من له الكلمة الأخيرة عن ليدي غاغا في إندونيسيا؟
سنحت لي الفرصة الأسبوع الماضي في كوالا لامبور لأجلس مع مجموعة من الناشطات الإندونيسيات اللواتي رفضن أي مفهوم يقول أن إندونيسيا كانت على حافة أن تصبح دولة سلطوية. الواقع أنهم تكلموا عن الحاجة لأن يتم سماع الأصوات الشابة. "نحن من كبار المعجبين بالليدي غاغا، وقد كان من المحبِط أن خرج رجال الدين بهذا الغضب ضدها"، تقول عاشا محمد، الطالبة الجامعية الإندونيسية في كوالا لامبور. وهي تشعر أن إلغاء الحفلة الموسيقية يعطي العالم صورة مشوّهة عن الدولة والمسلمين في المنطقة.
يصعب تفريق عاشا محمد وأصدقاءها الذين يحملون أحدث الأدوات الإلكترونية عن الشباب في بقية أنحاء العالم. ورغم أن هؤلاء النساء لا يمثلن بالضرورة إندونيسيا بمجملها، إلا أنهن يستحقن أن يُسمع صوتهن. وهن صغار السن، ومهمتهن اليوم جسر الفجوة بين الشرق والغرب وإعلام العالم بأن إندونيسيا ليست معادية للغرب. "لديّ أصدقاء كثر كانوا سيذهبون إلى الحفل الموسيقي. كنا جميعاً متحمسين عندما سمعنا أن الليدي غاغا قادمة، وبدأنا نحفظ كلمات أغانيها لنغني معها"، تقول جمانة، وهي طالبة ماجستير تبلغ من العمر 24 عاماً من جاكرتا.
تضارب وجهات النظر
وتؤكد جمانة أن هناك وجهات نظر في إندونيسيا أكثر من تلك التي عملت على إلغاء الحفل الموسيقي. كانت تلك مجموعة هامة من الإندونيسيين يتكلمون عن قضايا النوع الاجتماعي في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال، ولكنك "لا تسمع عن ذلك في الإعلام. كل ما تسمعه هو أن الليدي غاغا اضطرّت لوقف حفلها الموسيقي لأن الشيوخ كانوا غاضبين. إنه لأمر محزن".
وهم على حق لأن يحزنوا على الصراع بين رجال الدين المسلمين المفوّهين، الذين يدّعون أن الليدي غاغا سوف تنشر "الفسق"، والشباب الذين يتكلمون عن التسامح والتفاهم مثل هؤلاء الطلبة. أخبرتني العديد من النساء أن الشباب في المنطقة لا يحتاجون لحفلة موسيقية أو موسيقيين ليخبروهم كيف يعيشون حياتهم، فهم يختارون حياتهم ويشكّلونها، ويغطي ذلك في معظم الحالات كامل الطيف والتبعيات الاجتماعية، من الليبراليين إلى المحافظين. وهم يناقشون أن الليدي غاغا هي مجرد مبرر لرجال الدين للتعبير عن احباطاتهم حول التغييرات الظاهرة في تصرفات الشباب.
"لدينا مشاكلنا، وكذلك الأمر بالنسبة للدول الأخرى. ولكن ما لا يفعله الإعلام الأجنبي هو أنه لا يتعامل مع الجوانب العديدة لدولنا لكي يفهمنا الناس ويعرفوا ما يجعلنا ما نحن عليه"، تضيف جمانة. تشكّل التوجهات الدينية المختلفة في إندونيسيا مجتمعاً متنوعاً. إلا أن العديد من أفراد الجيل الأصغر عمراً من الليبراليين أو المحافظين يؤمنون بمفهوم التسامح وبناء الدولة الذي لا يفرض مفاهيم معينة على المواطنين.
إحباط وخيبة أمل
عندما ألغت الليدي غاغا حفلتها الموسيقية، تركت 40,000 من حملة التذاكر محبطين خائبين بل وحتى غاضبين لأن رجال الدين لهم صوت مرتفع مكّنهم من التأثير على إلغاء الحفلة الموسيقية. من المحزن أنه في صميم القضية، يستطيع هؤلاء الذين يرفعون أصواتهم عالياً أن يحصلوا على انتباه الإعلام أكثر من الغالبية الصامتة، التي تأمل أن يصبح العالم أكثر تسامحاً واهتماماً بالنواحي المتعددة المختلفة لكل مجتمع.
لا تؤمن هؤلاء المسلمات الشابات اللواتي يعارضن التوجهات السائدة من خلال رفع أصواتهن أن حفلة موسيقية واحدة تغير أسلوب إيمانهم وتفكيرهن. لنأمل أن يفهم العالم أن قلة من رجال الدين ذوي الأصوات المرتفعة الذين أدانوا الليدي غاغا لا يغطون على أصوات التسامح في إندونيسيا ومجتمع التيار الرئيس المنفتح فيها.
جوزيف ميتون
حقوق النشر: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية، 2012
جوزيف ميتون هو رئيس تحرير الموقع الإخباري Bikyamasr.com ومركزه مصر.