"لكل سور باب، والباب هو الحب"

قصة زواج التركية المسلمة مزين من عالم اللاهوت الألماني توماس تعكس القواسم المشتركة بين الديانات. كما أنها تجربة رائدة على صعيد حرية اختيار شريك الحياة والتعايش بين أبناء الثقافات. تقرير عبد الأحمد رشيد

يعيش في ألمانيا أكثر من ثلاثة ملايين مسلم، نصفهم تقريبا من النساء ومعظمهن تزوجن من مسلمين وحتى من أبناء وطنهن. ولكن ليس الأمر دائما بهذه الصورة، إذ اختار قسم منهن الارتباط برجال لا يدينون بالإسلام، لتبدأ بذلك رحلة المعاناة والمواجهة مع الذات ومع الآخر.

وفي ظل الهوة التي يعيشها العالم اليوم بين الشرق والغرب و"صراع الأديان" كما يحلو للبعض تسميته ومطرقة الاندماج والانعزال التي تعاني منها الجالية المسلمة في ألمانيا، نسج كل من مزين غولريوس وتوماس دريسن حكاية أخرى، حكاية صيغت فصولها في وقت ضاعت فيه الحقيقة وغاب فيه العقل والحوار، حكاية زواج رجل دين مسيحي من مسلمة تركية.

لقد كتب لهذا الزواج أن يعمر كثيرا رغم اختلاف المنطلقات الدينية لكل منهما، إذ مضى عشرون عاما على هذا الزواج في حياة مازالت مليئة بالحب ومفعمة بالسعادة والتجدد.

تدخل الأهل يذلل الصعوبات

لم يكن وقع هذا الأمر على أهل الفتاة التركية سهلا، فقد رفض الأهل في بداية الأمر مجرد تقبل الفكرة ولكن أمام إصرار ابنتهم على سلامة موقفها واقتناعها برأيها أخذت مخاوف الأهل بالتبدد رويدا رويدا من خلال تجدد الثقة بابنتهم لتعود الأمور إلى مجاريها في علاقة تقوم على الاحترام المتبادل.

وفي هذا الصدد، قالت مزين "بالرغم من كل مخاوفي، إلا أني عبرت مباشرة عما أريد وكيف أتصور حياتي بالعيش مع رجل مسيحي ألماني". وعند تقدم توماس لطلب يدها تمّ ذلك في مقر ملتقى الجالية التركية في مدينتها وليس في منزل عائلتها خوفا من رفض والدها، رغم أنه لم يبد حماسه لمثل هذا الأمر وكان رافضا لهذه الزواج منذ البداية، إلا أنّ تدخل الأقرباء والأصدقاء قد ساهم في تخفيف حدة موقف الأهل.

الإمام:" لكل سور باب، والباب هو الحب"

لم تقتصر هذه الصعوبات على الفتاة، بل كان الأمر صعبا كذلك على زوجها سواء عائليا أو مهنيا، حيث رفضت الكنيسة الإنجيلية طلبه للعمل في أحد معاهدها الدينية، بدعوى أنّه " يضر بصورة الكنيسة لدى الرأي العام" مع أنّ هذا لا يتعارض مع مبادئ الكنيسة.

وعلى الرغم من هذا، إلا انّه مازال ناشطا في مجال الدعوة والحوار بين الجالية المسلمة والوسط المسيحي. لقد كان من المهم بمكان للفتاة التركية أن يتم مباركة زواجها دينيا للشعور بنوع من الطمأنينة والتقبّل من أفراد محيطها، رغم علمها بأنّ هذا الأمر شائك وصعب، خصوصا وأنّ الإسلام يحرم زواج المسلمة من غير المسلم.

وبعد أخذ ورد أقرّ الأئمة في منطقة ديسبورغ انّ " لكل سور باب، والباب هنا هو الحب" وردا على سؤال من قبل أحد الزوار إن كان هذا الأمر لا يزعجهم قال أحد المشايخ "هي مسلمة، ولكن حياتها الخاصة وطريقة تفكيرها ومع من ترتبط أمر يعنيها وحدها وهذا أمر لا علاقة لنا به".

تجربة وأنموذج

تشكل عادة مسألة الاعتقاد لدى الأبناء أحد أبرز المشاكل التي تواجه الزواج بين أبناء الديانات المختلفة وخاصة كما في المثال الذي نحن بصدده. فقد رزق هذان الزوجان بثلاثة أبناء، حيث يحاول الأبوان تقديم الإسلام والمسيحية لهم من خلال الذهاب للمسجد والكنيسة وترك لهم حرية اختيار الاعتقاد دون ضغط أو إكراه دون أن يؤثر ذلك على حب الوالدين لأبنائهم بعد اختيارهم أحد الدينيين كما عبّر الوالدان عن ذلك.

هذه التجربة الرائدة والفريدة قد تكون نموذجا أكبر للتعايش بين الحضارات والأديان، نموذجا يتعدى خلية المجتمع الأولى ليصل إلى المجتمع الأكبر من أجل الوصول إلى حلول للعديد من المشاكل التي تعد اليوم معضلات يصعب البت فيها.

وهذا يدلل على أنّ اختلاف الديانة قد يكون عامل تفاهم وجسرا للتواصل، يقرب وجهات النظر المختلفة ويزيل الكثير من اللبس عن العديد من القضايا وأن الأمر مازال ممكنا للتخلص من عقدة الخوف من الآخر إذا ما توافرت النوايا الحسنة. وهذه الأسرة قدمت تجربة رائدة في المجتمع الألماني وفي المجتمع الإسلامي في المهجر لتقول للأصوات المضادة إنّ الأديان تقرب ولا تبعد وإنّ الحب فوق حدود الدين السائدة هذه الأيام.

عبد الأحمد رشيد/ إعداد: هشام العدم
حقوق الطبع دويتشه فيلله 2006

قنطرة

اختلاف الثقافات بين التفاهم والواقع المر
تعاني بعض العائلات الشابة في ألمانيا من مشكلة الاختلاف الثقافي والديني. فبعض الشباب المسلم الذي جاء إلى ألمانيا بهدف الدراسة أو العمل، تعرف على شريكة حياته في الغربة. زاهي علاوي يعرفنا على تجربة بعض الأزواج.

الزواج المدني ممنوع في لبنان
تعتبر قبرص بالنسبة لللبنانيين المنتمين إلى طوائف دينية مختلفة الراغبين في الزواج المخرج الوحيد لعقد زواج مدني. كريستينا فورش تحدثت مع عروسين في بيروت