أرشيف إسلامي شامل في ألمانيا
أكثر من 600000 وثيقة، و 300000 بيان عن تاريخ الإسلام –أرقام مذهلة تصف مخزون جمعية إسلام-أرشيف في مدينة سُوست في مقاطعة ويستفاليا. بهذا تكون المؤسسة الوحيدة من نوعها في المانيا. وهي أقدم دار كتب في هذا المجال أيضاً، إذ تأسس المعهد المركزي إسلام-أرشيف عام 1927 في برلين من قبل محمد نافع شلبي.
ولم تكن غاية الطالب السوري بناء جسور بين العالم الإسلامي والمانيا فحسب، بل أيضاً خلق مركز فكري. توقف عمل الأرشيف بسبب استيلاء النازيين على السلطة ومن جراء سنين الحرب والأزمات التي تلت. في عام 1956 بدأت إعادة بناء الجمعية ثانية في زاربروكن، وفي عام 1982 انتقل الأرشيف المتنامي باطراد إلى مدينة سُوست، في مقاطعة ويستفاليا، وتجري إدارته منذ ذلك الحين من قبل سالم عبد الله.
أكبر توثيق للحياة الإسلامية في المانيا
الصحفي السابق، صاحب معرفة عميقة بالعالم العربي، كان من أوائل الذين عملوا على التقارب بين المسيحية والإسلام في المانيا. ففي الستينات قام بإصدار نشرات لجرائد كنسية تتوجه إلى التجمعات الإسلامية. و بعدها كان عبد الله، البوسني المنشأ، ممثلا للمؤتمر الإسلامي العالمي في الأمم المتحدة. و منذ أكثر من عشرين عاماً يدير سالم عبد الله الذي بلغ الآن الرابع والسبعين من عمره، الوثائق الأكثر شمولاً المعنية بالحياة الإسلامية في المانيا، وهي "المعهد المركزي إسلام-أرشيف" في مدينة سُوست.
يحتوي الأرشيف على نحو 6000 كتاب من مختلف مجالات الاختصاص، كالإسلام في المانيا، أوّرُبا، حوار، قضايا الأجانب، أصول الدين والتاريخ الإسلامي وكذلك اللاهوت المسيحي أيضاً. لتحقيق هذا الغرض تُجري المؤسسة تقييما لأكثر من 150 جريدة يومية، ولمجلات ولوكالات أنباء وكذلك للعشرات من النشرات الإسلامية العالمية.
بالإضافة إلى ذلك يمتلك المعهد من أكبر المجموعات التاريخية لترجمات القرآن باللغة الألمانية. إلى جانب الأرشيف في سُويست يرعى المعهد فروعاً خارجية في كل من بريمن، هامبورغ، مِونستر / أوسنابروغ و كولونيا.
الإطلاع على الوثائق مسموح للجميع
الإطلاع على وثائق الإسلام-أرشيف في سُوست ليست مقصورة فقط على المنظمات الإسلامية الراغبة في البحث، بل متوفر أيضاً لجميع الراغبين بالمعلومات، سواء كان ذلك لدواعي علمية أو صحفية.
ويستطيع أي شخص أن ينتمي كعضو للجمعية بغض النظر عن معتقده الديني. وبدون دفع أي رسوم. ولإنجاح عمل جمعية النفع العام هذه، يعمل خمسون مسلم تقريباً (عملاً تطوعياً)، غالبيتهم من الشباب الجامعيين. حيث أن ميزانية المعهد لا تسمح لأكثر من هذا. لذلك يريد سالم عبد الله تحويل الأرشيف الذي يعتمد حتى الآن على الاشتراكات والتبرعات إلى جمعية خيرية.
ويأمل الخبير بالإسلام بعد هذا التحويل معاودة تقديم الدورات للمعلمين والتلاميذ، بعد أن اضطر هذا العام لشطب هذا القسم المهم من نشاطات الأرشيف بسبب الافتقار للتمويل اللازم. إلا أن هذا النشاط مهم جداً لحوار الأديان كما يقول عبد الله، فمعلمي الديانة يستطيعون وبالأخص من خلال المقابلة الشخصية، معايشة الوجه الآخر للإسلام و التقليل من التحفظات.
المعهد المركزي في سُوست يقوم بانتظام بدراسات وتُجري استفتاءات مهمة لدوائر حكومية ولمؤسسات إجتماعية. على سبيل المثال المؤشر السياسي للحكومة الالمانية، الذي يُستفتى به ألف ومائتي مسلم في المانيا، او منشورات حول خلفية حياة المسلمين في المناطق الالمانية المختلفة، "المسلمون في المنطقة الواقعة بين نهري إِلبه و أُودر"، في عام 2003 على سبيل المثال.
ونتائج هذه الاستفتاءات هي برأي سالم عبد الله غالباً ما تكون أكثر صحة من نتائج مؤسسات الاستفتاء الأخرى، ذلك لأن من يُجري الاستفتاء هم من المسلمين، وتكون الإجابات على أسئلتهم من قِبَل المسلمين ببساطة أكثر صراحة.
نظرة نقدية للماضي ومشروع مستقبلي في الاتحاد الأوربي
يشكل المسلمون جزءاً هاما من السكان في المانيا منذ عقود. إلا أن القبول بالثقافة الإسلامية استغرق طويلاً: "المانيا كانت لفترة طويلة بلدا للهجرة، قبل ان يستخدم السياسيون في النهاية هذا التعبير"، حسب رأي سالم عبد الله، الذي ولد في المانيا.
والممثلون المسلمون أيضاً لم يُبدو دائماً استعداداً للحوار. إلا أن هذا قد تغير بعد الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من أيلول/سبتمر، كما يؤكد عبد الله: "منذ ذلك الحين نشأ حواراً تحت الضغط، للإشارة من خلاله إلى أننا لا ننتمي لهؤلاء الإرهابيين."
سالم عبد الله يريد توسيع عمل المعهد المركزي ليتجاوز الحدود الألمانية. ففي الأعوام الأربعة القادمة سيجمع كل شيء يتعلق بموضوع "الإسلام في اوربا" تحت عنوان رئيسي خاص في "أرشيف أوّرُبا". يوجد مخزون أساسي لهذا المشروع في الأرشيف الحالي.
بِترا تِابلنغ، قنطرة 2004
ترجمة يوسف حجازي