حقيبة الظهر للأمهات صغار السن

هناك الكثير من مشاريع تقوية المستوى اللغوي لدى أطفال الأسر المهاجرة، ولكن لم تحظ الأمهات الأجنبيات بعروض مماثلة، مما كان له تأثير سلبي على اكتساب اللغة الألمانية لدى الأطفال. بيترا تابلينغ عن مشروع "حقيبة الظهر للأمهات"

​​هناك الكثير من مشاريع تقوية المستوى اللغوي لدى أطفال الأسر المهاجرة، ولكن لم تحظ الأمهات الأجنبيات بعروض مماثلة، مما كان له تأثير سلبي على اكتساب اللغة الألمانية لدى الأطفال. مشروع "حقيبة الظهر للأمهات" يبين سهولة دمج الأمهات ومساعدتهن في تقوية اللغة. تقرير بيترا تابلينغ

المدرسة الابتدائية في حي مولهايم بمدينة كولونيا: هنا يلتحق بالمدرسة أكثر من 360 طفلا من الصف الأول حتى الصف الرابع، وما يزيد على ستين بالمائة منهم ينتمون إلى عائلات مهاجرة ويمثلون ما يزيد على ثلاثين جنسية، ومعظمهم من أصول تركية. ولهذا الحي السكني تقاليد تركية عريقة، حيث يوجد كل شيء على الطريقة التركية، فالمحامين أتراك وكذلك أيضا محلات المواد الغذائية والمقاهي.

يقول السكان والمسؤولون عن الإندماج في الحي والمعلمين أمثال السيد هارتموت ديدو أن الذين يستطيعون تحدث أو كتابة الألمانية يمكنهم أن يعيشوا هنا بسهولة دون أن يواجهوا صعوبات لغوية.

والسيد ديدو البالغ من العمر 37 عاما يعمل مدرسا في المدرسة الإبتدائية "مولهايمر فرايهايت" التي تقع على نهر الراين، ويعلم هذا التربوي الطموح ما معنى إدارة مدرسة متعددة العرقيات بها جزء كبير من المهاجرين ويقول: "صحيح أن إمكانيات التشجيع لدينا محدودة، إلا أننا نفعل كل ما بوسعنا، فلدينا تربويين متخصصين لتدريس مواد تتناسب لمختلف الأعمار، بل وأيضا لدينا مدرسان لتدريس اللغة التركية."

المدرسة وتعلم اللغات الجماعي

يقول ديدو: " تعلم اللغة التركية يخدم تعلم اللغة الألمانية أيضا والتعرف على الهوية الثقافية لهؤلاء الذين يعيشون هنا". ولذلك يتعلم الاطفال في مدرسته كيف يستطيع المرء الربط بين الألمانية والتركية.

هذا هو النموذج الذي يستخدم أيضا بطريقة ناجحة في مدارس أخرى بولاية شمال الراين. أما في المنزل فالتطبيق غالبا ما يكون شيئا آخر، فكثير من أمهات تلاميذ مرحلة التعليم الإبتدائي يعيشون في ألمانيا منذ سنوات عديدة، ولكن قلما تتحدثن الألمانية، مما جعل مشكلة اللغة سببا في بعدهم عن حياة أبنائهم المدرسية، إذ أنهم لا يمكنهن التفاهم مع المدرسين، ولا يمكنهن أيضا أن يساعدوا أبناءهن في آداء الواجبات المدرسية، ومن ثم فلن يستطعن تحسين المستوى اللغوي للأبناء.

كما أن انعدام هذه المساعدة هو ظاهرة من ظواهر زواج المهجر: فالآباء قد نشأوا في ألمانيا ويتحدثون الألمانية بطلاقة، ولكنهم غالبا ما يتزوجون امرأة تركية ويأتون بها إلى ألمانيا. ويصف ذلك مدير المدرسة السيد ديدو متحيرا بقوله:

"هذه الأمهات لا تتحدثن الألمانية وينتابهن الحرج إذا كان الأمر يتعلق بمسألة ضرورية في المدرسة، ولهذا يرسلن الآباء الذين يجيدون الألمانية، ومن ثم لا نستطيع الاتصال بالأمهات".

واجبات مدرسية للأمهات التركيات
من هذا المنطلق خطرت على بال المدرسة الإبتدائية في مولهايم فكرة مشروع "حقيبة الظهر للأمهات"، وتقول الفكرة بأن تقوم إحدى الأمهات من أصل تركي تجيد الألمانية والتركية بالتدريس مرة في الأسبوع للأمهات التركيات، وتكون بهذا همزة وصل بين الآباء والمدرسة.

وهكذا يجلس عشرة من الأمهات في المدرسة النصف الأول من النهار مع بعضهن البعض في الوقت الذي يتلقى فيه أطفالهن في الفصول دروس الرياضيات واللغة الألمانية. وتحت رعاية السيدة نظيرة أملار، وهي أم لإحدى التلميذات، تستطيع الأمهات اللآتي تأتين باختيارهن على علم بما يفعله أطفالهن حاليا في المدرسة ويتبادلن الحديث عن الوجبات الصحية أثناء فترة الراحة وعن العناية بالأسنان.

وفي النهاية تكلف الأمهات بواجبات مدرسية لها صلة بالدروس التي يتعلمها أطفالهن. ولأن معظم الواجبات باللغة التركية فالأمهات تستطعن حلها مع الأطفال. وعلاوة على ذلك فإن السيدة نظيرة أملار، التي تقوم بدور "الأم لحي مولهايم" في هذا المشروع التعليمي، قامت مع الأمهات بزيارة مكتبة المدينة ومكتب الإستشارات الأسرية.

وهذا تكون المشرفة قد نزعت من قلوب النساء الخوف من الذهاب إلى الهيئات الحكومية، والسيدة نظيرة أملار، التي تعرف من خلال خبرتها الشخصية أن "الحصول على بطاقة الإستعارة من المكتبة يعتبر وحده ميزة لا تقدر بقيمة".

وهي ترى التقدم الكبير الذي حققته الأمهات صغيرات السن، وتقول أن هذه خطوة على طريق الخروج من العزلة، "لأنه ليس فخرا أن تقول النساء: إننا نعيش هنا منذ أكثر من عشرين عاما ولا نتحدث الألمانية. فهذا شيء لا يصدقه العقل، ولكنها حقيقة مرة".

مبدأ بسيط ولكن ذات أثر كبير

والسيدة نظيرة أملار، التي درست علم النفس والتي تشرف على أسر مهاجرة، مقتنعة تماما بمشروع "حقيبة الظهر" لأنه نفذ في مكانه الصحيح، حيث تتعلم الأمهات تقوية الثقة بالنفس والتغلب على الضعف واستعمال قدراتهن.

ولا ينبغي أن ينسى المرء أن الكثير من الأمهات تنتمي إلى أسر تنتشر بينها الأميّة، والتعليم له عندها قيمة أخرى. وهناك إمكانية أن تشارك الأمهات في في الدرس لأن مثل هذه اللقاءات تتم أثناء تعليم أطفالهن في المدرسة.

وتنادي السيدة أملار، التي تقوم بدور "الأم للحي"، بـ"أن تقام تلك المشاريع بدء من الروضة، لأن المدرسة والروضة هما المكان الوحيد الذي يتم فيه الإتصال بين النساء والمجتمع الألماني".

وفكرة مشروع "حقيبة الظهر" تم اقتباسها من مدينة "إسن"، حيث أقيم المشروع في عشر مدارس، وأصبح هناك ما يزيد على مائة مشروع "حقيبة الظهر" في ولاية نورد راين فيستفالن. وفي مدينة كولونيا تم تنفيذ هذا المشروع التعليمي في مدرستين ابتدائيتين بناء على مبادرة من مجلس الإندماج والإدارة التعليمية ومنظمات أخرى مثل مكتب العمل المحلي لدعم الأطفال والشباب من الأسر المهاجرة.

ويأمل أصحاب المبادرة أن يعم المشروع جميع المدارس والروضات، لأن الحوار بين المدرسة والمهاجرين أثمر كثيرا في قضية الإندماج وفي التعليم المدرسي كما هو الحال في المدرسة الإبتدائية في حي مولهايم بمدينة كولونيا.

بقلم بيترا تابلينغ
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع قنطرة 2006

قنطرة

مكافحة التمييز في ألمانيا وأوروبا
يرى مؤسسو جمعية أكتسيون-كوراج "، أن التمييز بكل أنواعه هو هجوم على كرامة الإنسان. وتنشط الجمعية في ألمانيا ضد التمييز العنصري، ومن أجل الحوار مع المسلمين - ويتجلى نشاطها قبل كل شيء في المدارس. تقرير بترا تابيلينغ.