الاستثمار الألماني في ليبيا
استرجعت ليبيا اهميتها التجارية كموقع يقدم فرصا كبيرة للعمل والاستثمار، عقب التحول الاخير في مواقف الزعيم الليبي معمر القذافي من الارهاب وتخليه عن اسلحة الدمار الشامل وعودته الى احضان المجتمع الدولي. وتسجل غرفة التجارة والصناعة الألمانية اهتماما متزيدا لشركات ألمانية تود الاستثمار في ليبيا.
ويعبّر خبير الشرق الاوسط وشمال افريقيا لدى غرفة التجارة والصناعة الالمانية يوخين مونكر عن شيء من التفاؤل ازاء موضوع فرص العمل في ليبيا ويقول: ان غرفة التجارة والصناعة الالمانية ومجلس الغرف الصناعية والتجارية في المانيا يسجلان بوضوح ان الاهتمام بالتعامل التجاري مع ليبيا ينمو في المانيا ونحن نتلقى كل يوم المزيد من الاستفسارات حول امكانية المساهمة في المشاريع في ليبيا وعقد صفقات معها، لذا نحن نخطط لاصدار دليل تجاري خاص بالعمل مع ليبيا لتغطية احتياجات الاقتصاد الالماني في هذا المجال."
هنا لابد من الاشارة الى ان ليبيا تشكل المصدر الرابع لامدادات النفط الالمانية.
ومن المعروف ان اكثر من 90 % من الدخل الوطني في ليبيا يأتي من النفط، لذا فان الاوضاع الاقتصادية والتجارية في ليبيا تتوقف على اسعار النفط في السوق الدولية وتعتمد عليها الى حد كبير. ولاشك ان دخل ليبيا السنوي من مبيعات النفط الذي يقدر حاليا بحوالي 121 مليار دولار يضمن لها هامشا واسعا يمكنها من زيادة الواردات وضخ الاموال للاستثمارات وهذا مايجعل السوق الليبية جذابة للشركات الاجنبية.
خبير الشرق الاوسط وشمال افريقيا لدى غرفة التجارة والصناعة الالمانية يوخن مونكر يؤكد هذه الحقيقة الا انه يشير الى مصاعب مرتبطة بها ويقول:"تعتبر ليبيا واحدة من الاسواق القليلة في الشرق الاوسط والشمال الافريقي التي لم تنفتح بصورة كبيرة بعد على السوق العالمية لذا فهي تنطوي على امكانيات كبيرة كما انها تعتبر من اغنى الاسواق الافريقية نظرا للدخل المرتفع للفرد الواحد من السكان الذي يتراوح بين 4000 و6000 دولار في السنة. الا ان هذه الارقام غير الدقيقة تشكل نوعا من الصعوبات في معرفة اوضاع السوق الليبية بدقة. اذ لايوجد اسماء شوارع او ارقام للمنازل والعقارات في ليبيا التي تعتمد على العلاقات والاتصالات الشخصية بصورة رئيسية."
وعلاوة على ذلك فإن ليبيا تتمتع بمزايا اخرى فبالاضافة الى ان النفط الليبي هو نفط خفيف وخال من الكبريت لذا فهو مرغوب جدا لدى الزبائن نظرا لهذه النوعية العالية هناك حقيقة ان الموقع الليبي قريب من الاسواق الاوروبية. ويضاف الى ذلك كله ان نفقات استخراج النفط الليبي التي تتراوح بين دولار واحد واربعة دولارات هي كلفة منخفضة جدا بالمقارنة الدولية مما يوفر هامشا كبيرا للربح.
وعلاوة على هذا وذاك فإن ليبيا تملك احتياطيات تقدر بحوالي 36 مليار برميل كما انها تملك ثاني اكبر احتياطي من الغاز الطبيعي بعد الجزائر. هذا ناهيك عن ان 70% من مساحة ليبيا لم يتم استكشافها جيولوجيا، لذا فان الأعمال والاستثمارات الاقتصادية في ليبيا تنطوي بالتأكيد على فرص هائلة. وفي هذا المجال تعمل شركات المانية كبيرة في مضمار الاستكشاف منها Kasseler Wintershall AG وشركة RWE-DEA AG الالمانية العملاقة لتقنيات الطاقة اضافة الى ان العديد من الشركات الالمانية تصدر سلعا الى ليبيا بمليارات الدولارات.
ويقول الخبير الالماني ان ليبيا قررت في خطتها الخمسية التي تنتهي العام المقبل انفاق 35 مليار دولار على مشاريع التنمية في قطاع النفط وشبكة المرافق ومشاريع المياه والطاقة. الا ان هناك مشاكل وعوائق جدية امام العمل في ليبيا بالنسبة للشركات الاجنبية منها العوائق البروقراطية، ذلك ان القطاعات الاقتصادية الرئيسية في البلاد ملكا للدولة التي تسيطر على الاسعار والعقود وغيرها.
وهناك ايضا شبكة المرافق او البنية التحتية التي تعاني من مشاكل كثيرة، الامر الذي تعتبره وزارة الخارجية الالمانية مشاكل مرتبطة بالنظام وهي تحد من فعالية الاقتصاد وانتاجيته. وعلى الرغم من تحسن العلاقات الاقتصادية بين المانيا وليبيا وعودة المانيا للمشاركة في معرض طرابلس الدولي مازالت الاستثمارات الالمانية في ليبيا لاتتمتع بالحماية القانونية الكافية اضافة الى مشكلة الديون الالمانية المترتبة على ليبيا.
بقلم رولف فينكيل، دويتشه فيلله 2004
ترجمة حسان شفيق