الإسلام يكفل حماية الأقليات الدينية ولكن ...

السلام الحقيقي ما بين الأديان في باكستان ما زال بعيد المنال. "الاتحاد العالمي الإسلامي-المسيحي" مجموعة تسعى منذ سنوات إلى التقارب بين الأديان والطوائف المختلفة. تقرير عبد الأحمد رشيد.

أسس الأسقف صاموئيل أزارياه من "كنيسة باكستان"، بالإشتراك مع العلامة الإسلامي قاضي عبد القادر خاموش، "الاتحاد العالمي الإسلامي-المسيحي" MCFI“، قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول بعام واحد. وتميز "الاتحاد" بين المنظمات في باكستان، وذلك لإنتماء أعضائه لاتجاهات تقدمية، ولأنه يوحد في صفوفه قوى من الكنائس، وممن يعتنقون الإسلام، ومن مجموعات حقوق الإنسان.

وتبيّن يوتا فيرديس، من "مؤسسة الخدمات الكنسية الإنمائية" EED “، وقد رافقت مجموعة من أعضاء "الاتحاد العالمي الإسلامي-المسيحي" في رحلتهم في المانيا، أنَّ "لهذا الاتحاد خصوصيته، فهو المنظمة الوحيدة على الصعيد الوطني التي تكرس جهودها في سبيل الحوار بين الديانات المختلفة وتسعى للسلام بينها.

بالإضافة إلى أنه منتدى تشَكَّل على أساس ديني-سياسي، له نفوذه في المؤسسات الدينية والسياسة على السواء". وتضيف فيرديس: "كثيرون من أعضاء الاتحاد على تواصل مع جهات حكومية ولذا يستطيعون التأثير ايجابياً".

اعتداءات على منشآت مسيحية

الوضع في باكستان بأشد الحاجة إلى حوار بين الديانات. فقد أثرت ممارسات العنف والتهديدات سلبيا على التعايش بين الطوائف الدينية، لا سيما في الأعوام القليلة الماضية. واعتداءات إرهابية عديدة طالت الكنائس والمدارس المسيحية، وذهب ضحيتها عدد كبير من القتلى.

يقول العلامة الإسلامي خاموش في هذا الصدد: "نحاول عبر نشاطاتنا الحيلولة دون هذه الأعمال أو أن نحد منها على الأقل، فالإسلام يوجب في واقع الأمر حماية الأقليات الدينية. وبالرغم من ذلك تتكرر الأعمال العنصرية تجاه الأقليات في باكستان".

ويعد المسيحيون والهندوس من الأقليات الدينية هناك. فالمسيحيون ينتمون إلى أفقر شرائح الشعب، ويمثلون %3 من 140 مليون نسمة في باكستان.

ورغم أنَّ الإسلام يكفل الحماية، بيد أن المسيحيين غالباً ما يتعرضون لإجراءات مجحفة بحقهم، فيمنعون من الإرتقاء لتولي المناصب المهمة في الإدارة، والجيش والحكومة والهيئات التشريعية.

وتنتقد يوتا فيرديس هذا بقولها: "لا وجود لقضاة أو لمحامين مسيحيين منذ عشرين أو ثلاثين سنة. بالإضافة إلى ذلك فإنَّ فرص المسيحيين سيئة في الحصول على التأهيل العلمي والوظائف والتغذية".

كما يطبق قانون الإساءة إلى الإسلام على المسيحيين أيضا. وهو قانون ساري المفعول منذ عام 1982، ويقول بأنَّ "إهانة القرآن والنبي محمد" يستوجبان عقوبة السجن المؤبد أو الإعدام. وكانت الغاية من هذا القانون صون السلام الديني في الأصل، ولكنه استُغل لعزل الأقليات مثل المسيحيين، لا سيما في عهد ضياء الحق.

اعتراف متزايد

المسلمون بدورهم يحاربون بعضهم البعض. فقد حصلت مؤخراً أعمال عنف بين الأكثرية السنية والأقلية التي تعتنق المذهب الشيعي. فيما يسعى أعضاء "الاتحاد العالمي الإسلامي-المسيحي" لمكافحة هذه الممارسات من خلال الندوات وورشات العمل.

وفي حين لا تحصل المنظمة على أي إعانة مالية من قبل الدولة الباكستانية أو المؤسسات الدينية، يتحمل الأعضاء بأنفسهم التكاليف المترتبة عن هذه النشاطات.

يقول العلامة الإسلامي خاموش بمثالية: "لا نحتاج إلى فنادق خمس نجوم. نفضل الاجتماع في المراكز العامة، فهي أقل كلفة، ونستطيع الوصول فيها إلى عدد أكبر من الناس". علاوة على ذلك تصدر مجلة شهرية يتحمل أعضاء "الاتحاد العالمي الإسلامي-المسيحي" أيضاً تكاليفها المالية.

هذا العناء كله، وهذه الجهود مجدية بالتأكيد، نظراً للإعتراف المتنامي الذي تحظى به المنظمة في باكستان. ويبدي الأسقف صاموئيل أزارياه تفاؤله قائلاً: "في البداية لم يكن عملنا سهلاً. إذ تتسم العلاقة بين المنتمين للديانتين الإسلامية والمسيحية بعدم الثقة بالآخر. لكننا كنا مؤمنين بما نفعل وتابعنا العمل، واليوم يلتفت الكثيرون إلينا. حيث يتم دعم نشاطنا من قبل الحكومة والمعارضة ومن المجموعات الإسلامية والمسيحية".

التعرف على تعايش الأديان في ألمانيا

كان للزيارة في المانيا وللعمل النموذجي بين مختلف الديانات، الذي تعرفوا عليه أثناء الزيارة، وقع كبير لدى المجموعة كما عبر أحد رجل الدين. "التقينا بالممثلين الرسميين للطوائف الدينية في المانيا، في الكنائس والجوامع، وما سمعناه عن حريات كل من هذه الطوائف، أثار إعجابنا وشجعنا على تطبيق هذه الأمور في باكستان أيضاً".

ويخطط "الاتحاد العالمي الإسلامي-المسيحي"، الذي يلاقى اليوم دعماً كبيراً على المستوى العالمي، لمشروع في المستقبل القريب يريد فيه الذهاب إلى المعاهد الكاثوليكية والبروتستانتية ومدارس القرآن ليحاضر هناك أيضاًَ عن الديانات الأخرى.

لا سيما في مدارس القرآن يتم التحريض على كره الديانات الأخرى. ويحدد عبد القادر خاموش سبب ذلك:

بـ"ضحالة معرفة الكثيرين من معلمي الدين بالإسلام، فكثير مما ينشروه يتنافى مع تعاليم القرآن". ويَذكرُ أن هذا ينطبق أيضاً على ممارسة التسامح تجاه الأقليات الدينية الأخرى، الذي يقول به القرآن بوضوح.

يعمل "الاتحاد العالمي الإسلامي-المسيحي" هنا أيضاً على الإقناع بهذه القضايا. لكن يبقى عبد القادر خاموش متحفظاً لدى تحدثه عن مستقبل الحوار بين الديانات في باكستان ويقول:

"مع أننا متفائلون بتطور وتحسن الأحوال، ولا داع للتشاؤم، لكن في مجتمع يشهد يومياً الظلم والخلافات الحادة منذ خمسين عاماً، لا يمكن تغيير الأحوال بين ليلة وضحاها. سيحتاج استقرار الأمور إلى فترة طويلة ولكثير من الصبر."

بقلم عبد الأحمد رشيد
ترجمة يوسف حجازي
حقوق الطبع قنطرة 2005

عبد الأحمد رشيد صحفي أفغاني الأصل مقيم في ألمانيا

قنطرة

إسلام الجيل الجديد
نساء باكستانيات متعلمات ومتحررات يرتدين الخمار أو البرقع بمحض إرادتهن. ويعود ذلك للداعية فرحت هاشمي التي تمكنت بأساليب حديثة من إقناع المئات من النساء بتأويلاتها للتعاليم الإسلامية