وزير الخارجية الألماني فيشر في واشنطن
حتى القوة العسكرية العظمى في عالم اليوم بحاجة الى شركاء. هذه الحقيقة لم تكن يوما ما واضحة كما هي اليوم خصوصا بعد أن هزت فضيحة التعذيب في العراق ثقة الرأي العام في العالم المتمدن بالدور الاخلاقي الريادي للولايات المتحدة. ومن هنا تأتي اهمية زيارة فيشر الى الولايات المتحدة التي اعطت الشريك الاطلسي اشارات الثقة في هذه الظروف الحرجة.
امريكا ستعيد الاعتبار لنفسها وستكون اهلا لدورها القيادي في العالم، هذا ما قاله فيشر في واشنطن. لكنه لم ينسى أن يطالب بكشف كامل لكل جوانب الفضيحة. وهذا ماكان ينبغي على فيشر ان يقوم به في الوقت الذي تسعى فيه المانيا مجددا الى لعب دور الوسيط في عملية السلام في الشرق الاوسط.
انها ازدواجية دبلوماسية ضرورية اذا ارادت المانيا أن ينظر اليها العالم العربي باعتبارها الوسيط النزيه. الولايات المتحدة من جانبها مستعدة اليوم لاعادة الحوار مع الفلسطينيين وذلك على ضوء الاضرار التي لحقت بسمعتها نتيجة لصور التعذيب في سجن ابو غريب. واستغل فيشر هذه الفرصة بذكاء وساهم بشكل فعال في تنظيم لقاء يجمع مستشارة الامن القومي في الادارة الامريكية واحمد قريع، رئيس الوزراء الفلسطيني في برلين.
هكذا وبعد عام من بدء الخلافات الالمانية الامريكية بسبب الحرب على العراق، عاد البيت الابيض ليجدد ثقته بالدبلوماسية الالمانية. وتزداد اهمية هذا الامر اذا اخذنا في الاعتبار أن بريطانيا الحليف الاوروبي الاساسي للولايات المتحدة في العراق، قد تضررت هي الاخرى بسبب خروقات حقوق الانسان. وعلى ضوء هذه التطورات وتداعياتها ينبغي الان السعي من اجل تنظيم الفترة الانتقالية في العراق وذلك من خلال تعاون الولايات المتحدة ومجلس الامن الدولي بهدف ايجاد حل دائم لهذه القضية.
الاوضاع الحالية في العراق لاتسمح بإحلال استقرار دائم فيه. كما لايمكن إحلال الاستقرار في العراق دون القوة العسكرية الامريكية. وعليه ينبغي العمل من اجل تحويل جنود الاحتلال الى شركاء للعراقيين في عملية البناء. وهذا الامر سيشكل منعطفا كبيرا نحو الاحسن في العراق. واخيرا لابد من القول إن فضيحة التعذيب سوف لن تسهل هذا الامر.
تعليق دويتشه فيلله 2004
ترجمة حسن حسين