تفسير الإسلام تفسيراً عصرياً
يعد بنيامين إدريس أشهر أئمة ألمانيا، ومسجده الواقع في بينتسبيرغ الواقعة إلى الجنوب من مدينة ميونخ بات معروفاً منذ سنوات بالشفافية والانفتاح. والخطب والمواعظ التي تُلقى فيه تكون باللغة الألمانية، كما توجد فيه دار رياض أطفال عمومية ومكتبة، إضافة إلى الكثير من العلاقات بالطوائف والأديان الأخرى والمدارس والمؤسسات، وكل هذا يميز مسجد الإمام إدريس المنحدر من مقدونيا. ويرى إدريس في مشروعه المتمثل في إقامة مركزاً إسلامياً في أوروبا، في مدينة ميونخ الألمانية مجهز بأكاديمية مساهمة في إنشاء إسلام ألماني أصيلاً، لا يجب تأمينه من البلدان الأصلية للمسلمين.
لكن إدريس أثار أيضاً بعض الجدل، فعلى الرغم من نشاط المنتدى الإسلامي في بينتسبيرغ لسنوات طويلة، صنفت هيئة حماية الدستور الألماني بتصنيف المسجد في تقريرها السنوي على أنه "متشدداً"، بحجة وجود علاقات بمنظمة ميللي غوروس، التي تم التحري عنها في قضايا عدة، منها "تقديم الدعم للمنظمات الإرهابية". وفي هذه الأثناء تم إيقاف التحريات عن منظمة ميللي غوروس. والمنتدى الإسلامي تقدم حتى الوقت الراهن عبثاً بدعاوى في المحكمة الإدارية البافارية ضد تقييم وزارة الداخلية، لكن تم منح المسجد آمالاً في تقييم جديد في التقرير التالي المنتظر صدوره عام 2011.
إن الكتل الممثلة في مجلس مدينة ميونخ والكنائس المسيحية والجالية اليهودية في هذه المدينة ما زالت على دعمها لهذا الإمام. والصراع مع وزارة الداخلية كان بالنسبة إلى إدريس مناسبة لنشر تصوره لإسلام أوروبي في كتاب.
الإيمان الحرفي سبباً لجمود الإسلام
في كاتبه لا يدور إدريس حول الموضوع، فهو يفرق بين الإسلام الذي عاشه النبي محمد وبين التفسيرات في العصور التي تلته. إن إيمان النبي محمد يمتلك بالنسبة إلى إدريس سمة عالمية ، كالحب والتسامح والاحترام والعدالة. إضافة إلى ذلك فإنه يمتلك القدرة على التلائم مع كل عصر وفي كل مكان. ولكن بعد موت النبي محمد سرعان ما تم توظيف هذا التنزيل عقائدياً لإغراض سياسية.
وبعد فترة وجيزة من ذلك أعلن بعض العلماء أن الأحكام غير قابلة للتبديل، وفي الحقيقة أن تلك الأحكام مرتبطة بسياقها الزمني والتاريخي، الأمر الذي جعلها تبدو إشكالية في الوقت الراهن. ويرى أدريس في هذا الإيمان الحرفي سبباً رئيساً لجمود الإسلام لأن مثل هذه الضوابط يجب أن تتلاءم مراراً وتكراراً. وينتقد إدريس الفهم الديني للكثير من المسلمين، ذلك الفهم يحمل "عادات موروثة من القدم وخطب رجال دين متمسكين بالتقاليد وأفكار متقادمة". ويصف العقوبات، التي عفا عليها الزمن، عند ارتكاب الزنا والردة، والزواج القسري وجرائم الشرف كغطاء ديني "لعادات مغرقة في القدم" في البلدان الأصلية التي ينحدر منها المسلمون.
وبالنسبة إلى إدريس فإن الحجاب والنقاب على سبيل المثال يناقضان تماماً الرسالة العالمية للنبي محمد. إن إسلاماً عصرياً يعني بالنسبة إليه على عكس ذلك، أن يُسمح بتولي نساء مراكز قيادية في المسجد. وفي النقاش حول الإسلام لا يجيب إدريس على كل الأسئلة، لكنه يوضح بصورة جلية الاتجاه الذي ينبغي أن تأخذه الإجابة عنها.
نحو إسلام أوروبي
.
إن التعايش المتعدد الإثنيات والأديان في يوغسلافيا السابقة ترك بصمات واضحة على إدريس، وفي البوسنة على وجه الخصوص، حيث كان على الإسلام أن ينتظم الإسلام منذ نهاية القرن التاسع عشر مع السيطرة النمساوية-الهنغارية، تم في وقت مبكر تطوير نماذج لإسلام أوروبي. ويستند إدريس على آراء علماء دين بوسنيين مثل حسين دجوزو (1912-1982).
وهذا الأمر كان باعثاً لانتقادات شديدة، وكما نقلت مجلة "فوكس" الألمانية، لأن دجوزو كان خلال الحرب العالمية الثانية أماماً لقوات الوحدة الوقائية Waffen-SS فيما كان يُسمى بفرية الهانجار. ولا يوجد خلاف علمي حول مكانة دجوزو في إيجاد تفسير إسلامي عصري ومنتقد للتقاليد.
ومما لا شك فيه فإن دجوزو عمل على إيجاد أسس نظرية لوجود المسلمين البوسنيين في سياق متعدد الديانات، وإدريس يستند في رؤيته على هذه الأسس بالتحديد. فمن المؤكد أنها لخسارة أن لم يتم تناول دور المسلمين البوسنيين في وقت الرايخ الثالث في البوسنة نفسها وفي الأبحاث بعد. لكن لا يمكن القاء اللوم في هذه الخسارة على إدريس. بكتابه "السلام عليكم يا سماحة الإمام!" قدم إدريس عملاً جريئاً ومساهمة مهمة للجدل الدائر في ألمانيا حول الاندماج.
كلاوديا مينده
ترجمة: عماد مبارك غانم
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2011
صدر كتاب بنيامين إدريس "السلام عليكم يا سماحة الإمام!" عن دار نشر ديدريكس عام 2010
Qantara.de
حوار مع عاصم حفني الأستاذ في العلوم الإسلامية في جامعة فيليبس الألمانية:
تدريس الدين الإسلامي في ألمانيا اعتراف بالمسلمين"
أوصى جلس العلم في ألمانيا بتدريس مادة الدين الإسلامي في جامعات ألمانية لتخريج أئمة ومعلمين يساعدون على اندماج المسلمين في المجتمع الألماني. عبد الرحمن عثمان حاور الدكتور عاصم حفني الأستاذ في جامعة ماربورغ حول الموضوع.
نحو اندماج أئمة المساجد في ألمانيا:
برامج تدريبية لتعريف الأئمة بالحياة السياسية الألمانية
في ضوء حقيقة أن معظم أئمة المساجد في ألمانيا هم من الوافدين من تركيا أطلقت ولاية ألمانية برامج تدريبية وتأهيلية لهؤلاء الأئمة لتعريفهم بالنظام الاجتماعي والسياسي في ألمانيا وكذلك العمل على تحسين لغتهم الألمانية من أجل أن تكون المساجد منابر للاندماج الإيجابي. ميشائيل هولينباخ يعرفنا بهذه التجربة.
كتاب لأستاذ الدراسات الدينية رؤوف سيلان حول الأئمة في ألمانيا:
الأئمة كمفتاح لإسلام جديد؟
صدر لأستاذ الدراسات الدينية في جامعة أوسنابروك، رؤوف سيلان كتاب جديد حول الأئمة بعنوان "وعَّاظ الإسلام"، حيث يسلط الضوء على حياة الأئمة اليومية الذين لا يعرف عنهم تقريبًا أي شيء في ألمانيا ، كما يبين دورهم في تعزيز عملية الاندماج. تيلو غوشاس يعرفنا بهذا الكتاب.