سوريا إلى أين بعد نهاية حكم أسرة الأسد؟
كتب المفكر السوري ياسين الحاج صالح "الأبد خلص" يوم السبت في السابع من ديسمبر/كانون الأول، في تغريدة على منصة إكس وجهها إلى زوجته، التي اختفت قبل 11 عاما ومن المرجح أنها قُتلت على يد الجماعات الإسلامية، وختمها بقوله: "يا ريتكن معانا".
قضى صالح ستة عشر عامًا عندما كان شابا في سجون التعذيب السورية، ويصفها بأنها مثل "مدفون حيًا من دون أن تكون حيًا". أما الآن، يراقب من برلين الإسلاميين المتشددين وهم يحررون سجنا تلو الآخر، وعودة الآلاف من المختفين قسريا والذين كان يُعتقد أنهم لقوا حتفهم إلى الحياة غير مصدقين.
كانت عقيدة أنصار النظام السوري "آل الأسد إلى الأبد"، لكن "الأبد" استمر فقط 54 عامًا. وكان حافظ الأسد، والد الرئيس المعزول الآن بشار الأسد، قد استولى على السلطة عام 1970. وغيّر جمهورية سوريا الفتية حينها، والتي كانت تعاني من عدم الاستقرار والانقلابات العسكرية، إلى نظام اشتراكي من حزب سياسي واحد، ودولة بوليسية شديدة الفساد – "مملكة الصمت"، كما وصفها شاعر سوري ذات مرة.
لم يكن يتوقع أحد أن ينهار هذا النظام الذي بُني ليبقى إلى الأبد خلال عشرة أيام فقط – حتى مقاتلو قوات المعارضة أنفسهم لم يتوقعوا ذلك. فقد بدأ الإسلاميون المتشددون من هيئة تحرير الشام تقدمهم في شمال غرب البلاد في 27 نوفمبر/تشرين الثاني. كان الهدف هو وقف الغارات الجوية التي تشنها قوات الأسد وروسيا على إدلب. وعندما لم يواجهوا أي مقاومة تذكر، تقدموا وسيطروا على مدن حلب وحماة وحمص.
وقد شجع انتصار هيئة تحرير الشام، قوات المعارضة الاخرى. فقد قامت مجموعات المعارضة في محافظة درعا الجنوبية بتجميع صفوفها وتقدمت من الجنوب باتجاه العاصمة دمشق، كما طردت الميليشيات الدرزية في السويداء قوات النظام من مناطق الجنوب الشرقي. وفي محافظة دير الزور شرق البلاد، سيطرت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد على معبر حدودي رئيسي مع العراق. أدى ذلك إلى قطع طرق الإمداد للمقاتلين الشيعة الداعمين للنظام والأسلحة من إيران والعراق.
لم تكن روسيا ولا الجمهورية الإسلامية في إيران على استعداد أو ترغبان في إنقاذ الأسد مرة أخرى – فروسيا مشغولة بالحرب في أوكرانيا، وإيران وحزب الله أضعفهم الصراع مع إسرائيل. إذ كيف يمكن الحفاظ على نظام في السلطة؛ لم يكن شعبه مستعدًا للدفاع عنه؟
هل يمكن أن نحتفل الآن؟
انتهى حكم نظام الأسد في ليلة الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول، ليُغرق ملايين السوريين – داخل البلاد وفي الدول المجاورة وحول العالم – في دوامة من المشاعر المتناقضة. إذ اختلطت مشاعرالفرح والحماس والامتنان بسقوط هذا النظام البغيض، بالقلق من المستقبل والخوف من الفوضى أو من ديكتاتورية أخرى ربما قد تكون إسلامية هذه المرة.
هل يجب أن نفرح عندما نرى مقاتلي الجماعات الإسلامية يطيحون بتماثيل الأسد؟، أم يجب علينا أن نشعر بالخوف من استيلاء المتطرفين على السلطة، كي نتضامن مع الأقليات في البلاد – المسيحيين والأكراد، والدروز، والإسماعيليين، والشيعة؟
هل يجب أن نشكر تركيا على الأسلحة التي ساعدت في إسقاط النظام؟ أم يجب أن ندين الرئيس أردوغان ومرتزقته على الهجمات على المقاتلين الأكراد والمدنيين الأكراد؟
وهل هؤلاء المقاتلون الأكراد من قوات سوريا الديمقراطية حاليا شركاء للغرب في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية ونموذج ديمقراطي رائد لفيدرالية سورية، أم أنهم حلفاء سريون للنظام لأنهم توصلوا إلى اتفاق مع نظام الأسد في 2011؟
هذه الأسئلة تُقّسم المجتمع السوري داخل البلاد وفي المنفى رغم مشاعر البهجة. كما أنها تربك العديد من المراقبين الغربيين الذين يلجؤون إلى إنقاذ أنفسهم باستخدام العبارات المعتادة عن الفوضى والحرب الأهلية، والجهاديين والثيوقراطية في تعميم لمفهوم الصديق والعدو. ومع ذلك، لا يمكن فهم سوريا إلا بتجاوز هذه المقاربة المبنية على مفهوم "إما، أو"، والمرتبطة بشدة بالتبسيط الأيديولوجي الذي لا علاقة له بالواقع المُعقد على الأرض. لهذا يجب تقبّل الغموض وتحمله، بدلاً من استخلاص استنتاجات سريعة وأحادية الجانب.
عندما يحتفي الناس في إدلب، على سبيل المثال، بمقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله، فإنهم يفعلون ذلك لأنهم عانوا لسنوات تحت حكم مقاتلي حزب الله الذين قاتلوا إلى جانب الأسد، وليس لأنهم يوافقون على الحملات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في غزة ولبنان. ففي النهاية لا تزال إسرائيل تحتل ليس فقط الأراضي الفلسطينية، بل أيضًا الجولان السوري.
قد يكون السوري معارضا لإسرائيل والجمهورية الإسلامية في إيران أيضا. وفي الوقت نفسه، يدعم الفلسطينيين واللبنانيين، ولا يزال يرفض حزب الله. والأمر مشابه مع روسيا: فمن الطبيعي أن يتضامن أي شخص تعرض للقصف بواسطة الطائرات الحربية الروسية لمدة تسع سنوات مع الشعب الأوكراني.
يعد مقاتلو هيئة تحرير الشام إسلاميين متشددين، لكنهم ليسوا جهاديين مدفوعين بأجندة دولية. فهم لا يقاتلون من أجل إقامة خلافة عالمية، ولكنهم يريدون الإطاحة بنظام الأسد وإقامة نظام إسلامي في سوريا، بغض النظر عن طبيعة شكله. أما تركيا، فقد استقبلت أكثر من أربعة ملايين سوري وقدمت الدعم للمعارضة السورية في المنفى، التي كانت حكومتها المؤقتة تمثل أملًا للغرب قبل سنوات، لكنها تفتقر اليوم إلى الشرعية داخل البلاد.
في الوقت نفسه، ساعد أردوغان على تحويل أجزاء من الجيش السوري الحر، الذي كان يُحتفى به سابقا إلى مليشيات غير منضبطة تابعة للجيش الوطني السوري تقوم باختطاف واغتصاب وقتل النساء الأكراد. وجرى تأسيس الجيش السوري الحرب في صيف عام 2011 على يد مجموعة من المنشقين عن قوات النظام السوري الذين أرادوا حماية المظاهرات بدلًا من قمعها. لهذا السبب حتى العلم الأخضر والأبيض والأسود، الذي يرفرف الآن في كل مكان، أثار مؤخرًا مشاعر متضاربة. هل لا يزال علم الثورة من أجل الحرية والكرامة، أم مجرد رمز للمعارضين الإسلاميين أو القوميين الذين يوجههم أردوغان؟
من يعرف هذه الخلفية يمكنه فهم الأحداث الحالية بشكل أفضل. تثير التماثيل وصور الأسد التي تم إسقاطها وتمزيقها الحماس والشعور بالرضا. وفي الوقت نفسه، يعيد ظهور إسلاميين ملتحين على شاحنات صغيرة إلى الأذهان ذكريات مؤلمة عن حكم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". وبينما يعود النازحون من إدلب إلى بلداتهم الأصلية – يلتقطون صور السيلفي أمام القلعة في حلب أو في الجامع الأموي في دمشق أو بجوار برج الساعة في حمص – ويحتضنون أقاربهم هناك بعد ثماني سنوات من المنفى، يفر آخرون إلى الساحل خوفًا من الإسلاميين.
وفي الوقت الذي يتم فيه إطلاق سراح السجناء السياسيين الذين كان يُعتقد أنهم ماتوا من التعذيب منذ فترة طويلة من سجون الأسد للتعذيب، يحزم الأكراد في الشهباء شمال حلب أمتعتهم ويهربون بعشرات الآلاف إلى الشمال الشرقي هرباً من مرتزقة أردوغان. يبدو أن سعادة البعض هي معاناة البعض الآخر. وبالتالي فإن السؤال الملح: هل ستستمر البداية الجديدة بشكل مرتب ومهادن وغير دموي، كما انتهى نظام الأسد؟
بقيت أشجار عيد الميلاد صامدة
يسعى الإسلاميون التابعون لهيئة تحرير الشام إلى التواصل مع جميع فئات المجتمع السوري، ويرسل زعيمهم أحمد الشعار، الملقب بأبو محمد الجولاني، رسائل تصالحية تقريبًا يوميًا. ويطالب مقاتليه بحماية المؤسسات الحكومية ومعاملة المدنيين بشكل جيد. وأينما ذهبوا، يحررون أولاً السجناء من سجون النظام، ويوزعون الخبز، ويعملون على توفير الكهرباء والمياه.
لعدة سنوات، عمل القيادي السابق في تنظيم القاعدة على تغيير صورته. إذ استبدل العمامة البيضاء التي كان يرتديها إلى الزي المدني ليبدو شخصية معتدلة للاعتراف به دوليًا كطرف يمكن التفاوض معه. في عام 2013، انفصل عن تنظيم الدولة الإسلامية، ولاحقا عن عن تنظيم القاعدة في عام 2016. ومنذ 2017، يحكم أجزاء من محافظة إدلب مع سلطته المدنية "حكومة الإنقاذ".
وقد تولى رئيس وزراء حكومة الإنقاذ هذه، محمد البشير، مهامه الرسمية كرئيس للحكومة الانتقالية في دمشق. وتمتلك هيئة تحرير الشام سنوات من الخبرة في الحكم على المستوى المحلي، ويُعتبر حكمها في إدلب سلطوي لكنه فعال. ويقول ممثلو منظمات المجتمع المدني في إدلب، إن المعارضين يتم ملاحقتهم واعتقالهم وتعذيبهم، لكن الإدارة العامة تعمل بشكل جيد. لذلك طالبت مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة غير حكومية تعمل في مجال حل النزاعات، منذ فترة طويلة إلى اتباع نهج أكثر واقعية في التعامل مع هيئة تحرير الشام.
والآن، يتجول الجولاني، وهو الذي عرضت الولايات المتحدة الأمريكية مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لقتله، في البلاد بشكل يشبه مظهر الرئيس الأوكراني زيلينسكي – بزي عسكري أخضر داكن بسيط، وشعر قصير، ولحية كاملة. ويتحدث عن "سوريا موحدة" لجميع سكانها، ويطمئن الأقليات بأنه ليس لديهم ما يخشونه، ويدعو العلويين إلى العمل من أجل "سوريا بلا طائفية". كما يعرض الجولاني، التعاون وإقامة علاقات صداقة مع الدول المجاورة والداعمين للأسد ونظامه، وهو على اتصال مباشر مع العديد من الجهات الفاعلة داخل سوريا وخارجها، ويبدو أنه نجح في بناء الثقة.
تستعد هيئة تحرير الشام، وهي تحالف من الإسلاميين المتشددين الذين انبثقوا من فرع من فروع تنظيم القاعدة، وبالتالي تصنفها أجزاء كبيرة من العالم كمنظمة إرهابية، لتوحيد السوريين. هل يمكن أن ينجح ذلك؟
تبدو البوادر الأولى مشجعة. ففي حلب، يسود الهدوء بعد أسبوعين من انطلاق الهجوم الذي قاد لنهاية الأسد. لا مجازر أو أعمال نهب، بل حياة طبيعية لكن بها بعض التوتر. وبقيت أشجار عيد الميلاد في الأحياء المسيحية منتصبة، وتقام الصلوات في الكنائس، والكهرباء تعمل الآن لأكثر من ساعتين في اليوم، حسبما أفاد سكان. وشجعت هيئة تحرير الشام، أكراد حلب على البقاء في المدينة. وتمكنت وحدات من قوات سوريا الديمقراطية الكردية التي تحركت لحمايتهم من مغادرة المدينة.
وتحدث الجولاني، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، عن بناء مؤسسات جديدة مع ضرورة تمثيل جميع فئات المجتمع. قائلا إن الأمر لا يتعلق بالأفراد، بل بهياكل الدولة. هل يريد الجولاني التخلص من صورته القديمة المتعلقة بالإرهاب، وحشد الدعم الوطني والدولي، ومن ثم في النهاية إقامة نظام إسلامي متشدد على غرار نظام طالبان في أفغانستان؟، أم أن الرجل البالغ من العمر 42 عامًا جاد فيما يقوله، وسيتطور ليصبح تشي جيفارا المسلم الذي سيقود الثورة السورية التي لم تكتمل منذ عام 2011 إلى النجاح؟، إثارة الشكوك أمر منطقي.
أولا؛ سيتيعن على هيئة تحرير الشام تأديب وضبط تصرفات حلفائها -ألوية الجيش الوطني السوري الممولة من تركيا، والتي تقاتل القوات الكردية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية في محافظة حلب. ويفر الآن عشرات الآلاف من الأشخاص – معظمهم من الأكراد، ولكن أيضًا الإيزيديين والمسيحيين الذين نزحوا من عفرين أثناء الغزو التركي في عام 2018 – إلى منطقة الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا. وهي تناشد المساعدة الدولية. ويعتقد أن مرتزقة الجيش الوطني السوري يقومون باختطاف المقاتلات الأكراد وينهبون ويشردون المدنيين النازحين. وقد ألقت هيئة تحرير الشام بالفعل القبض على بعض قادة الجيش الوطني السوري، وفقًا لمصادر محلية.
ورغم ذلك، تحتاج هيئة تحرير الشام إلى تركيا لإمدادها بالأسلحة، وبالتالي يجب عليها أن تأخذ مصالح أردوغان في عين الاعتبار. لقد غيّر سقوط نظام الأسد الأمور بشكل جذري بالنسبة لتركيا. ويمكن أن تتحقق أهم مصلحتين لأنقرة، وهما إعادة اللاجئين السوريين الذين يزيدون على أربعة ملايين لاجئ إلى وطنهم وإضعاف الحكم الذاتي الكردي. إذ سيعود الكثير من هؤلاء اللاجئين طواعية إلى سوريا المحررة بمجرد استقرار الوضع. وإذا ما اندمجت الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في حكومة سورية وتحررت من هيمنة حزب الاتحاد الديمقراطي، الشقيق السوري لحزب العمال الكردستاني، فإن ذلك سيرسل إشارة مهمة إلى تركيا.
"سقوط حلب يثبت مدى ضعف الأسد بدون حلفائه"
مع عودة الأزمة السورية إلى الواجهة وتجدد القتال بين فصائل المعارضة وقوات بشار الأسد، تحدثت إلهام أحمد الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية بـ الإدارة الذاتية (الكردية) لشمال وشرق سوريا، لقنطرة عن الوضع في حلب ورؤيتهم لمستقبل سوريا.
كما يمكن لهيئة تحرير الشام إقناع أردوغان بأن تركيا ليس لديها ما تخشاه من قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد. وعلى العكس من إسلاميي الجيش الوطني السوري، تسعى هيئة تحرير الشام منذ فترة للتوصل إلى تفاهم مع الأكراد. فالقائدان، زعيم هيئة تحرير الشام الجولاني، وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، على اتصال ويعملان على إيجاد حلول عملية على الأرض.
على سبيل المثال، جرى إقناع السكان الأكراد في حلب بالبقاء بعد مفاوضات. وإذا ما تطور هذا التنسيق الأوليّ إلى تعاون قابل للتطبيق بين أقوى جهتين مسلحتين – هيئة تحرير الشام الإسلامية وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد – فإن ذلك سيسهم بشكل كبير في استقرار البلاد.
هل تتوسط هيئة تحرير الشام بين أردوغان والأكراد؟
ينبغي على الولايات المتحدة وأوروبا، تشجيع أردوغان على إعادة النظر. وبدلاً من احتلال أراضٍ في سوريا وحمايتها من قبل عصابات المرتزقة الإجرامية، يمكنه العمل على إعادة بناء سوريا بحيث تظهر كشريك اقتصادي مزدهر على الحدود الجنوبية لتركيا وليس كدولة فاشلة.
إذا لم تتمكن هيئة تحرير الشام من إقناع أردوغان، فإن البعض يأمل في أن يضع الرئيس الأمريكي المقبل دونالد ترامب قدمه على الأرض. يريد ترامب إعادة 900 جندي أمريكي متمركزين في شمال شرق سوريا إلى الوطن والتوقف عن التورط في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي يكتسب قوة في شرق البلاد وسيحاول استغلال أي فراغ في السلطة لصالحه. وقد سحب ترامب بالفعل قواته من سوريا خلال فترة ولايته الأولى في منصبه، مما سمح لتركيا بالسيطرة على شريط حدودي شرق الفرات بين تل أبيض ورأس العين في أكتوبر 2019.
إذا لم تتمكن هيئة تحرير الشام من إقناع أردوغان، فإن البعض يحدوه الأمل في الرئيس الأمريكي المقبل عندما يمسك بزمام الأمور في يناير/كانون الثاني المقبل. يريد ترامب، إعادة 900 جندي أمريكي متمركزين في شمال شرق سوريا إلى الوطن والتوقف عن التورط في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يكتسب قوة في شرق البلاد ويحاول استغلال أي فراغ في السلطة لصالحه. لقد سحب ترامب بالفعل جزء من القوات الأمريكية من سوريا خلال ولايته الأولى، مما سمح لتركيا بالسيطرة على شريط حدودي شرق الفرات بين تل أبيض (كري سبي) ورأس العين (سري كانيه) في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
هل تستطيع الإدارة الأمريكية المقبلة التوسط بين تركيا والأكراد السوريين؟ هل سينجح ترامب في جلب أردوغان وقوات سوريا الديمقراطية إلى طاولة المفاوضات؟
هناك الكثير يتوقف على مدى مرونة أردوغان وبرجماتيته. فقد كان الرئيس التركي ينوي بالفعل التصالح مع الأسد والعمل معه لإنهاء مشروع الحكم الذاتي الكردي في شمال شرق سوريا. إلا أن الأسد أصرّ على انسحاب تركيا من الأراضي المحتلة من أجل تطبيع العلاقات السورية التركية، وهو ما رفضته أنقرة. أما الآن، فإن البداية الجديدة في سوريا تتيح لتركيا فرصة إعادة النظر في موقفها: الظروف مواتية أكثر من أي وقت مضى لحدوث تقارب تركي-كردي.
وبموافقة أردوغان، يمكن للمعارضة السورية في المنفى في تركيا أن تتصالح مع الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا. هذا التضامن بين معارضي الأسد هو مفتاح حدوث التطور الإيجابي في سوريا. لأنه فقط إذا عمل العرب والأكراد معًا يمكن أن يظهر بديل أفضل -ديمقراطي وفيدرالي يشمل جميع فئات المجتمع السوري. والآن، الغالبية العظمى من السوريين يرغبون في رؤية هكذا سيناريو – أناس صالحون لم نعد نراهم.
لقد نشر المقال لأول مرة بموقع صحيفة "تسايت" في 7 ديسمبر/كانون الأول. وقامت الكاتبة بتحديثه لقنطرة.
© قنطرة/تسايت