روميو وجولييت في صيغة أفغانية
شهدت كابول عرضاً افتتاحياً من نوع خاص. مسرحية روميو وجولييت: روميو هو شاب أسود الشعر لم يتجاوز العشرين من عمره وجولييت هي أخته الشقيقة. هذه البدعة في مسرحية شكسبير ضرورة ملحة في أفغانستان.
يوضح المخرج موريس دوروزييه من "مسرح الشمس" الباريسي أن "أي بديل آخر كان من شأنه أن يؤدي إلى ايقاف البروفات ولما كان بالإمكان عرض المسرحية هنا أبداً". مشهد إمساك يد جولييت لبرهة قصيرة وتقبيلها هو ذروة ما يمكن رؤيته من علاقة الحب الجارفة، وهو تكيُّف مع الظروف الأفغانية في آن واحد.
لا يتلهّف روميو في مهرجان كابول المسرحي بشوق إلى نافذة جولييت العالية. والمعبودة لا تطل من شرفة بل تركع على ركبتيها فوق منصة عالية مغطاة بقماش تزيحه جانباً مثل ستارة مطبخ.
جولييت حسب صيغة كابول لا تضع حجابا وتبقى حالة استثنائية، فالأدوار النسائية الباقية على خشبة المسرح يمثلها رجال. هذا تقليد عريق في أفغانستان. ومع ذلك فهذا العرض خطوة للأمام وإختبار للدلالة على حوار الحضارات.
وظّفت المخرجة أريانه مينوشكين وموريس دوروزييه مع "مسرح الشمس" الباريسي مجموعة موهوبة من الممثلين الأفغان غير المصقولين، الذين يدمجون بأسلوبهم المجدِّد كوامن القصة الهزلية والتراجيدية.
جدار من العزلة
يتم التدريب في حديقة مؤسسة ثقافية أفغانية. و تستمر أحياناً حتى الساعة الثامنة مساء أو أكثر. هذا الوقت متأخر وغير معتاد في المفاهيم الأفغانية، ما جلب لإحدى الممثلات غضب صهرها، الذي طردها من المنزل بلا تردد.
عزلة جبال الهندوكوش الجيو-ثقافية تتحول حتى يومنا هذا إلى جدار، حتى بالمقارنة مع البلدان المجاورة مثل ايران.
في "مركز الفن الدرامي" التابع لكلية كابول للفنون العالية ثمة إمرأة واحدة فقط تدرس التمثيل. على أية حال يقابل المرء هناك صورة مغايرة لمرحلة الطالبان عن تلك التي تنتشر عبر الكليشيهات المعروفة.
"لقد عرضنا هنا أعمالاً بموافقة قياديين من الطالبان. حتى أن هذه القطع كانت نقدية"، حسب قول محمود سليمي، أحد منظمي المهرجان: "كنا نخشى إغلاق المسرح، بدلاً من ذلك أعطونا المال، وطلبوا منا أن نتابع عملنا". لم تصل العروض للعموم. وما بدا أول الأمر ركنا يطاق، غدا سريعاً هجرة داخلية قسرية.
هرب سليمي مثل الملايين من أبناء جلدته إلى باكستان وأسس "مسرح المنفى". بالإشتراك مع مسرح بوند-ستريت Bond-Street-Theater الأمريكي تشكل كلتا الفرقتان إحدى الإنتاجات الدولية المشتركة العديدة في مهرجان هذا العام.
جوائز لأفضل الممثلين والمخرجين والكتاب
على خلاف المهرجان السينمائي العالمي في كابول، لم يخضع المهرجان المسرحي مجدداً، وللمرة الثانية، لأي رقابة من وزارة الثقافة. هذا ما شجّع فرق مسرحية من كافة أنحاء البلاد على تناول مواضيع إجتماعية نقدية.
"وشاركت في هذه الدورة ممثلات من قندهار أيضاً، معقل طالبان السابق"، كما تقول يوليا عفيفي، الألمانية-الأفغانية التي درست الإخراج المسرحي في فرانكفورت، مديرة المهرجان المساعدة وقوته الدافعة.
في هذا العام ولأول مرة يكافأ أفضل مؤلف وأفضل ممثِّل وأفضل مخرج. "هذا لا يحفز وحسب، بل يرفع كذلك من مستوى الأعمال ويعزز ثقة الممثلين بأنفسهم "، كما تعلق عفيفي.
يرى كل المخرجين المدعوين من الخارج أن حجر العثرة أمام الممثلين الأفغان هو فهم المسرح كفضاء للتعبير عن الفردانية أي تجريب الحرية الشخصية والتمتع بها.
على الرغم من ذلك يتمتع الممثلون الأفغان بإلهامات غنية في إرتجالاتهم لمسرح الشارع وللكوميديا الفنية. لكن في هذه المرحلة لا يمكن التمثيل على الشارع في كابول، لأسباب أمنية.
يُقدر عدد المهتمين فعلاً بالمسرح بثلاثمائة شخص في كابول. تُقدَم العروض في الفناءات الداخلية للمراكز الثقافية أو على أطلال مسرح كابول القديم (ناندوري). إفتتاحية المهرجان جرت هناك، بين الجدران المدمرة وتحت سماء مزينة بالنجوم. ولا يبدو أن إعادة البناء سيتم عما قريب.
مارتين غيرنر
ترجمة يوسف حجازي
حقوق الطبع قنطرة 2005
قنطرة
"عرض الواقع بدلاً من تمثيله"
ؤيا سادات، من مواليد هيرات عام 1981، كان حلمها الكبير أن تصبح مخرجة سينما، وهذا ما استطاعت تحقيقه اليوم رغم الصعوبات الهائلة. فهيمة فارساي تحدثت مع المخرجة عن السينما الأفغانية والعمل السينمائي .