العالم العربي في فرانكفورت فرصة أم كارثة؟
في شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم تبدأ الدورة الجديدة لمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب والذي يعد اكبر تجمع تجاري لحقوق الطبع ومن أهم الأحداث الثقافية العالمية. وفي هذه الدورة سيكون العالم العربي هو ضيف الشرف. هل استعد العرب لهذا الحدث أم سيظلون كما أطلق عليهم دائما "ملوك الفرص الضائعة"و"أصحاب إمبراطورية الكلام والبيانات"؟ نيللي يوسف تحدثت مع بعض المثقفين ومع رئيس اتحاد الناشرين العرب
المعلومات الخاصة بالفعاليات العربية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب والتي تتحمل مسؤوليتها الرسمية جامعة الدول العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ألسكو لم تكن معروفة حتى أسابيع قليلة. لذلك سادت حالة من القلق بين بعض الكتاب والمثقفين العرب. تضاعفت هذه الحالة عندما أعلنت الجهات المعنية بعض المعلومات حول آليات المشاركة والتي اتسمت بالغموض والبلبلة وعدم اتضاح الرؤية وخلوها من تصور يقدم المضمون العميق للثقافة العربية. الأمر الذي أدى ببعض الكتاب والمثقفين للقول بأن العرب مقبلون على كارثة حقيقية في معرض فرانكفورت القادم.
وقت قصير وعوائق مالية
في البداية يقول الكاتب المصري جمال الغيطانى في حوار خاص مع قنطرة انه من خلال متابعته للاستعدادات ومن خلال إطلاعه على ملف المشاركة في فرانكفورت يعتقد أن الأمر لا يبعث على التفاؤل حتى الآن، حيث أن اقتراحات كل دولة عربية تنطلق من منظور الدولة نفسها وليس من الثقافة العربية ككل، باستثناء رؤية دولة المغرب التي حددت محاور مشتركة بين الأقطار العربية لتبرز عمق الثقافة العربية. كما أن هناك العقبة المادية الكبيرة. فلم يتم حتى الآن تجميع المبلغ الذي قدرته جامعة الدول العربية ووزراء الثقافة العرب كصورة مبدئية وقيمته 3 ملايين.
ويضيف جمال الغيطانى أن ملف المشاركة يحتوى على قرار بترجمة عشرين كتابا إلى الألمانية ولكن لم توضح حتى الآن عناوين أي من هذه الكتب ستترجم وبالطبع لن يكفي الوقت المتبقي لإنجاز هذه الترجمات.
وعن إسناد مسؤولية المشاركة لجهة حكومية رسمية يقول جمال الغيطانى إن الألمان قد اتجهوا في الاتجاه الصحيح إلى الجامعة العربية حيث أن هذا أفضل من التعامل مع اثني وعشرين دولة عربية، لكل منها تصورها وسياستها ومضمونها الثقافي، إلا أن الجامعة تعد مؤسسة رسمية حكومية مما يعني انه ربما لن يشهد المعرض حضورا لرموز الفكر والثقافة العرب الموجودين في المنفى والذين ليسوا على علاقة جيدة بمؤسسات حكوماتهم.
وقال "إذا لم يتم تقديم الثقافة العربية كما يجب، فاعتذار كريم خير من مشاركة ناقصة وضعيفة تسيء إلى ثقافتنا العربية وإلى حضورنا أمام العالم حيث أن ثقافتنا وحضورنا يعانيان بالفعل من تشوه والتصاق بالانغلاق والقمع والإرهاب وعدم احترام حقوق المرآة ولذلك فهما ليسا في حاجة إلى المزيد من التشوهات".
وأشار الغيطانى إلى ضرورة تقديم الثقافة العربية بكافة أصولها وألا تقتصر على الرؤية الإسلامية، فلابد من تقديم المسيحية واليهودية والفكر المصري الديني القديم كأسس مكونة لهذه الثقافة.
نكون او لا نكون
أما ابراهيم المعلم رئيس اتحاد الناشرين العرب فقال فى حوار مع قنطرة إن هناك من رفض فكرة استضافة العرب وكانت حججهم أن الثقافة العربية ثقافة انعزالية وتسيطر عليها حكومات غير ديمقراطية تنتج الارهاب والتعصب وضيق الافق. لذلك شكر الالمان على منح هذه الفرصة الذهبية للعرب ليصححوا المفاهيم الخاطئة عن ثقافتهم.
ومن هنا فهو يرى ان لجان التخطيط الخاصة بالمشاركة وجميع الاطراف يبذلون الان قصارى جهدهم لإنجاح المشاركة لانها تمثل بالنسبة للعرب المقولة الشهيرة " نكون او لا نكون".
واعترف رئيس اتحاد الناشرين بوجود بعض الصعوبات وخاصة ان التجهيزات بدأت بالفعل في وقت متأخر بالإضافة إلى مشكلة الاموال اللازمة للمشاركة. واكد المعلم ان مسؤولية وزراء الثقافة العرب الآن ان يتحركوا وبأقصى سرعة لجمع باقي الاموال، وربما يستغلوا مؤتمر القمة العربية القادم فى تونس لمناقشة هذا الموضوع .
اما عن مهمة اتحاد الناشرين العرب فيقول ابراهيم المعلم إن الاتحاد يقع على عاتقه ترجمة تقديمات وتعريفات خاصة ب50 كتابا للطفل الى اللغتين الانكليزية والالمانية، ولكن لم تحدد بعد اي من عناوين هذه الكتب، كما ان مختلف دور النشر العربية ستعقد ندوات لتعرف بكتبها وادبائها. ومن المرجح أن يسافر حوالى 100 او150 أديب من مختلف انحاء العالم العربي إلى فرانكفورت كما ستعقد ندوات وحوارات. الا انه لم يتم الاستقرار بعد على أسماء الادباء. وسيتم الانتهاء من اختيارهم فى شهر يونيو المقبل.
فرانكفورت....بؤرة الانطلاق لحياة جديدة
اما الناشر حسن احمد جغام مدير دار المعارف بتونس فأكد فى حوار تليفونى مع قنطرة أن كوريا التى سيخصص معرض فرانكفورت دورته عام 2005 لثقافتها اعلنت منذ الان عن شكل مشاركتها اما نحن فيبدو اننا سنذهب الى هناك دون حتى ان نمتلك تصور محددة، فشعار المشاركة والمطبوعات الاولية مستواها ضعيف للغاية ويخلو من التفكير ويرجع ذلك الى اننا بدأنا فىوقت متأخر للغاية.
اما الاديبة سلوى بكر فترى ان اهم عنصر لانجاح تظاهرة العرب فى فرانكفورت هو التغلب على نزعة الفردية والانانية التي لا تستهدف سوى الاهتمام بالذات والتحلي بروح الفريق في تمثيل الثقافة العربية، مشيرة الى ان على العرب ان يتركوا خلافاتهم السياسية جانبا ويتحدوا على المستوى الثقافي.
كتاب تذكارى لرواد المعرض
وقال الناقد والاديب المصري صلاح فضل إن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم اسندت اليه مهمة عمل كتاب تذكاري يضم عددا من الدراسات بقلم مجموعة من كبار المفكرين العرب فى محاولة منهم لتقديم صورة للانجاز الحضاري للثقافة العربية تبعد شبهات الارهاب.
ومن الكتاب المشاركين المفكر المغربي محمد عابد الجابرى حيث يكتب دراسة عن الفضاء الحضارى للثقافة العربية، ومحمود امين العالم الذي سيكتب عن ابن خلدون فى الفكر الحديث واللبنانى شربل داغر الذي سيكتب عن الفن والجمال بين القرآن والترف، والعراقي محسن جاسم عن الخيال الحرومخابئه في " الف ليلة وليلة " وسيصدر الكتاب باللغتين العربية والالمانية وتخطط الجامعة العربية اهداءه الى رواد الجناح العربي فى فرانكفورت.
نيللى يوسف، قنطرة 2004
الفعاليات داخل الجناح العربي بمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب هنا
المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هنا
موقع معرض فرانكفورت هنا