذا صحيحًا أم لا. الاندماج مسألة إرادة وإمكانية وسماح؛ وهذا يعني أنَّ المهاجرين يجب أن يريدوا الاندماج، ولكن كذلك يجب أن يريده أيضًا مجتمع الأغلبية. ويجب وضع المهاجرين في وضع يمكِّنهم من الاندماج. وبالضافة إلى ذلك يجب أن يسمح لهم الاندماج. وإذا كانت هناك عوائق وموانع تعترض طريق الاندماج، فيجب علينا أن نقوم بإزالة الموجودة منها لدى الدولة.
بماذا يستطيع المهاجرون القيام من أجل الإسهام أكثر في اندماجهم؟
أوني: بإمكانهم أيضًا الاستفادة أكثر من عروض الاندماج. فما الفائدة من أفضل مشروع للاندماج إذا المهاجرون لم يقوموا بتنفيذه أو إذا كانوا لا يريدون تنفيذه. ولهذا السبب يجب علينا الترويج لذلك ويجب أن يكون من الواضح تمام الوضوح أنَّ الجهود الرامية إلى الاندماج تستحق الاهتمام. وإلاَّ فسيشعر المهاجرون بالإهانة وينعزلون في زاويتهم.
هل حان الوقت برأيك لتأسيس وزارة اتِّحادية للاندماج؟
أوني: لقد تمت مناقشة هذا الطلب بصورة إيجابية في الآونة الأخيرة. وكذلك قالت المستشارة أنجيلا ميركل إنَّ الاندماج مهمة مستقبلية ذات شأن؛ كما طالبت وزيرة الدولة لشؤون الاندماج في الحكومة الاتِّحادية ماريا بوهمر بتأسيس وزارة اتِّحادية خاصة لشؤون الاندماج. وسيكون من حسنات ذلك الجمع بين جميع المهام والاختصاصات في وزارة واحدة والتمكّن بالتالي من معالجة الأمور بسهولة ومن دون خسائر ناجمة عم الاحتكاكات ومن دون الاعتماد على الوزارات الأخرى. ولكن يتوقَّف توفير المزيد من الأموال لهذه الوزارة على نوع المهام التي ستؤدِّيها؛ فمشاريع الاندماج لا تكلف دائمًا الكثير من المال، وحتى أنَّها توفِّر أحيانًا بعض المال. وإذا تم إنشاء وزارة اتِّحادية لشؤون الاندماج، فسيكون ذلك أمرًا جيدًا ومفيدًا. ولكن هذا قرار يجب أن تصدره هذه الحكومة الحالية وربما أيضًا الحكومة القادمة.
أجرت الحوار: كلاوديا برفتسانوس
ترجمة: رائد الباش
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: دويتشه فيله/قنطرة 2012
ولدت بيلكاي أوني في تركيا عام 1970، وتعيش في ألمانيا منذ العام 1973. تولت في شهر أيَّار/مايو 2011 منصب وزارة شؤون الاندماج في ولاية بادن فورتمبيرغ. وكانت قبل ذلك نائبة عن حزب الخضر في مجلس شيوخ مدينة برلين، وفي عام 2009 انضمت إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.