آل سعود بين عنف الإسلاميين ومطالب دعاة الإصلاح
إن الإصلاحات الديمقراطية بدأت تأخذ طريقها نحو العالم العربي، حتى المملكات والإمارات العربية التقليدية بدأت تتغير في الوقت الحالي.
ففي الكويت أصبحت المرأة الآن تستطيع المشاركة في الانتخابات، ووافقت قطر على برنامج إصلاحي طموح، وأظهرت البحرين تسامحا كبيرا بخصوص المظاهرات الجماعية، والإمارات العربية المتحدة بصدد السماح بما يشابه حرية الصحافة.
أما المملكة العربية السعودية فهي شديدة الحذر فيما يتعلق بأي تغيير، ولهذا بقيت عقبة كؤود لا تتحرك أمام حركات الإصلاح في المنطقة.
وعلى الرغم من أن الأسرة المالكة آل سعود واقعة تحت ضغوط هائلة كي تحذو حذو جيرانها، إلا أن المعارضة الداخلية ضد ذلك بقيت قوية.
وهذا يعني أن آل سعود قد آلوا إلى مخلوق يشابه إله الرومان "يانوس" الذي يحرس أبواب السماء، فنجد الأسرة المالكة تشجع دعاة الإصلاح الديمقراطيين ليعلوا صوتهم من ناحية، ومن ناحية أخرى تزج بهم في السجون.
مطالب الإصلاحيين
وهكذا حُكم في منتصف مايو/أيار هذا العام على ثلاثة من دعاة الإصلاح المهمين بالسجن لمدة تتراوح بين ست وتسع سنوات، وهم الكاتب والشاعر علي الدميني والأساتذة الجامعيون الدكتور عبد الله الحامد والدكتور متروك الفالح، وكانت المحاكمة سرية وبدون وكلاء للدفاع عن المتهمين.
وكانت التهمة الموجهة إليهم هي المطالبة بنظام ملكي دستوري. وقد جاء في الحكم أن المتهمين يشكلون خطرا على الوحدة الوطنية ويقومون بتحدي الحكام وإثارة الرأي العام ضد الدولة باستخدام مصطلحات "أجنبية" أي غربية.
وبعد أحداث سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية بقليل اشترك هؤلاء الليبراليون من دعاة الإصلاح مع 160 خبير وقاموا بالتصديق على طلب جماعي يحثون فيه الأمير عبد الله على الإصلاحات، وطالبوا الأسرة المالكة باسقلالية القضاء واحترام قوانين الدستور.
ويعتقد دعاة الإصلاح أن مثل هذه الإصلاحات هي الإمكانية الوحيدة لنجاة المملكة العربية السعودية من الخطر الذي يلوح في الأفق الناتج عن العنف وعدم الاستقرار والانهيار. وهم يرون أن الدستور هو الطريق الوحيد الذي يعيد الشرعية الضرورية للنظام السياسي الذي يعتبر غاية في الفساد وعديم الكفاءة.
خلافات داخلية
ويود الأمير عبد الله - الحاكم الفعلي للملكة السعودية والذي ينوب عن أخيه المريض الملك فهد – أن يظهر في صورة المصلح الكبير. وقد رحب بهذه الاقتراحات عام 2003 كل الترحيب، إلا أن أخيه ومنافسة القوي الأمير نايف الذي يتولى مهام وزير الداخلية قام في مارس/آذار 2004 بإصدار أوامر القبض على ثلاثة عشر من دعاة الإصلاح ومحاكمتهم بالسجن. ولم يبد الأمير عبد الله أي اعتراض على ذلك، مما يعني النهاية السياسية لبرنامجه الإصلاحي.
ولكي يحقق الأمراء السعوديون بقيادة الأمير نايف بقاء السلطة المطلقة في أيديهم ويضعوا حدا للسخط العام، فإنهم يطالبون دعاة الإصلاح بالتوقيع على اتفاقية بعدم المطالبة بأية إصلاحات مرة أخرى.
ويطالب الأمير نايف أيضا بعدم ذكر كلمة "إصلاح" أثناء المناقشات الرسمية لأن ذلك يعني أن هناك خلل بالنظام، ولهذا فإنه يفضل مصطلح "التطوير".
واستجاب عشرة من دعاة الإصلاح المسجونين البالغ عددهم ثلاثة عشر لهذا المطلب، ورفض الثلاثة الآخرون ودفعوا ثمن رفضهم، وكانوا حتى ساعة إصدار الحكم الأخير في سجن بالرياض دون محام للدفاع عنهم. كما يخضع الذين استجابوا للإتفاقية لقيود، منها سلب جوازات سفرهم وفقدان الوظيفة وعدم السماح لهم بالحديث مع الصحافة.
إصلاحات مصطنعة
وتحت تأثير الضغوط المحلية والعالمية أقامت الأسرة السعودية الحاكمة إصلاحات مصطنعة، في حين أنها ما زالت بيدها الرقابة المطلقة على جميع التطورات السياسية. وفي بداية العام الجاري جرت الانتخابات البلدية – بطريقة منظمة للغاية - لم يسمح للآراء المستقلة بالتأثير من ناحية موعد وكيفية التصويت.
وقد استبعدت النساء من الانتخابات وكان ربع المواطنين الذكور فقط مؤهلين للانتخاب، ومن ثَم كان حتما أن يكسب الإسلاميون الوهابيون الانتخابات.
إن آل سعود مهددون بالخطر من ناحيتين، إحداهما من الإسلاميين الذين يستعملون العنف والثانية من دعاة الإصلاح الليبراليين. وهناك الكثير من الأدلة تشير إلى أنهم يخافون من دعاة الإصلاح أكثر من الإسلاميين.
وربما اعتقد الأمراء أن قتل المجرمين "الإرهابيين" أسهل عليهم من إحباط المطالب نحو عدالة إجتماعية. وحقا فإن المجتمع الدولي - وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة - يعتبر قتل الإسلاميين الذين يستعملون العنف وأعضاء تنظيم القاعدة نجاحا في "الحرب ضد الإرهاب".
وبينما يطارد الأمراء المتطرفين العنيفيين المحليين ويقتلونهم، نجدهم يضيقون الخناق سرا على دعاة الإصلاح المسالمين. وفي حين أن بقية العالم يغض الطرف عن هذا التعسف ضد الإصلاحيين الليبراليين، نجد سكوت أمريكا عنه ملفتا للنظر بطريقة خاصة.
إفساح الطريق أمام الثورات العنيفة
والسكوت هو ما يرجوه آل سعود، إذ ان من مصلحتهم أن تساندهم الولايات المتحدة الأمريكية. وكما هو الوضع في المملكة العربية السعودية فإن الحكومة الأمريكية لا تجد خارج نطاق نظام الحكم الحالي حلفاء صدوقين يساعدونهم على التغيير.
وهي لا تقوم بتشجيع الشعب على المعارضة على عكس ما حصل في أوكرانيا وجورجيا وقرقيزيا ولبنان. وطالما غطى النظام السعودي حاجة الأمريكان من البترول وحارب الإسلاميين الراديكاليين فسيحصل النظام على الدعم والسكوت من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثَم موافقتها في الخفاء.
وغض الطرف هذا لن يكون في صالح أمريكا ولا السعوديين على المدى الطويل، فمن يقف ضد الثورات السلمية، يفسح الطريق أمام ثورات عنيفة.
وربما كان في استطاعة دعاة الإصلاح الليبراليين المسجونين أن يمهدوا الطريق إلى تغيير سلمي في سبيل إصلاح المملكة العربية السعودية. ولكن بزجهم في السجون برهن النظام على أن العنف هو السبيل الوحيد أمام أولئك الذين يريدون التغيير.
بقلم مي يماني
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع Project Syndicate 2005
صدر المقال في صحيفة صحيفة زود ديتشه تسايتونغ
مي يماني باحثة في "شتام هاوس" بالمعهد الملكي للعلاقات الدولية بلندن.
قنطرة
بين الإصـلاح والسـياسة التقليديــة
غلبت نبرة سلبية على تقييم الانتخابـات البلديـة في المملكة العربيـة السعودية. ووصفها الكثير من الخبـراء بكونها مجرد خطوة تجميليـة وضعت من قبل العائلة الحاكمـة لتخفيف الضغـوط العالميـة والداخليـة. ولكن هل يمكـن أن نقيس الانتخابات البلديـة في السعودية بمقاييس ليبراليـة وأن نهمل الخصوصيات الحضاريـة والتاريخية؟ تحليل عمرو حمزاوي
حق الانتخابات وقيادة السيارة
كان وضع المرأة في المملكة وفي ألمانيا أحد الموضوعات الهامة على جدول أعمال المؤتمر الثقافي الألماني السعودي في برلين، الذي أقامته وزارة الخارجية الألمانية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي السعودية. تقرير مارتينا صبرا
www