المؤتمر الأول للأئمة والحاخامات من أجل السلام
التأكيد على الالتزام بالعمل المتواصل لوضع حد لإراقة الدماء والهجمات على الأبرياء من بني الإنسان التي تنتهك الحق في الحياة وفي الكرامة الموهوبين من لدن الإله للعالمين، هي ديباجة البيان الخاتمي للمؤتمر الأول للأئمة والحاخامات الذي انعقد في بروكسل في الفترة بين الثالث والسادس من يناير كانون الثاني الجاري.
البيان الذي صودق عليه بالإجماع شدد على دعوة كافة الشعوب للنضال ضد الكراهية والجهل لبناء عالم يسوده السلام ودعوة الزعماء السياسيين في العالم لإيجاد حلول عادلة وسلمية ودائمة لكافة الأزمات خاصة في الأراضي المقدسة. ويقول الحاخام رو ني سامويل سيرات، الرئيس السابق لمجلس حاخامات فرنسا والمسؤول عن الحوار بين الأديان لدى منظمة اليونسكو:
"إذا انطلقنا من مبدأ غير مرتبط بأرض الواقع فلن نتمكن من التوصل إلى أي حل. فالأهم هو إدراك أن المشاكل موجودة فعليا وأن هناك حلولا لكل هذه المشاكل بالعمل بجد من أجل من تحقيق ذلك. إذ يكفي اعتبار أن الحب الأخوي بيننا هي السمة التي يجب أن تميز علاقاتنا وتكون رئيسية وتتقدم كافة المسائل الأخرى. وبهذا نستطيع التوصل إلى حلول لمشاكلنا."
كما دعا المجتمعون الأئمة والحاخامات في جميع أنحاء العالم إلى تنظيم أدعية ومواعظ موجهة إلى إخوانهم في الدين حول مسألة احترام كافة الأديان. وأعلن عن تأسيس لجنة مشتركة دائمة لتطبيق الإلتزامات التي انبثقت عن المؤتمر. التزامات لا تخص الكثير من الأئمة والخاخامات الذي قاطعوا المؤتمر أو اعتذروا عن حضوره كما هو حال شيخ الأزهر سيد طنطاوي.
السياسة حاضرة دوما
وكما كان متوقعا فقد خيم الوضع في الشرق الأوسط على المؤتمر رغم عدم خروجه بمواقف متقدمة حول هذه الأزمة. وقد اعترف الشيخ طلال سدر، المسؤول عن العلاقات بين الأديان لدى السلطة الفلسطينية، أن حديث السلام مازال يلقى صعوبات عند معتنقي الديانتين الإسلام واليهودية. وقال الشيخ طلال سدر:
"لأكون منصفا ليس أغلبية المسلمين يوافقون على ذلك. ولكن الثلة أو المجموعة التي تؤيد أو توافق على ذلك أعتقد أن لها احترامها وسيكون لها تأثير على المدى القريب والبعيد. حتى الآن الملعب ليس لصالح كلمة السلام في الشارع الديني سواء كان الفلسطيني أو الإسرائيلي. ونأمل أن تكون هذه اللقاءات وهذه المؤتمرات وتجسيدها على أرض الواقع هي نقلة نوعية وأن تكون الأغلبية بالفعل مع الحطاب الذي سمعتوه اليوم."
معارضة الإسلاميين
المؤتمر الأول للأئمة والحاخامات كان من المقرر أن يعقد في مدينة إفران المغربية لولا ضغط جمعيات من المجتمع المدني لا سيما ذات الاتجاه الإسلامي، وهو ما يدفع ألان ميشيل مدير مؤسسة رجال الكلمة الساهرة على تنظيم هذا المؤتمر إلى التعبير عن أسفه:
"تنظيم هذا المؤتمر في المغرب كان يشكل بالنسبة لي رمزا كبيرا. رمزا لأرض مسلمة تستقبل مؤتمرا للحوار مع اليهود. كان ذلك شيئا مهما خاصة وأن الانفتاح سمة تميز المغرب. لذا فعدم انعقاد المؤتمر في المغرب يحزنني كثيرا."
المؤتمر الأول للإئمة والحاخامات من أجل السلام شكل الخطوة الأولى في الطريق الشائك للحوار بين ممثلي الديانتين التوحيديتين الإسلام واليهودية بعد سنوات من انطلاق الحوار السياسي. غير أن الطابع الغالب على الحاضرين من المسلمين وهو ارتباطهم بالمؤسسات الرسمية ينذر بطول المسافة التي تفصل بين الشعوب المعتنقة للديانتين.
بقلم لبيب فهمي، دويتشه فيلله 2005