لقاء بين الأئمة والأساقفة
وقد استمر الحوار بين علماء الدين والأئمة والقساوسة لثلاثة أيام. وكان موضوع الحوار هو وضع الدين فيالدولة العلمانية.
وقد كان على الحضور أن يلتزموا بالخطة الزمنية المكثفة لإلقاء المحاضرات وورش العمل وزيارة الكنائس، وقد كان سيفي بوزكوش وزملاؤه - الذين يزيدون على الثلاثين – متفقين على أن الندوة أتت أكلها.
ولقد كان بوزكوش إماما لمسجد شتوتغارت في الأربع سنوات الماضية، ولذا فإنه يكاد يكون مستحيلا أن تنعقد مثل هذه الندوة بدونه، فقد كان يسعى دائما أثناء إقامته في ألمانيا إلى الحوار مع رجال الدين المسيحي، كما أن بوزكوش متأكد أن زملائه قد استطاعوا أثناء هذه الندوة أن يقيموا علاقات جديدة.
تأسيس قاعدة للتفاهم
ويقول بوزكوش: "لقد خلقت الندوة في المقام الأول قاعدة إتصال بين ممثلي الكنائس وبين رجال الدين المسلمين، لأن الحوار يتواجد بعد مثل هذه اللقاءات. وعندما تنعدم هذه اللقاءات ولا يتعارف الناس على بعضهم البعض، فلن يكون هناك ثقة متبادلة. وإذا انعدمت الثقة فلن يكون هناك حوار، ولهذا فإننا نسعى بهذه الخطوة إلى تأسيس قاعدة للتفاهم أولا، ومن ثم فسوف يستطيع أصدقاء الأئمة القيام بالحوار في مجتمعاتهم مع زملائهم المسيحيين".
وبالرغم من الحماس لهذا التعارف الجديد، إلا أن الحوار بين الأديان كان ولابد أن يبدأ منذ زمن طويل. ولكن كل الأطراف تغافلت عن ذلك، حيث أن معظم المهاجرين المسلمين أتوا كعمال ينبغي عليهم الرجوع إلى أوطانهم بعد بضع سنين. أما أنهم قد وجدوا في ألمانيا موطنا لهم فهذا شيء لم يكونوا يحلمون به قبل أربعين سنة مضت.
حوار الأديان هو الخطوة الأولى
ويستطرد بوزكوش قائلا "إن مشاكل المسلمين لم تدرك إلا متأخرا وجاءت مقترحات الحلول أكثر تأخرا. ومن الممكن أن يكون التفاهم بين الدولتين قد جاء متأخرا، وربما كان للظن أن العمال قد أتوا إلى ألمانيا لمدة محددة تأثير على القضية. فلو أنه كان معروفا منذ البداية أنهم سوف يستوطنون هنا لأمكن إدراك المشاكل مبكرا وتم البحث عن حلول لها.
ومن الواضح أن سبب انعقاد مثل هذه الندوات الآن يرجع إلى بدء المشاكل في الظهور بعد أن أصبح واضحا أن بني وطننا سوف يبقون هنا، ومن ثم أصبح حوار الآديان ضروريا في إطار مثل هذه الندوات".
وتأخر الحوار أفضل من عدمه. فكما يرى بكير آلبوغا، أستاذ الدراسات الاسلامية، أن حوار الأديان هو الخطوة الأولى لاندماج المسلمين في ألمانيا، وأن الحوار هو السبيل الوحيد للرد على الأحكام المسبقة. وقد ألقى بكير آلبوغا - المكلف بحوار الأديان لدى الاتحاد العام الاسلامي التركي للعمل الاسلامي في المانيا – أيضا كلمة في هذه الندوة، وفيما يلي ملخصها:
"يعتبر حوار الأديان من أهم الأبواب التي يجب أن تفتح أمام الاندماج، فهو الذي سيسمح للبشرية أن تتعارف على بعضها أكثر. وعندما يجري المرء حوارا دون أن يكون لديه مخاوف فإنه سوف يحقق نجاحا فيما يتعلق بالاندماج لكل من الطرفين. وقد برهنت هذه الندوة على أن الاندماج أمر يخص كلا الطرفين، وعليه فإن المؤسسات المسيحية يجب عليها أن تحاول فهم عقلية المسلمين ومن ثم الاندماج في مؤسساتهم الاجتماعية. وفي المقابل فإنه يجب على الأئمة المقيمين هنا أن يتعرفوا على البلد وأن يساهموا اسهاما كبيرا في قضية اندماج المسلمين في المجتمع، ولكن دون أن ينصهروا فيه".
خبرات شخصية ثمينة
وقد أسعد القائمون على الندوة من الطرف المسيحي ما لاقاه نشاطهم من قبول كبير، ويقول هانز يورغ شميت من أكاديمية أسقفية روتنبورغ – شتوتغارت أننا قد تعلمنا الكثير وأن علوم الدين يمكن للمرء البحث عنها في المراجع، أما الخبرات الشخصية مع الحضارات الأخرى فلا تأتي إلا بالمعايشة.
ويعقب على ذلك بقوله: "لقد كان شيئا عظيما أن نحظى بوجود هؤلاء الأئمة المتحفزين والمهتمين، ونجاح هذه الندوة – وهو أهم النتائج – يكمن في دفع عجلة القضية إلى الأمام ومناقشة أمور بدقة، مثل: ماهي العلاقة بين الأديان والدولة في ألمانيا؟ ولماذا تحظى الكنائس بميزات خاصة، وكيف يمكن للجمعيات الاسلامية أن تأخذ جزءا من هذه الميزات؟ وكيف يمكن للحوار أن يهتم إلى جانب المسائل الدينية بمسائل خدمة المسنين والخدمات الاجتماعية أكثر مما هو عليه الآن؟ وفي حالة وجود هذا العمل الجماعي فإن ذلك يعتبر جزءا من الاندماج الملموس".
بقلم فيليس كروككول، دويتشه فيلله 2004
ترجمة عبد اللطيف شعيب