تعاون بين رجال الدين المسيحي والإسلامي

وصلت "قافلة رجال الدين المناهضة لمرض الإيدز" إلى محطتها الأخيرة نواكشوط، بعد أن مرت بكل من مالي والسنغال وبوركينا فاسو والنيجر بُغية لفت الأنظار إلى وضع المصابين بمرض الإيدز. تقرير إرهارد برون.

وصلت "قافلة رجال الدين المناهضة لمرض الإيدز" إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط. وكانت القافلة المكونة من ممثلين للدين الإسلامي والمسيحي قد مرت بكل من مالي والسنغال وبوركينا فاسو والنيجر بُغية لفت الأنظار إلى وضع المصابين بمرض الإيدز هناك. تقرير إرهارد برون.

وشكلت البعثة ورشة عمل في العاصمة المالية باماكو ضمت خمسين من الممثلين للدين المسيحي الكاثوليكي والبروتستانتيني والدين الإسلامي. والتزام رجال الدين الكثيرين واهتمامهم بغرب إفريقيا في إطار مكافحة الإيدز كان وراء تصريح وزيرة الصحة بمالي السيدة مايجا زينب بنت يوبا عندما التقت بالبعثة في العاصمة باماكو: "إن تعاون المسلمين والكاثوليك والبروتستانت في القافلة وكذلك أيضا الصحافيين مع المرضى له أثر كبير في النفس".

ضد السكوت والمعلومات الخاطئة

إن رجال الدين قاموا في هذه الحملة بتعزيز جهود حكومة مالي للحيلولة دون تفشي المرض، وكان شعارهم في هذا "ضد التمييز العنصري وتجنب المصابين بمرض الإيدز". إذ أن السكوت أو انتشار المعلومات الخاطئ قد يساعد في تفشي المرض بشكل أوسع، لذلك كان من الضروري القيام بحملة توعية مكثفة حول الموضوع.

أما أول حالة إصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة في مالي قد تم اكتشافها عام 1984، وكرد فعل لهذا قامت حكومة مالي عام 1987 بإعداد برنامج قومي لمكافحة الإيدز. وفي عام 1996 تم تأسيس "مركز الوقاية والترفيه والتوعية" يخدم في المقام الأول مصالح المصابين بالمرض.

ويبلغ عدد البالغين المصابين بمرض نقص المناعة في مالي ما بين 1,7% و3,4% ، وأما عدد المصابين من النساء الشابات فيعتبر بالطبع ضعف عدد المصابين من الشباب.

وقد صادف وصول القافلة إلى مالي في فترة فاعلة تم فيها ترسيخ أسس التعاون الإسلامي المسيحي معا في إطار مكافحة الإيدز. وعلى هذا النحو تكون بالفعل في الصيف الماضي "تحالف رجال الدين" تحت شعار "المسلمون والمسيحيون ضد الإيدز".

وقد وقع كل من رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في مالي وقسيس باماكو والممثل العام للكنائس والبعثة البروتستانتية في مالي وثيقة هذا التحالف التي جاء فيها:

"إننا رجال الدين نعلن بهذه الرابطة أن الأديان تعيش في بلادنا في انسجام وبامكان كل منها معا التغلب على كافة التحديات. هكذا كانت بداية نشاط هذا التحالف، الذي يعد مساهمة متواضعة بجانب المجهودات التي لا يستهان بها من قِبل حكومة مالي ومن قِبل جميع حلفائها في إطار مكافحة الإيدز".

طريق وسط

وفي مؤتمر صحفي عُقد في نوفمبر/تشرين الثاني بمناسبة وصول القافلة إلى مدينة باماكو صرح ممثلو المذاهب الدينية الثلاث في مالي أن تفشي المرض يرجع إلى العوامل الثلاثة الآتية: أولا تغير سلوك السكان والبعد عن قيود العادات والقيم، وثانيا الفقر، وثالثا الجهل بأسباب تفشي المرض.

وكان موقفهم الجماعي لمكافحة الإيدز يكمن في الدعوة إلى الوفاء الزوجي والعفة والحيلولة دون استعمال العوازل الطبية، الذي لا يسمح به إلا في العلاقة الزوجية إذا كان أحد الزوجين مصاب بالمرض.

وبهذا استطاع ممثلوا المذاهب الدينية الثلاث أن يشقوا في تصريحهم طريقا وسطا بين الشروط الصعبة التي تفرضها روما وبين المرونة الكبيرة عند المسلمين. وفي هذا يقول السيد هلموت هس، المسؤول عن القارة الإفريقية في برنامج "الخبز للعالم" وعضو المجموعة الإقليمية للإقتصاد الإفريقي لدى مجلس الكنائس العالمي البروتستانتي:

"إن موقف مجلس الكنائس العالمي واضح في هذا الخصوص" وأن "استعمال كل الوسائل المتاحة للحفاظ على الحياة مباح، حتى استعمال العوازل الطبية". ومن ناحية أخرى يرى السيد هلموت هس أنه "لا يجب المبالغة في الإهتمام بمسألة العوازل الطبية". ذلك على وجه الخصوص إذا كان الأمر يتعلق بتكوين رابطة بين أديان مختلفة يمكنها أن تصل إلى حد أدنى من الإجماع.

أهمية المجموعات النسائية

وقد أثبت كل من السيدة روت بيغالكه والسيد هاينو غولمان أن الظروف ملائمة للعمل مع رجال الدين المسلمين أثناء القيام بدورات إعلامية للتوعية بمرض الإيدز. وقالوا في إحدى الدراسات التي أجروها في أبريل/نيسان عام 2004 – بتكليف من الهيئة الألمانية للتعاون التقني – أن "هناك إقرارا بأهمية الموضوع"، ذلك لأن الحفاظ على الصحة تلعب دورا كبيرا في الإسلام وكذلك توجيهات رجال الدين للمؤمنين. وقد أثبتا في دراستهما أن المجموعات النسائية المسلمة لها نشاط ملحوظ في مجال التوعية ضد مرض الإيدز في الأوساط الإسلامية.

وفي أبريل/نيسان عام 2002 قال المسؤولون المسلمون في مالي في "قرار دى نيورو دو ساحل" بأن استعمال العوازل الطبية لا يجوز إلا في العشرة الزوجية وأن يكون مع زوج مصاب بالفيروس.

وفي إطار هذه المناقشة تم طرح آراء أخرى كان مجملها، "أن غالبية السلطات الدينية لا تعارض استعمال العوازل الطبية، ولكنهم يتحرجون من الكلام عن ذلك أمام الجمهور أثناء حملات التوعية ضد المرض".

وترى السيدة روت بيغالكه والسيد هاينو غولمان أن "هناك إمكانية أمام رجال الدين المسلمين باستخدام وسائل تقليدية ودينية للتوعية ضد مرض الإيدز"، وأنه من المفترض أيضا وجود هذه الإمكانية لدى رجال الديانات الأخرى.

بقلم إرهارد برون
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة

مرضى الإيدز في مصر
حسب تقديرات برنامج الإيدز التابع للأمم المتحدة فإن ثمانية آلاف مصري مصاب بمرض ضعف المناعة. نيللي يوسف تحدثت في القاهرة مع بعض المصابين بهذا المرض الذي لا شفاء منه.

االإيدز في العالم العربي بين التهميش والتوعية
هل يبلغ عدد المصابين بالإيدز في العالم العربي خمسمائة ألف أم مليون؟ لا توجد إحصائيات عربية دقيقة. وما زال هذا المرض لا يحظى بالاهتمام الكافي من طرف السياسيين والزعماء الدينيين. حوار مع إيلي أعرج، الناشط في مجال التوعية والوقاية