مقابلة التشكيلي الجزائري شمس الدين بلعربي لـ "د.ب.أ": الأفيش السينمائي صار من الماضي
(د ب أ)- قال الفنان التشكيلي الجزائري
شمس الدين بلعربي إن فن البوستر (الأفيش) السينمائي، "اندثر تماما
بالعالم العربي، ولم يَعُدْ له أثر، وصار مكانه المتاحف الفنية وأرشيفات
هواة جمع البوسترات السينمائية اليدوية".
وأشار بلعربي، الذي يُعرف أيضا باسم "شمسو بلعربي"، والذي يُصنف من قبل
نقاد أجانب وعرب بأنه من بين آخر العرب والأفارقة الذين يعملون بتصميم
ملصقات الأفلام بالطريقة التقليدية، إلى أن تصميم البوستر السينمائي
بطريقة يدوية الذي صار من الماضي في العالم العربي، "مازال باقياً في
بعض البلدان مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وفي فرنسا، وذلك على يد
فنانين قلائل مثل ستيف كورني، الذي يعد من أشهر فناني البوستر السينمائي
في هوليوود، كما يوجد كذلك لورين مالكيت الذي يعد من أشهر رسامي البوستر
السينمائي في فرنسا".
وأضاف التشكيلي الجزائري بلعربي، في مقابلة عبر الإنترنت مع وكالة
الأنباء الألمانية(د.ب.أ)، أنه في مقابل وجود فن البوستر اليدوي في
بلدان غربية، فأن كل رسامي البوستر السينمائي التقليدي بالعالم العربي
"قد توقفوا عن العمل" وذلك بسبب انتشار التكنولوجيا الرقمية، موضحا أن
أشهر رسامي البوستر السينمائي بالعالم العربي هم من مصر التي كانت عاصمة
لهذا الفن.
وحول بداية مشواره مع فن البوستر السينمائي، وما قام به من تصميمات
لبوسترات الأفلام، قال بلعربي إنه عندما كان صغيراً لفتت انتباهه ملصقات
الأفلام المعلقة على بوابات قاعات السينما، وبدأ في إعادة رسمها على
الورق في المنزل، وحتى وهو يقوم برعي الغنم في صغره كان يصادف بعض
الجرائد ملقاة على الأرض، فكان يحتفظ بها ويذهب بها إلى المنزل ويحاول
رسم صور الفنانين الموجودة على صفحات تلك الجرائد.
وأضاف أنه في أحد الأيام وهو يحتفل بعيد ميلاده أهدته زوجة عمه، وهي
سيدة ألمانية، كتابا لتعليم الرسم مما زاد من شغفه وساعده على إتقان
رسوماته، وبعدها بدأ رحلة بحث كبيرة قادته إلى التعرف على الممثلين
والمخرجين والعمل في هذا المجال الجميل.
ولفت إلى أنه كان ينتمي لعائلة فقيرة، ولذلك اضطر للخروج إلى الشارع
لامتهان الرسم كحرفة مثل تجميل واجهات المحال التجارية، وبعد أن امتلك
أدواته الفنية جيدا قرر أن يرسل أعماله الفنية لشركات الإنتاج السينمائي
بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وبدأ في التواصل مع بعض صناع
وفناني السينما الأجانب، ومن هنا كانت بدايته الفعلية في تصميم بوسترات
الأفلام يدويا.
وأشار إلى أن أول رسالة تلقاها بقبول التعاون معه في عمل بوسترات
سينمائية، كانت من منتج سينمائي من الأرجنتين ويعمل في هوليوود، بعدها
بدأت أعماله بالانتشار بين صناع السينما خاصة في هوليوود، ونجح في تقديم
بوسترات لمجموعة من الأفلام العالمية، كما حاز على بعض التكريمات
الدولية، و أدرج اسمه بالقاموس العالمي للسينما (IMDB).
ولفت إلى أنه صمم الكثير من بوسترات الأفلام الهوليوودية منهاTHE NEWS
وHONOR وBUKS OF AMERICA وREVANCHE وكثير من الأفلام الأخرى.
وأكد بلعربي أن رسم ملصقات الأفلام "فن تقليدي كلاسيكي رواده هم
الفنانون المصريون، لكن هذا الفن اليوم صار المتحف هو المكان الوحيد
لرؤيته بالعالم العربي، وبالطبع فإن سبب اندثار هذا الفن هو التكنولوجيا
الحديثة وظهور ما بات يُعرف بالفن الرقمي".
وتابع بلعربي أنه فكر في إعادة هذا الفن إلى مكانته بطريقة عصرية
لمواكبة الموجة الرقمية، لكنه واجه الكثير من الصعوبات، أولها كيف يتمكن
من عرض الفكرة على المنتجين السينمائيين، وكيف يقنعهم أن هذا الفن يمكن
أن يكون فنا معاصرا ومميزا، وأن سعيه لإحياء ذلك الفن كان من أسباب
توجهه لتصميم بوسترات الأفلام يدوياً.
وحول القيمة التي يمثلها البوستر السينمائي، قال بلعربي إن البوستر
السينمائي له قيمة فنية تتمثل في إخراج مضمون الفيلم وعرضه للمتلقي،
وأخرى تجارية تتمثل في قوة جذب البوستر لأكبر عدد من المشاهدين ومن ثم
رفع إيرادات الفيلم.
وحول اهتمام النقاد والكتاب المعنيين بالأعمال السينمائية بفن البوستر
السينمائي والتأريخ له عربيا، قال بلعربي إن هناك من أرخ بالفعل لهذا
الفن بالعالم العربي، لكنه اعتبر أن ما تم من جهد في هذا الشأن هو جهد
متواضع، منتقدا غياب دور المراكز السينمائية والمؤسسات الفنية في توثيق
تاريخ ذلك الفن.
وحول من قاموا بتأسيس فن البوستر السينمائي بالعالم العربي، إن مصر هي
أول بلد عربي يشهد مرحلة تأسيس هذا الفن عربيا، وأن أول وأشهر رسامي
البوستر أو الأفيش السينمائي فى مصر هو الخواجة نيكولا صاحب أول ورشة
لصنع البوستر أو الأفيش السينمائي فى مصر، ثم تبعه ظهور عدد كبير من
الفنانين الذين أسسوا من جانبهم ورشهم الخاصة لممارسة هذا الفن.
وأوضح أن تطور صناعة السينما في مصر، صاحبه تطور فن البوستر أو الأفيش
السينمائي، حيث وصل لمستوى متطور، وأن هذا التطور كان دليلاً على مهارة
الفنانين المصريين الذين عملوا بهذا المجال.
وحول روّاد ورموز فن البوستر السينمائي من الفنانين العرب، قال بلعربي
إن من أشهر من عمل بتصميم البوستر أو الأفيش السينمائي عربيا خميس
الثغر، وعبده الحميد، وعلي جابر، وناجي شاكر، ووهيب فهمي، و"أنور"،
و"جسور"، و"راغب" وغيرهم من الأجيال المتتالية من الفنانين الذين يعدون
من روّاد ورموز ذلك الفن بالوطن العربي.
وحول الحاجة لوجود متحف عربي يوثق تاريخ هذا الفن، ويستحضر سيرة روّاده،
قال إن هذا الفن بحاجة إلى متحف متخصص يجمع تحت سقفه كل ما أبدعه
الفنانون العرب من بوسترات أو أفيشات سينمائية منذ ظهور السينما وحتى
اليوم، وحفظ تلك الأعمال الفنية للأجيال، مع عرض مسيرة هؤلاء الفنانين
الذين أبدعوا في هذا الفن وقدموا لنا إبداعا فنيا لا يُنسى.