"رواية جوهرة المدينة تظهر عائشة امرأة قوية"
وصف بعض النقاد روايتك كرواية بمضامين جنسية، بينما وصفها آخرون بأنها عمل تاريخي رخيص. ماذا كان هدفك من كتابة هذه الرواية؟
شيري جونز: كانت نيتي أن أكتب رواية عظيمة الشأن ويمكن أن توضح سواء للقراء المسلمين أم غير المسلمين حجم الدور الذي لعبته النساء في تأسيس الدولة الإسلامية السابقة. وسوف لا يجدون أي مشهد جنسي في الكتاب بأكمله، ولكن عوضاً عن ذلك مشاهد كثيرة، تصلي فيها النساء في المسجد إلى جانب الرجال، ويقاتلن إلى جانبهم في المعارك ويقدم النصح للرسول محمد في الشؤون السياسية.
ويمكن للقارئ أن يقرأ في الكتاب عن أولى معارك الإسلام ويعرف الكثير عن الرسول محمد وأصحابه المقربين ونسائه وإمائه. ويجد أنهم جميعاً تم تصويرهم ككائنات بشرية، بضعفهم وعيوبهم، وبشجاعتهم وفطنتهم. إضافة إلى ذلك فإنهم - وآمل ذلك حقاً- سيستوحون الكثير من عائشة، ليست باعتبارها قديسة، بل كامرأة من لحم ودم، تصاب بالغيرة، حين ترى الرجل، الذي تحبه، يتزوج المرة تلو الأخرى. كان عليها أن تتعلم دروساً صعبة عن المعنى الحقيقي للحب والإيمان. وكان عليها أن تتصارع مع القيود التي يضعها أصلها من أجل أن تستنفذ كل إمكانياتها.
وأعتقد أنهم سيطلعون تدريجياً شيئاً على بواكير الإسلام وبواعث الرسول محمد كقيم على هذا الدين، وسيعرفون خلال ذلك أن العنف ضد المرأة وكراهيتها وظلمها لا يمت إلى الإسلام بصلة. وبعبارة أخرى، آمل أن أكون قد ساهمت في تقديم فهم أفضل للإسلام في شكله النقي، ما يقود إلى نبذ كل شكل من أشكال العنصرية تجاه المسلمين.
كيف تقيمين قرار دار نشر راندوم بعدم نشر كتابك استناداً إلى توصية الخبيرة في شؤون الإسلام دينيس سبيلبيرغ؟
جونز: لم تكن هي الوحيدة التي نصحت بعدم النشر، فقد صرح عالمان آخران برفضها، وكذلك رئيس القسم الأمني في الدار. ومن أجل التطرق إلى السؤال، أعتقد أن الخوف تغلب في النهاية، فبالغ صانعو القرار في ردة فعلهم. ويمكنني على الرغم من ذلك أن أتفهم ذلك.
إن ثقافتنا في الولايات المتحدة الأمريكية برمتها مصابة منذ الهجمات على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 أيلول/ سبتمبر 2001 بالخوف والتقزز من الإسلام. وبدأ هذا بالصور التي نقلها التلفزيون عن أشخاص يرمون بأنفسهم من المباني المحترقة. وترسخ هذا من خلال خطاب الرئيس بوش وكلماته عن "محور الشر". ولطالما رفضت الانحناء أمام هذا التخويف، وإلا لما كتبت هذا الكتاب أو نشرته.
لكن المثير في هذه الحادثة أنها أطلقت نقاشاً عالمياً حول موضوع الرقابة وحرية الكلام. إن الأمر لا يتعلق بدار نشر راندوم، بل بشكل خاص بإجابتنا كأمة متحضرة على التهديد باستخدام العنف من خلال أولئك الذين يشعرون بجرح في مشاعرهم في بعض أشكال التعبير عن الرأي أو الأشكال الفنية. وما تزال توجد الكثير من الحالات المشابهة من الرقابة الذاتية، التي تراعي الإرهابيين على مختلف انتمائاتهم الدينية.
من خلال تأجيل رواية "جوهرة المدينة" سيعي الناس وسينتبهون إلى تفكيك حرية الرأي بهذا الشكل. وهذا من الأمور الجيدة، فعندما لا نستخدم حرية الرأي نفقدها.
كيف تقيمين النقاش في وسائل الإعلام الغربية، التي أخذت هجمات من جانب المتشددين المسلمين بعين الاعتبار، كما فعلت سبيلبيرغ، حتى قبل أن صدر الرواية؟
جونز: أجد أن من العنصرية أن نقر أن المسلم سيلجأ إلى العنف إذا ما جُرحت مشاعره الدينية
قرأ الكثير من الكتاب المسلمين روايتك وقاموا بمحاورتك. وأدوا في نقدهم على أن الصورة، التي ترسمينها لعائشة ليست واقعية، على الرغم من السنتين التي قضيتيها في البحث. هل يمكنك تفهم هذا النقد؟
بل احتجت ما مجموعه خمسة أعوام للبحث لرواية "جوهرة المدينة" وكتابتها. أعتقد أن النقاد المسلمين أصيبوا بالصدمة من اهتمام كاتبة غير مسلمة بقصة عائشة "التي تنتمي إلى دينهم"، وقيامها بإدخال تغييرات عليها. كما كتبت دينيس سبيلبيرغ أنه لم يوجد نص مكتوب عن عائشة إلا بعد مرور 150 عاما على وفاتها. وأدى هذا إلى استحالة أن تكون قصة حياتها مستندة على حقائق ثابتة، بل دائماً على تفسيرات واضعي سيرتها من الرجال. إن الأمر برمته أذن قضية تفسيرات.
وحتى الأحاديث المنسوبة إلى عائشة نقلها رجال. إن روايتي ليست سوى تفسير آخر فحسب. تفسير يُظهر عائشة أقوى من تلك التي سمعت عنها هذه النساء في المدرسة. وهذا يشكل مفاجأة لهم، أو جرحاً بقدر ما. أنا لست بمتكبرة لدرجة أنني أعتقد أنني من قمت بنقل الصيغة النهائية لقصة عائشة. وروايتي تستند على حقائق تاريخية، لكن من الطبيعي أن تنطوي على السماح على مقدار من الحرية. أرغب في أن أشجع المسلمات بشكل خاص للأخبار عن قراءتهن لقصة حياة عائشة ومغزاها. ومن أجل ذلك خصص مكاناً على صفحتي على الإنترنت مكاناً لهذه الرسائل. أرجو الذهاب إلى صفحتي على شبكة الإنترنت وعنوانها www.authorsherryjones.com والضغط على باب" الاشتراك في النقاش" ومن ثم كتابة ذلك. وأدعو كل من يساهم بشيء وبأية لغة كانت.
اتهمك نقاد غربيون بتصوير شخصية الرسول محمد تصويراُ إيجابياً بشكل غير محايد. فكيف سارت طريقتك في البحث وعلى أي مصادر اعتمدت في كتابك؟
جونز: نعم، هذا صحيح. اتهمني ناقد ألماني أنني لم أتعامل بصورة نقدية مع شخصية الرسول محمد وأنني كنت نقدية أكثر من اللازم مع شخصية صهره وابن عمه علي. إن التعامل مع كتاب، مثل كتابي، لا يمكن أن يرضي الجميع. اهتمامي كان بعائشة التي أعتقد أنها أحبت الرسول محمد كثيراً. وأنا على يقين من أن امرأة أخرى، كإحدى نسائه اليهوديات على سبيل المثال، سيكون لديها رأي آخر فيه.
أما فيما يتعلق بالمصادر، فقد قرأت كل شيء حول هذا الموضوع، استطعت الوصول إليه باللغة الانجليزية. وأهم المصادر، التي تمكنت من الاعتماد عليها في عملي، كانت أعمالاً لدينيس سبيلبيرغ وفاطمة ميرنيسي وأبن كثير ونابيا آبوت وكارين آرمسترونغ. وقال الناشر الألماني شتيفان فايدنر في صحيفة فرانكفورتر ألغمانيه تسايتونغ إلى إن رواية "جوهرة المدينة" بمجملها نقل أمين للمأثورات الإسلامية لجمهور غربي.
ومن الطبيعي إن تعير مدرسة النظرية الأدبية لجمالية التلقي أعطت تأثير كتابي أهمية خاصة، فكل من يقرأه، سينتهي إلى تفسير شخصي خاص به، يقوم على ما يقدمه من ثقافة وتجربة، حتى قبل أن يفتح الكتاب. أنا راضية تماماً عن رواية "جوهرة المدينة"، وعما سببه الكتاب من جدل. وقد وصلت من خلال كتابي إلى ما كنت أصبو: فقد قربت العالم الغربي من شخصية عائشة وأظهرت الدور الاجتماعي الكبير، الذي تمارسه المرأة في الإسلام. وتكملة لهذه الرواية سيعيش القراء ترعرع عائشة كامرأة ناضجة وشخصية قيادية سياسية، كما سيمكنهم التعاطف مع علي. وسيطلعون على كيفية تقييد حقوق المرأة بعد وفاة الرسول محمد، وعلى بداية انقسام الإسلام إلى سنة وشيعة. وآمل حقاً في أن يقود ذلك القارئ إلى التأمل فيما إذا كان الانتقام قوة إيجابية أم هدامة.
أجرى المقابلة: نيمت سيكير
ترجمة: عماد م. غانم
حقوق الطبع: قنطرة 2009
صدرت الترجمة الألمانية لرواية شيري جونز "جوهرة المدينة" عن دار نشر بيندو، ميونخ 2008، وقامت بترجمتها عن الانجليزية إيما وصاموئيل داوسيج
قنطرة
رواية شيري جونز: "عائشة. جوهرة المدينة"
الحب أعمى والتعاطف أعور
بروايتها عن عائشة، المرأة الأثيرة لدى النبي محمد، أرادت شيري جونز أن تأخذ بيد القارئ وتصالحه مع الإسلام الذي كثيراً ما يُصور في صورة شيطانية منفرة. غير أن كتابها لا يرقى تماماً إلى المستوى الأدبي، كما أنها تحمل الوقائع التاريخية أكثر مما تحتمل. أنغيلا شادر في قراءة نقدية لهذه الرواية.
سيرة النبي محمد للباحث الهولندي هانس يانسن:
سيرة مضادة لنبي الإسلام
نجح الباحث الهولندي هانس يانسن في بداية كتابه عن سيرة النبي محمد بنقد المصادر الدينية بصورة صائبة، غير أنه سرعان ما انزلق إلى إصدار أحكام الإدانة التعميمية التي تحكمها الأحكام المسبقة والمبطنة وفق الباحث في العلوم الإسلامية شتيفان فايدنر.
حوار مع الفيلسوف المغربي محمد سبيلا حول قدرة العالم العربي على النقد الذاتي
"الأصوليون المسلمون يعتبرون النقد هجوما" هجوما"
تعيش المجتمعات في كثير من البلدان العربية صراعاً ملحوظاً بين تيارين، أحدهما يدعو إلى مواكبة العصر والآخر يدعو إلى التمسك بالماضي الذهبي. حديث صحفي مع أستاذ الفلسفة المغربي محمد سبيلا.