موسم الهجرة إلى إسطنبول

يتداول الأردنيون في إسطنبول هذه العبارة الساخرة تعليقًا على الأعداد المتزايدة من الذين بدأوا خلال السنوات القليلة الماضية بالتوافد إلى المدينة التركية، حتى باتوا يشكلون مجتمعًا أردنيًا مصغرًا، ليس فقط في العدد، بل في التنوع؛ رجال ونساء، عائلات وأفراد، شباب في عشريناتهم، وآخرون في الخمسينات، خريجو دراسات عليا، ومن لم ينهوا تعليمهم الثانوي، عمّال في مطاعم وورش بناء، يتشاركون الغرف في مناطق شعبية، ومقتدرون اشتروا شققًا فارهة في المجمعات السكنية الراقية في ضواحي المدينة.

لكل واحد منهم سبب جعل من المدينة ملاذًا طويل الأمد؛ سلامة الذي لم يعد محلّ خدمات تنظيف المنازل الذي كان يعمل فيه في عمان يغطي معيشة عائلته، وهو الآن في إسطنبول يعمل في قطاع الخدمات السياحية، إسراء التي جاءت قبل سنتين لتكمل الدكتوراه، فوجدت نفسها تختبر لأول مرة الاستقلال والحرية في فضاء عام تتحرك فيه النساء بالراحة والثقة التي يتمتع بها الرجال، راتب الذي أسس مشروعه الخاص في التسويق العقاري بعيدًاعن تعقيدات قوانين الاستثمار في الأردن و«حيتان» السوق، كما يسميهم، وحنين، الأم التي ترى في إسطنبول مدينة صديقة للأطفال ومثالية لتأسيس عائلة.

وإسطنبول ليست فقط ملاذًا للباقين بإرادتهم؛ هناك أيضًا العالقون؛ مثل أحمد الذي استثمر جزءًا كبيرًا من تحويشة عمره في مطعم متعثر ما زال عاجزًا عن بيعه، ومحمد الذي خرج من السجن، واستغل فترة الاستئناف في قضية المطالبة المالية المرفوعه ضده ليغادر كي لا يعود إلى السجن، وفاطمة التي انتقلت مع زوجها وأطفالهما بتشجيع من أقارب سبقوهم، لكن الصعوبات التي واجهوها تجعلها تصف تركيا بأنها «مقلب».

هؤلاء وغيرهم ممن التقتهم حبر على امتداد شهر آب الماضي الذي قضته في إسطنبول، وسيروون قصصهم بشكل أكثر تفصيلًا (انظر/ي القصص أدناه)، هم جزء من 4.7 مليون مهاجر قدموا إلى تركيا من 192 دولة، منهم 3.6 مليون لاجئ سوري. ويشكلون جميعهم قرابة 4% من مجمل سكان تركيا البالغ عددهم 83 مليون نسمة. ولإسطنبول، التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة تقريبًا، وهي إحدى المحافظات التركية الـ81، وقلبها السياحي والتجاري، حصة الأسد من هذه الأرقام، إذ يقيم فيها مليون ومئة ألف أجنبي.

 

https://www.7iber.com/society/%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%ac%d8%b1%d8%a9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a5%d8%b3%d8%b7%d9%86%d8%a8%d9%88%d9%84/