بدءًا ببينوشيه وانتهاءً بصدام
تعالج مسرحية أرييل دورفمان "الموت والفتاة" في جوهرها قضايا الملاحقة والتعذيب إبان الحكم الديكتاتوري في تشيلي، كما تتناول مسألتي الثأر والخلاص من آثار هذه التجارب الأليمة. يركز هذا العمل المسرحي على الحالة الشخصية للزوجين باولينا سالاس وزوجها جيراردو والطبيب ميراندا. حيث تُختطف الزوجة باولينا سالاس إبان الحكم الديكتاتوري وتتعرض في السجن للتعذيب، وبعد إطلاق سراحها تجد صديقها في أحضان امرأةٍ أخرى، لكنهما يتزوجان على الرغم من ذلك.
بعد بضع سنوات: وبينما لا تزال باولينا تعاني من تجربة السجن ولا تستطيع أن تكمل دراسة الطب التي كانت قد بدأتها، أصبح الزوج جيراردو رجل قانون مرموق. وأثناء سفره تصاب عجلة سيارته بعطب على الطريق الريفي فيضطر للتوقف، حيث يقدم له رجلٌ غريبٌ المساعدة، ويتجاذب الاثنان أطراف الحديث فيدعو جيراردو الرجل الغريب إلى منزله. وما أن يصلا إلى المنزل حتى يُذاع في الراديو خبر تعيين جيراردو عضوًا في لجنة تحقيقٍ ستقوم بمعالجة تبعات الماضي ومتابعة حالات الموت التي حصلت تحت التعذيب.
الديكتاتور والجريمة
يقدم الغريب تهانيه بهذه المناسبة، ويشرب الثلاثة باولينا وجيراردو والغريب (دكتور ميراندا) نخب التعيين، وفي أثناء ذلك تتعرّف باولينا على شخص الطبيب ميراندا ثانية مفترضةً أنه كان من عذبها، فتنقلب الدعوة للمبيت فجأة إلى اختطاف رهينة، إذ تأسر باولينا الطبيب ميراندا عازمةً على محاكمته، فهي تريد له بهذا أن يشعر بنفسه، كيف يكون إحساس من يتعرض للتعذيب والاغتصاب. يصاب جيراردو بحالة من الهول، بينما ينفي الطبيب ميراندا مشاركته بهذا العمل.
التركيبة المشحونة للشخصيات الثلاثة تطرح الأسئلة عن مواضيع الذنب والثأر بشكل مُلِحّ للغاية. كيف يجب أن تكون طبيعة العلاقة بين الضحايا والجناة بعد انتهاء المرحلة الديكتاتورية؟ وأي الطريق يسلكون: طريق الثأر وأخذ الحق باليد أم المُحاكمة على أسس النظام والقانون؟ هل ثمة من يخلو من ذنب في الديكتاتورية أصلاً؟ أسئلةٌ لا تملك أجوبةً بسيطةً في أغلب الأحيان. بيد أن لهذه الأسئلة أهميةً راهنةً بالنسبة للناس في العراق بالذات.
أجواء بداياتٍ جديدةٍ في المدن
سررنا للغاية بالدعوة لعرض عملنا المسرحي في شمال العراق. هذا بالرغم من تخوفاتنا، فالتقارير القادمة من العراق لا تدعو إلى الثقة والاطمئنان، حيث يكاد لا يخلو أي أسبوع من أخبار عن اختطافات وهجمات انتحارية وحرب أهلية وفظائع أخرى. وكان هناك قلق أيضًا لدى عائلاتنا وأقربائنا وأصدقائنا. الشخص الوحيد الذي طمأننا كان إحسان عثمان، المخرج العراقي لفرقتنا المسرحية.
لكننا حصلنا أيضًا على صورة مشجعة من خلال أبحاث إضافية أجريناها وأفادتنا بأن الوضع الأمني في منطقة الحكومة المحلية في شمال العراق أكثر استقرارًا بأشواط من أقاليم العراق الأخرى. ولم نصدق هذه المقولات فعليًا إلاّ بعد عدة أيام من وصولنا إلى مدينة دهوك.
لم نكد نتخطى الحدود حتى تم استُقبِالنا بشكلٍ ودّيٍ للغاية. حرارة مشاعر الناس وانفتاحهم وفضولهم تجاهنا أثناء مجمل رحلتنا كان له وقعٌ جميلٌ جدًا في نفوسنا، وكذلك الأجواء العامة لبداياتٍ جديدةٍ في المدن التي زرناها.
تبادل يتخطى الحدود الثقافية
بدأ المهرجان –السبب الفعلي لحضورنا– في التاسع والعشرين من حزيران/يونيو بافتتاح معرض فني ضم لوحات لأكثر من 100 فنانٍ كردي، وتم إلى جانبه عرض القطعة المسرحية التي أُخرجت بأربع طرق مختلفة وبثلاث لغات: مرة بوصفها عرضًا حيًا قدمته الفنانة النمساوية أولريكة دورغر Ulrike Düregger، وثلاث مرات بوصفها قصة مسرحية قدمتها فرقة شوراشوان دهوك باللغة الكردية، ومسرح بغداد الوطني باللغة العربية ومسرح إي أو برلين I.-O.-Theater Berlin باللغة الألمانية.
جرى تقديم عروض الفرق في ثلاث أمسيات متتالية وكانت مفتوحة للجميع. كما كان هناك بعد كل عرض حديث مع الجمهور لاقى إقبالاً وترحيبًا كبيرين. ودار على وجه الخصوص نقاشٌ حاد وواسع حول دور باولينا سالاس وطريقة كل من الممثلات في تقديمه. وكان صدى العمل هائلاً، بحيث دعانا حاكم محافظة السليمانية بعد انتهاء المهرجان لتقديم عرض إضافي في معهد الفنون الجميلة هناك.
عشقنا هذه المنطقة وهؤلاء الناس. التبادل الذي يتجاوز الحدود الثقافية يمكن له أن يشيد جسورًا مهمة بين الشرق والغرب وأن يثري بذلك حياة كل المشاركين. لذا ننتظر بفرح مهرجانات أخرى في برلين وإربيل في خريف هذا العام.
أنتشه س. هوبوخر وإدواردو فرنانديس تينياذو
ترجمة: يوسف حجازي
قنطرة 2008
أسس المخرج العراقي إحسان عثمان والممثلة أنتشه س. هوبوخر "مسرح إي أو برلين" في حزيران/يونيو 2005. تتألف الفرقة المسرحية من فنانين من مختلف القوميات والثقافات – والاسم الكامل للفرقة هو "المسرح العالمي المفتوح" (Internationales Offenes Theater). قدمت الفرقة عروضها في العراق في إطار المهرجان البرليني "المسرح العراقي في الوطن والمغترب" الذي نظمه في شهر آذار/مارس من هذا العام للمرة الثانية كل من (Theaterhaus Mitte) وجمعية (Förderband) وفرقة مسرح إي أو برلين.
قنطرة
ليالي مسرحية:
مسرحيات برشت في بغداد
لبى مسرحيون عراقيون دعوة من مسرح الرور Theater an der Ruhrفي إطار "برنامج طريق الحرير" أللذي أطلقه روبرتو تشيولي Roberto Ciulli عام 1997. تحدثنا مع المسرحي فاروق محمد عن نتائج اللقاء.
رواية "صفارات إنذار بغداد" لياسمينة خضرا
شرح لمنطق الإرهاب في العالم العربي
في أحدث رواياته "صفارات إنذار بغداد" يرسم الكاتب الجزائري ياسمينة خضرا صورة لتحول شاب عراقي خجول إلى إرهابي يستعد لتنفيذ عملية انتحارية. الرواية تكمل ثلاثية الكاتب حول منطق الإرهاب وآليات إنتاجه في العالم العربي. سوزانه فون شينك تقدم قراءتها للرواية.
إعادة البناء
"نركز على المشاركة الفاعلة للمثقفين"
كانت الثقافة خلال العقود الماضية واقعة تحت سيطرة حزب البعث الحاكم. تحدثت قنطرة في بغداد مع مفيد الجزائري، وزير الثقافة العراقي، حول الخطوات التي تقوم بها وزارته لإعادة بناء المشهد الثقافي في العراق.