تنظيمات مدنية بعيدة عن السياسة والأحزاب
المرأة العراقية ومشاركتها في عملية البناء
في ألمانيا وبالتحديد في برلين عقد مؤخراً ندوة دعت اليها مؤسسة هاينرش بول لبحث قضية مشاركة المرأة العراقية في عملية البناء والمضي قدماً في إحلال الديمقراطية. وفوق ذلك المنبر سنحت الفرصة للنساء العراقيات المشاركات في الندوة للتعبير عن آرائهن في الوضع الراهن في العراق وشرح تصوراتهن عن إمكانية مشاركتهن في العملية السياسية. وتجلى من خلال ذلك مدى تباين الخبرات في هذا الميدان، فالعديدات من المشتركات يعشن في المنفى في ألمانيا منذ العديد من السنين، بينما بقيت أخريات في الوطن. من جهة أخرى تقاربت الآراء الى حد بعيد حول الضرورة الملحة لضمان فرص المرأة في العراق المستقبلي. عندما تحدثت مفوضة الحكومة الألمانية لشؤون حقوق الأنسان والمساعدات الأنسانية السيدة كلاوديا روت قالت:
"إن نجاح بداية جديدة ونجاح عملية ديمقراطية في العراق لايتمثل فقط في الخطوات التي تتخذ من أجل تحسين وضع المرأة، إنما أيضاً في الكيفية التي تساهم فيها النساء في هذه العملية، وفي نوعية الوسائل التي تضمن أكبر مشاركة ممكنة للمرأة وفي الكيفية التي يمكن فيها لها أن تظهر الحماس للمشاركة مشاركة فعالة في بناء العراق على الرغم من سيادة الرجل ."
مساعدة فورية
الوضع المأساوي الراهن للمرأة العراقية احتل حيزاً هاماً في إطار ندوة برلين وتم التأكيد على الضرورة الملحة لتقديم إجراءات مساعدة فورية. السيدة نسرين مصطفى صديق وزيرة إعادة الأعمار والتنمية في حكومة كردستان العراق أكدت بدورها على الضرورة القصوى لضمان الحاجات الأساسية في الوقت الراهن للمواطنين وهي تعلم من خلال خبراتها كوزيرة منذ اثنتي عشرة سنة تمام العلمً ماتحتاج اليه النساء بالدرجة الأولى وتقول حول ذلك: "النساء بحاجة ماسة الآن الى الأمان. ثم تأتي المياه والتعلم والعناية الصحية وعلينا أن نركز على هذه الأمور عندما نحاول تعزيز وضع النساء بشكل يمكنهن من ممارسة دور فعال."
السيدة بخشان زنكنة التي عاشت في العراق سنوات عديدة في الخفاء غادرت بعدها الى ألمانيا أكدت في حديثها على أهمية قيام النساء العراقيات في الوقت الحاضر بتنظيم أنفسهن في تنظيمات مدنية وأضافت قائلة: " من المهم جداً بالنسبة الى النساء العراقيات أن ينظمن أنفسهن في تنظيمات مدنية بعيدة عن التأثيرات الحزبية والتأثيرات السياسية الضيقة ، لأن هذه التأثيرات في الحقيقة لعبت وتلعب دوراً سلبياً على الحركة النسائية بشكل عام في العراق "
سيادة القانون
الناشطة العراقية من أجل حقوق المرأة السيدة رند الرحيم التي ترأس المؤسسة العراقية للدراسات والبحوث في واشنطن كانت أيضاً من بين المشاركات في ندوة برلين وهي تتنقل في إطار عملها بين بغداد وواشنطن وتهتم حالياً بقضية الملاحقة القانونية لجرائم النظام المنهار وعندما تتحدث عن ذلك تؤكد على ضرورة الاهتمام بالنقاط التالية: "لابد من البدء الفوري بالعملية القضائية ولايسعنا الانتظار أشهراً أو سنة كي نبدأ في العراق بالمحاكمات، لكن بعد مرور أشهر ثلاثة على تحرير العراق يبدو أنه لم يتبلور حتى الآن بداية نظام قضائي، الأمر الذي قوض ثقة المواطنين بسيادة القانون وهذا الوضع أدى بالتالي الى ممارسة عدة عمليات ثأر في مختلف المدن العراقية."
السيدة رقية القيسي من الرابطة الحقوقية العراقية التي يتشكل مجلس رئاستها من ممثلي كافة المناطق العراقية تشارك في مشروع هادف الى تطوير مخططات إصلاح القطاع القضائي في العراق وتشير في حديثها الى أن الهدف لايتمثل في القضاء على كل من يؤمن بعقيدة حزب البعث، فهؤلاء وباستثناءات قليلة لابد من تقديمهم الى القضاء، يجب دمجهم في عملية التحول والتغير. ثم تتحدث رقية القيسي عن نقاط أخرى قائلة: "مانحتاج اليه حالياً هو علمانية الدولة ونقصد هنا تحرير الدين من السياسيين واستغلال الدين لأهداف سياسية، وهذا مع الأسف موجود في جميع العالم العربي والأسلامي"
مجلس الحكم الانتقالي الذي تم تشكيله في العراق لا يضم من أصل 25 عضو سوى أربع سيدات، وهذه بداية متواضعة وأيم الحق وفيها دلالة واضحة أيضا ًالى أن مسيرة المرأة العراقية نحو تربعها المكانة اللائقة بها سياسياً واجتماعياً في العراق ماتزال طويلة وشاقة.
منى صالح، دويتشه فيلله آب 2003