تحالف حضارات لا صراع حضارات!
تشكلت مجموعة المبادرة من شخصيات مختلفة برئاسة المدير العام السابق لمنظمة اليونسكو فيدريكو مايور ووزير الشؤون الدينية التركي محمد آيدن. ومن بين الشخصيات المشاركة رئيس حكومة إيران السابق محمد خاتمي وأحد المستشارين اليهود لملك المغرب والأسقف ديزموند توتو من جنوب إفريقيا.
وقد قامت المجموعة مؤخرا بتسليم تقريرها الأول للسيد كوفي أنان في اسطنبول مبرزة فيه أن مشاكل هذا العالم ليست ناتجة عن "صراع الحضارات" ولا تمت جذورها إلى الأديان بصلة. وهي ترى أن هذه المشاكل ترجع لأسباب سياسة واقتصادية قبل كل شيء وأن على العالم أن يسعى متحدا لإزالة هذه الأسباب وفي مقدمتها حل صراع الشرق الأوسط.
ما من دين يدعو الى العنف
خلال إحدى زياراته القصيرة لألمانيا من أجل التحضير لمؤتمر خيري كبير يُعقد الصيف القادم بمدينة بوخوم سألنا الأسقف توتو عن أسباب تفاؤله بهذا التقرير. يقول توتو: "ليس هذا تفاؤلا، بل أنا مليء بالأمل. أحد أسباب ذلك هو: أولا، على الرغم من أن المجموعة التي كتبت هذا التقرير هي مجموعة متنوعة للغاية استطعنا أن نصل إلى اتفاق في كثير من المسائل المطروحة للنقاش. وهذا يعتبر على ما أعتقد نموذجا مهما ومثالا يمكن أن تحتذي به بقية العالم. وثانيا إنني أعتقد، والكثير منا يعتقد ذلك أيضا أنه لا يوجد دين يتصف بالعنف أو يدعو إلى العنف".
إستغلال الدين
هناك نماذج كثيرة تبين أن جماعات مختلفة ثقافيا ودينيا كانت ولا تزال تعيش مع بعضها البعض في سلام. ولكن هناك أيضا بالطبع محاولات متكررة لاستغلال الدين لأغراض أخرى. وليس ذلك بالشيء الجديد. فقد استغل الدين لتبرير العبودية، بل وحتى الهولوكوست والعنصرية. لذلك يجب أن ندرك أن ثمة من يحاول تضليل الرأي العام باسم الدين.
أورد التقرير المقدم من مجموعة العشرين سلسلة من المهام - في مجال السياسة والتعليم والإقتصاد أيضا - التي يجب أن تحظى بمزيد من العناية وتتعلق في المقام الأول بمبادئ أساسيات تعامل الناس مع بعضهم البعض. يرى توتو أنه "يجب علينا احترام الديانات الأخرى، ولا يجوز لنا أن نحتقر ديانة الآخرين ولا أن نحط من قدرها أو نذكرها بسوء. وينبغي علينا أن نكون مرهفي الحس تجاه ما يراه الآخرون مهما".
حاخام وإمام في مظاهرة
لقد قام بمظاهرة ضد التمييز العنصري في بلده وكان على يمينه حاخام وعلى شماله إمام، وكان لثلاثتهم نفس الهدف ونفس المصلحة، ولم تقف الديانة عائقا أمام ذلك. إن تجربته مع جنوب إفريقيا تجعله متفائلا فهو يقول: "طالما نجحنا في القضاء على التمييز العنصري فسوف ننجح في حل مشاكل العالم الأخرى.
والمشاكل الأخرى لا تمت فقط إلى الصراع بين الغرب والعالم الإسلامي. فهو يرى أن المسألة لا تتعلق فقط بالغرب والعالم العربي، بل لها أطراف متعددة. فهناك أناس غير مسلمين في مختلف بلاد العالم ولديهم الإحساس بالعزلة العنصرية. وهناك أناس في "جنوب الكرة الأرضية" لديهم الإحساس أيضا بالذل والعجز مثلهم في ذلك مثل الناس في العالم الإسلامي".
توصيات متنوعة
ولكن على الرغم من ذلك جرى التركيز في التقرير على صراع الشرق الأوسط في المقام الأول لأنه، حيث يقول: "إذا حالفنا التوفيق والنجاح في حل هذا الصراع لن تزول المشاكل الأخرى ولكن ربما أمكن رؤيتها في حجمها الواقعي.
وفيما يتعلق بالمستقبل القريب فان الأمل معقود على قيام الأمين العام الجديد للأمم المتحدة بتكليف "ممثل رفيع المستوى" ليهتم بالمسائل والتوصيات التي طرحتها هذه المجموعة وهي توصيات تتعدى النظر إلى صراعات الشرق الأوسط لتشمل جوانب كثيرة من التربية والتعليم والإعلام أيضا.
أجرى الحوار: بيتر فيليب
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2006
www