من المسك الأسود إلى سمائك الفضة، عن معايير جمال النساء عند العرب
إن كان الأدب مفخرة العرب، كما يقال، فإنه أيضاً نافذة لنتعرف على القيم الأخلاقية والجمالية التي ميزت المجتمع العربي في مختلف عصوره، والتي اتسمت بالتنوع والمرونة والتأقلم مع كل جديد. ومع أنّ نظرة العرب للجمال شملت الرجال والنساء في بعض المعايير، إلا أنها خصصت معايير دقيقة لجمال النساء، لا نجد نظيرتها عند الرجال، تتبع المقالة أشهر التواصيف التي حكمت نظرة العرب لجمال النساء، وكيف تشربتها ووثقتها أشعارهم وأدبهم.
لون سمائك الفضة والشمس والمسك الأسود والعنبر
وصف امرؤ القيس، جمال حبيبته، وشدة بياض صدرها، فقال:
مهفهفة بيضاء غير مفاضة ترائبها مصقولة كالسجنجل
والسجنجل هو سبائك الفضة. وجاء في كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني: "يمازج البياض لونان يزيدانه حسناً، هما الحمرة والصفرة". واعتبرت الصفرة عنواناً لجمال المرأة البيضاء، حيث كان يقال: إن المرأة الحسناء بلون الشمس، فهي بالضحى بيضاء وبالعشي صفراء، بحسب الأصفهاني.
وهناك أشعار تشير إلى أن البياض المخلوط بحمرة كان يعدّ من معايير الجمال كذلك. ومنهم الشاعر جرير، الذي اعتبر أن ما يميز الأخطل كشاعر، أنه "أوصفهم للحمر"، بحسب "القاموس فيما يحتاج إليه العروس" لصالح الغزالي.
لكن الأشعار التي تتغنّى بجمال السمراء، التي سميت "السمراء المستلطفة"، كثيرة ومتنوعة، فقال بشار بن برد، فيما نقله كتاب "نهاية الأرب في فنون الأدب" للنويري:
أشبهك المسك وأشبهته قائمة في لونه قاعدة
لاشك إذ لونكما واحد أنكما من طينة واحدة
ولم يكتفي بشار بتشبيه جاريته بالمسك الأسود فقط، ولكنه أضاف إليه العنبر أيضاً، حيث يقول:
وغـادة سـوداء بـراقـة كالماء في طيب وفي لين
كأنها صيغت لمن نالها من عنبر بالمسك معجون
ومن مغالاة أحدهم، أنه أحب السودان والكلاب السود، حباً في حبيبته، كما جاء في كتاب "عيون الأخبار" لابن قتيبة، حيث قال:
أحب لحبها السودان حتى أحب لحبها سود الكلاب