على الاتحاد الأوروبي تقاسم المسؤولية!

يطالب وزير الهجرة السويدي، توبياس بيلستروم الاتحاد الأوروبي بوضع سياسة هجرة مشتركة ويناشد الدول الأعضاء بتقاسم أعباء تدفق اللاجئين العراقيين. أجرت المقابلة بيترا تابيلينغ.

سيد بيلستروم، تُعتبر السويد البلد الأوربي الذي يستقبل أكبر عدد من اللاجئين العراقيين، لماذا؟

بيلستروم: في الحقيقة ثمة أسباب عديدة، أحدها أن عددا كبيرا - لا سيما من الأكراد العراقيين - كان قد هاجر إلى السويد ما بين السبعينات والثمانينات والتحق معظمهم الأصدقاء والعائلات بالمهاجرين الأوائل. يعيش حالياً في السويد ما بين ثمانين ومائة ألف عراقي. يبدو أن الانطباع السائد عن السويد أنه مرفأ آمن. أما السبب الثاني فيعود إلى أن الحكومة الديمقراطية اليسارية السابقة كانت قد أصدرت قانوناً يسمح لللاجئين العراقيين الذين كان قد تم رفض طلب لجوءهم بالاستئناف. وربح معظمهم القضية وتمكنوا من البقاء. كل هذا كان بمثابة مؤشر.

مؤشر مفاده أن السويد تواجه المشكلة وحدها؟

بيلستروم: سجلت بعض المناطق في السويد تدفق عدد أكبر من المهاجرين العراقيين إليها من المناطق الأخرى. وهذا ما يقلق مضاجع الحكومة ويدفعها لإيجاد الوسائل المناسبة لتجنب هذه المشكلة، إذ تُشكل مسألة اللاجئين عبئاً على المدارس وسوق العمل وعلى إمكانيات دمج هؤلاء المهاجرين في المجتمع أيضاً.

رغم ذلك يُلاحظ أن السويد لا يعاني من مشاكل اجتماعية حادة مثل تلك التي تعاني منها دول الاتحاد الأروبي الأخرى.

بيلستروم: لا يشكل حالياً تدفق اللاجئين العراقيين حالة لااستقرار شديدة في مجتمعنا، إلا أن الأمر محتمل في السنوات القليلة القادمة حين تظهر تبعات هذا التدفق في قطاع التعليم وسوق العمل كما سنواجه مستقبلاً تحديات هذا الاندماج. ولكننا نعمل على تفادي ذلك ومنع حصوله. لقد تعلمنا من الماضي.

تعيش السويد حالياً طفرة اقتصادية كبرى - هذا من أكبر الإيجابيات. سنتمكن في بعض الحالات من إيجاد عمل للمهاجرين ولكن الأهم هو تكوينهم مهنياً. فنحن نؤيد الحكومة العراقية التي ترى أيضاً ضرورة عودة معظم اللاجئين العراقيين إلى وطنهم عندما يعم الامن والاستقرار في البلاد للمشاركة في إعماره. فالبلاد بحاجة إلى أطباء ومهندسين وممرضين وحقوقيين وسياسيين أيضاً. نؤمن لهم مسكناً آمناً في السويد ولكن لفترة محددة فقط. وفي النهاية عليهم العودة إلى بلادهم. كيف سيتمكنون إذن من بناء دولة فاعلة في بلادهم وهم بعيدون عنها؟

هل يعني هذا العدول عن سياسة الهجرة السويدية الليبرالية التي تتمتع بسمعة حسنة؟

بيلستروم: قوانين الهجرة في السويد ليست أكثر ليبرالية من قوانين الدول الأوروبية الأخرى. إلا أن قوانيننا كان لها نتائج طويلة المدى. من جاء من العراق إلى السويد كان يحصل عاجلاً أم آجلاً على الموافقة على الجنسية. يتعين على الاتحاد الأوروبي تقاسم المسؤولية، فهذه المسؤولية بالذات مهمة للاتحاد الأوروبي. هذا يعني أنه يتعين علينا توحيد القوانين والاجراءات ونعمل على تطبيقها في جميع دول الاتحاد الأوروبي، وهذه النقطة التي ما برحت السويد تناشد بها في الاتحاد الأوروبي. أكاد لا أشارك باجتماع لوزراء الاتحاد الأوروبي في بروكسل دون التطرق إلى موضوع سياسة الهجرة واللجوء.

إنه وضع لا يخلو من المفارقات. فالسويد تستقبل أكبر عدد من اللاجئين العراقيين مع العلم أنها لم تشارك في الحرب على العراق وكانت منذ البداية تطالب بالحلول السلمية وهي الأبعد جغرافياً عن مركز الصراع، إنه لأمر غريب من وجهة نظري.

ما الحلول التي ترونها ضمن الاتحاد الأوروبي؟ هل تم اتخاذ الخطوات الأولى؟

بيلستروم: ما زال النقاش دائراً. قدمت اللجنة الأوروبية في شهر يونيو/حزيران الماضي إلى الدول الأعضاء ما يُسمى بــ "الكتاب الأخضر" يحتوي على خمسة وثلاثين سؤالاً بخصوص تصور مشترك لسياسة مشتركة خاصة بالهجرة واللجوء. لقد أحرزنا بعض التقدم في هذا الصدد، إلا أن الهدف التالي والأهم هو مساعدة سورية والأردن اللتان استقبلتا أكثر من مليوني لاجئ عراقي. إذا لم نقدم أي مساعدة فسيؤدي ذلك إلى حالة لااستقرار سياسي في المنطقة، مما يتسبب بمشاكل أكبر. علينا أن نساعد اللاجئين على مساعدة أنفسهم.

بقلم بيترا تابيلينغ
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق الطبع قنطرة 2007

قنطرة

اللاجئون العراقيون في السويد
تعدّ مدينة سودرتيليه الصغيرة الواقعة جنوب غرب العاصمة ستوكهولم مركزًا للاّجئين العراقيين، وقد صار يطلق عليها اسم "بغداد الصغيرة". بيترا تابيلينغ أعدَّت هذا التقرير من هناك

اللاجئ العراقي في المجتمع السوري
تراوح الأرقام التقديرية للاجئين العراقيين في سوريا ما بين مليون ومليون ونصف لاجئ. ويتركز معظم هؤلاء في العاصمة دمشق، المكتظة أصلا بسكانها وبسكان الأرياف والمدن السورية الأخرى النازحين إليها لظروف مختلفة. تحقيق رزان زيتونة

أعباء على الإقتصاد والبنية التحتية
يُثقل تدفق اللاجئين العراقيين على سورية قطاعي التربية والصحة ويدفع بأسعار البيوت إلى الأعلى ويخشى البعض أن تؤدي الحرب الأهلية الدائرة في العراق إلى توترات بين اللاجئين العراقيين في سورية. بقلم فيكتور كوخر