فرنسا وسيط جديد في الشرق الأوسط

أكد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إجراء مباحثات سرية مع حركة حماس، فما هو الهدف من هذه المباحثات؟ وهل من شأنها أن تضعف موقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟. رودولف شيميلي، الخبير بشؤون الشرق الأوسط في حوار مع خولة صالح.

أجرت فرنسا وفقًا لتصريحات وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير اتصالات مع حركة حماس التي تتهم بالتطرف من قبل الغرب . وتقول بعض المصادر إن وزارة الخارجية لم تكن على علمٍ بالاتصالات إلا بعد إجرائها، وقد كان جاك ميسوزيه سفير فرنسا السابق في العراق قد التقى بقيادي من حماس هو محمود الزهار وبرئيس الحكومة إسماعيل هنية. ما هي المعلومات المتوفرة عن هذه المباحثات؟ وهل جرت بالفعل دون الموافقة المسبقة لوزير الخارجية الفرنسي؟

رودولف شيميلي: هذا مستحيل! لقد أعلن وزير الخارجية بنفسه عن هذه اللقاءات دون أي تحفظ حولها. بالتأكيد تمت الموافقة على مباحثات كهذه على أعلى المستويات الفرنسية.

إلا أن الواقع يقول بأن هذه المباحثات قد تمت بشكل سري.

شيميلي: أُجريت المباحثات بشكل سري. لقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بشكلٍ واضحٍ بأنها لم تكن مفاوضات بل مجرد اتصالات، إلا أن هذا لا يغيّر شيئًا في حقيقة أن هذه المحادثات قد حصلت. وبالمناسبة، من المعروف أن فرنسا لا تملك وحدها هذه الرؤية، فالعديد من الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي ترغب أيضًا بإجراء محادثات مع حماس ومنها من قام بذلك فعلاً، وفي الوقت الحاضر ترى بعض الدوائر في الاتحاد الأوروبي أن مقاطعة حماس غير مثمرة وغير واقعية.

لماذا تجري هذه الاتصالات بشكل سري؟

شيميلي: يخشى الاتحاد الأوروبي من إضعاف موقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في حال جرت محادثات مع شريكٍ فلسطيني آخر، في هذه الحالة في غزة. وهذا أمرٌ لا تريده أغلبية دول الاتحاد الأوروبي، ولا بد أن تجري المحادثات بعد تنسيقٍ مشتركٍ وبشكلٍ متوازن. إلا أن هذا لم يتحقق بعد، ناهيك عن أن التوصل إلى نتائج موضوعية مازال بعيد المنال.

لا نرى فعليًا سوى بوادر لاتفاقية تهدئة بين إسرائيل وحماس تلتزم فيها حماس بوقف الهجمات الصاروخية على المدن الإسرائيلية وتعلن إسرائيل في المقابل بالسماح بعودة دخول الشاحنات إلى قطاع غزة بشكل عادي. هذا الحل يتم تداوله أيضًا في محادثات بين وزيرة الخارجية الإسرائيلية والرئيس المصري مبارك. لكن تعتيمًا شديدًا يلف هذه المحادثات.

يدرج الاتحاد الأوروبي حماس على قائمة المنظمات الإرهابية، وعلى الرغم من ذلك يؤيد بعض أعضائها الاتصال بهذه المنظمة. لماذا لا يمكن صياغة إستراتيجية موحدة للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالتعامل مع حماس؟

شيميلي: إن تصنيف حماس منظمةً إرهابيةً هو تصنيفٌ رسميٌ، لكنه لا يُرضي داخليًا وبشكل غير رسمي كل دول الاتحاد الأوروبي. هذه الدول تود أن تنأى بنفسها عن هذا التصنيف، وبشكلٍ عام هناك ميلٌ لتخفيف موقف الاتحاد الأوروبي المتشدد للاتصال بهذه الحركة.

ألا ترى أن من شأن هذه الاتصالات السرية مع حماس أن تضعف موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟

شيميلي: أجل، هناك رغبة في تجنّب هذه النتيجة من خلال دعمٍ متزامنٍ للجهود الرامية إلى التفاهم بين محمود عباس وحماس بالطريقة التي يرونها مناسبة. لا بد من أن يقرر الفلسطينيون أنفسهم طبيعة قاعدة المحادثات، فالوضع معقد ويزيد من صعوبته اقتراب موعد الاجتماع التأسيسي للاتحاد المتوسطي الذي سينعقد في الثالث عشر من تموز/يوليو في باريس والذي يفترض أن تكون فلسطين من أعضائه. هنا يطرح السؤال نفسه عن أي فلسطين ستكون مشاركة وعن الدور الذي ستقوم به حماس، ما لا يجعل الأمر أكثر يسرًا. لكن ربما كان هذا حافزًا على إيجاد حل.

ما الذي تطمح فرنسا للتوصل إليه فعليًا من خلال المحادثات؟

شيميلي: تسعى فرنسا باستمرار للقيام بدورٍ خاصٍ على الجهة الجنوبية من أوروبا على الأقل. نلاحظ أن فرنسا أصبحت على تخوم الاتحاد الأوروبي إلى حدٍّ ما بعد توسّعه، لذا أعرب الرئيس نيكولا ساركوزي بوضوح منذ البداية عن تطلعاته إلى مركزة جديدة للاتحاد الأوروبي والدفع بالاتحاد نحو الجنوب، بحيث تعود فرنسا إلى المركز من جديد.

ما هي فرص نجاح الجهود الفرنسية الساعية لإدخال حماس إلى العملية السياسية؟

شيميلي: أعتقد أن الفرص ليست ضئيلة، لأن من مصلحة حماس أيضًا أن تقوم بدورٍ مقبولٍ عالميًا، وكما ذكرت سابقًا تجري محادثاتٌ متوازية بين إسرائيل ومصر حول التوصل لحلٍ يهدف إلى وقف إطلاق النار من جانب حماس وإلى إنهاء الحصار من جانب إسرائيل، ومن شأن هذا أن يكون من مصلحة حماس أيضًا.

أجرت المقابلة خولة صالح
ترجمة: يوسف حجازي
دويتشه فيله

رودولف شيميلي خبير بشؤون الشرق الأوسط، يعمل منذ سنوات طوال مراسلاً لصحيفة"زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية.

قنطرة

سياسة الاستيطان الإسرائيلية:
"المشاريع الاستيطانية خدمة مجانية لمصالح المتطرفين"
أثار إعلان إسرائيل الأخير عزمها المضي قدمًا في بناء المستوطنات في الضفة الغربية انتقادات دولية. وتشكّل هذه السياسة التي تنتهجها إسرائيل سببًا مهمًا لتجميد مفاوضات السلام المتعثِّرة في الوقت الراهن - حسب رأي الخبير في شؤون الشرق الأوسط والصحفي فولك هارد فيندفور في حوار مع خولة صالح.

السياسة الغربية تجاه حكومتي فتح وحماس:
"سياسة الضغوط تخلق تربة خصبة للجهاديين والسلفيين"
الباحثة الألمانية موريل أسيبورغ، رئيسة وحدة البحث الخاصة بإفريقيا والشرق الأوسط في مؤسسة العلم والسياسة في برلين، تعتبر أن زيادة الضغوط على السكان في قطاع غزة ستزيد من تطرف المجتمع وتشكل تربة خصبة للجهاديين والسلفيين

الحكم بالجوع على الفلسطينيين
من يرفض التحدث مع حركة حماس ...
تفاقمت حالة البؤس داخل المناطق الفلسطينية حيث تجد حكومة حماس نفسها في دوامة بين ضرورة ضمان الهدوء والنظام من جهة وعدم توفرالإمكانات من جهة أخرى. إستمرار الحظر الدولي على التعامل مع حماس يمكن أن يخلق المزيد من الراديكالية. تعليق كتبته بيتينا ماركس