احتفال باليوبيل المئوي للخلافة الأحمدية

يحتفل أبناء الجماعة الأحمدية في ألمانيا هذه الأيام بالمئوية الأولى على وجودهم في هذا البلد، حيث ينشط أتباع هذا الجماعة كثيرا في المدن الغربية الكبرى للتعريف بنشاطاتهم ومبادئهم، إلا أنهم في الوقت ذاته قد خلقوا لأنفسهم الكثير من الأعداء - من باكستان حتى ضاحية بانكو في برلين. أوليفر سامسون يستعرض وجود هذه الجماعة في ألمانيا ونشاطاتها.

​​كان ميرزا غلام أحمد الذي ولد في عام 1835 في شمال الهند يعتبر نفسه "المصطفى من الله" ومخلِّص كلِّ المسيحيين والهندوس والبوذيين والمسلمين. لقد أعلن أنَّه جاء مجدِّدًا للدين وقد بشَّرت به أديان مختلفة وأنَّ كلاً من المسيح وبوذا والإله الهندي كرِشنا بالإضافة إلى المهدي المنتظر قد عادوا متجسدين في شخصه.

وفي عام 1889 أسَّس ميرزا غلام أحمد "الجماعة الإسلامية الأحمدية". وبشَّر ميرزا غلام أحمد أتباعه بأنَّهم سوف "ينتشرون خلال ثلاثمائة عام من تأسيس الجماعة في كلِّ أرجاء العالم، بحيث أنَّ أهل الأرض سيدخلون دين الإسلام". وهكذا بدأ الأحمديون بنشر دعوتهم بنشاط في كلِّ أصقاع العالم وكذلك في ألمانيا.

انتظر أتباع الجماعة الأحمدية يوم الثلاثاء الماضي الموافق 27 أيار/مايو 2008 في ضاحية بانكو هاينرسدورف البرلينية وصول ميرزا مسرور أحمد الذي صار في هذه الأثناء الخليفة الخامس للجماعة الإسلامية الأحمدية. تأت زيارة ميرزا مسرور أحمد إلى برلين بمناسبة الاحتفال باليوبيل المائوي للخلافة الأحمدية.

يقول الألماني عبد الله واقي هاوزر الذي دخل إلى الإسلام والذي يعتبر رئيسًا للجماعة الأحمدية في ألمانيا منذ عام 1984 إنَّ "الخليفة يخلف دائمًا نبيًا". يعتبر الخليفة بالنسبة للأحمديين خليفة نبيِّهم مؤسس جماعتهم. ويتم انتخاب الخليفة من قبل مجلس من شيوخ الأحمدية انتخابًا ديموقراطيًا ويبايعونه قيادته الروحانية طيلة حياته.

"خليفة المسيح"

​​وخليفة الجماعة الأحمدية الذي يُطلق عليه اسم "خليفة المسيح" ليس له علاقة بنظام حكم الخليفة الذي كان في العصور الوسطى يجمع في شخصه بين الزعامة الدنيوية والدينية، ولا بالإسلامويين الجدد الملتفين حول ما يعرف بخليفة كولونيا والذين يحلمون في الحقيقة بفرض حكم إسلامي في أوروبا.

يقول الباحث المختص بالعلوم الإسلامية شتيفان روزيني: "إنَّ ربط الأحمدية مع مثل هذه الجماعات الإسلاموية يعتبر عاملاً لإثارة الضجة". وشيفان روزيني يعدّ ذلك مشكلة في فهم الأحمدية: "نحن في الغرب أصبحنا نعتقد أنَّ التفسير العسكري للإسلام هو التفسير الطبيعي".

يحذِّر روزيني من انتزاع المصطلحات والمفاهيم الإسلامية من سياقها، فالخليفة يعني الشخص الذي يخلف غيره مثلما هي الحال مع الجهاد الذي لا يعني بالضرورة بالنسبة للأحمديين وكذلك لمعظم المسلمين حربًا مقدَّسة، بل ببساطة الجهاد في سبيل الله.

إدانة العنف ومعارضة فتوى قتل سلمان رشدي

وبالإضافة إلى ذلك تتبنّى الجماعة الإسلامية الأحمدية اتِّجاهًا مسالمًا. فهي تدين العنف الإسلاموي كما أنَّها عارضت كذلك الفتوى التي صدرت بحق الكاتب سلمان رشدي بعد نشر "آيات شيطانية". وشعار الأحمدية الذي يعود إلى نبيَّهم هو "الحب للجميع ولا كراهية لأحد". لكن على الرغم من ذلك كثيرًا ما يواجههم عداء الآخرين.

​​يعتبر النبي محمد بالنسبة لمعظم المسلمين آخر رسل الله و"خاتم النبيين"؛ في حين تعتبر الجماعة الأحمدية أنَّ هناك أنبياء آخرين يدعون أيضًا إلى مشيئة الله. لذلك يتم اضطهادهم في بعض البلدان. ففي العام 1974 صادق البرلمان الباكستاني على قرار تم فيه تكفير كلِّ الأحمديين و اعتبارهم غير مسلمين. وبهذا القرار تم تشريع العنف ضدّ الأحمديين، الأمر الذي حمل خليفتهم على الهجرة إلى لندن.

يعود وجود الجماعة الأحمدية في ألمانيا إلى عهد جمهورية فايمار الألمانية (من عام 1919 حتى عام 1933). وفي مظهر على حضورها أنشأت الجماعة في عشرينيات القرن الماضي مسجدًا رائع البناء - جوهرة معمارية نجدها اليوم في كلِّ الأدلة السياحة باعتبارها أقدم مسجد ما يزال قائمًا في ألمانيا.

بيد أنَّ النجاح الذي حققته الدعوة الأحمدية كان أقل روعة. فقد جاء فقط بعد بدء الاضطهاد المنظَّم للأحمديين في باكستان، الأمر الذي دفع الكثير من هؤلاء إلى ألمانيا طلبًا للجوء.

وهناك خلاف على عدد أتباع الجماعة الأحمدية. ويقول واقي هاوزر إنَّه يعلم أنَّ عددهم في ألمانيا ثلاثون ألفًا. ويُقدَّر عدد الأحمديين حسب معلومات خليفة الجماعة الإسلامية الأحمدية بثمانين مليون شخصً، في حين تُقدِّر عددهم المصادر الأخرى فقط بعشرة ملايين.

تفهم للمخاوف

في ضاحية بانكو هاينرسدورف الواقعة في أقصى شمال شرق برلين لا يوجد حتى الآن أي من أتباع الأحمدية؛ لكن على الرغم من ذلك يُقام هنا الاحتفال باليوبيل المائوي للخلافة الأحمدية، وذلك لأنَّ أوَّل مسجد في الأحياء والضواحي البرلينية الشرقية يُبنى حاليًا في هذه الضاحية.

​​لقد اكتمل للتو تشييد هيكل بناء المسجد، على الرغم من المعارضة الشديدة والطويلة التي أبداها بعض السكان لبناء هذا المسجد، حيث كانت هناك مظاهرات ومبادرة شعبية ضد بناء المسجد؛ أعقبها فيما بعد احتراق مركبة شاحنة في أرض البناء، فسَّرته الشرطة بأنَّه حادث حريق مُتعمَّد.

يقول واقي هاوزر: "أنا أستطيع من دون شكّ فهم مخاوف الناس"، ويتابع قائلاً: "يوجد ارتياب وخوف مبدئيين تجاه الإسلام". غير أنَّه يعرف - حسب تعبيره - بفضل تجاربه في بناء مساجد أخرى أنَّه من الممكن التغلّب على المعارضات والاحتجاجات من خلال الحوار. "بعد عام أو عامين كان لدينا في كلِّ مكان مع الجيران علاقة طبيعية جدًا".

وفي هذه الأثناء خفتت حدّة الاحتجاجات وعادت المياه إلى مجاريها. ويتحدَّث واقي هاوزر عن استحسان إيجابي من قبل المواطنين المجاورين لهذا المسجد الذي من المزمع افتتاحه في شهر آب/أغسطس، كما أنَّ إمام المسجد سيسكن مع افتتاح المسجد في ضاحية بانكو هاينرسدورف.


أوليفر سامسون
ترجمة: رائد الباش
دويتشه فيله 2008

قنطرة

الطائفة الأحمدية في ألمانيا:
نداءات حافلة بالإنذار من الخليفة
عقدت الطائفة الأحمدية في ألمانيا لقاءها السنوي في مدينة مانهايم شارك فيه قرابة 30000 شخص، من ضمنهم خليفة الطائفة ميرزا مسرور أحمد. بقلم اندرياس غورتسيفسك

مشروع بحث تحت إشراف "مركز الشرق المعاصر" في برلين:
الإسلام الأوربي أم الأصولية؟ حول حياة المسلمين في أوربا
تقوم فرق من الباحثين والباحثات بإعداد سبع دراسات حول حركات ومؤسسات المسلمين المتدينين في البلدان الأوربية. وهذا المشروع الذي جاء تحت اسم "المسلمون في أوربا ومجتمعاتهم الأصلية في آسيا وأفريقيا: التدين المعاش، وتنوعه وعواقبه في سياقات متباينة" هو مشروع اتحادي بالتعاون مع جامعات فرانكفورت\أودر وهامبورغ وهاله. مقال بقلم فولكر توماس

العولمة ظاهرة قديمة:
تاريخ المشرِق يمر عبر برلين
يُظهِر "مركز الشرق الحديث" العمق التاريخي للعولمة عِبرَ مثال مدينة برلين، ويلفت الأنظار إلى تقليد التبادل القديم العهد مع الشرق.تقرير لينرت ليمان.